الحديث عن «أعلام الكويت» حديث لا يخلو من الفائدة خاصة لجيل شبابنا ليعلموا كم قدم هؤلاء الأعلام من تضحيات لوطنهم الكويت، فهم أشبه ما يكون بقول الحطيئة الشاعر:
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا
وإن وعدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
ولعل من بين هؤلاء الشيخ الفاضل يوسف بن عيسى القناعي وفي طليعتهم، فقد سبق من قبله وأتعب من بعده، فهو علم من أعلام الكويت كتب اسمه في سجل الشرف لتاريخ الكويت، واسمه كما ورد في كتب التاريخ الموثوقة «يوسف بن عيسى بن محمد بن حسين بن سلمان بن علي بن محمد بن سري القناعي».
وهذه الشخصية شخصية محورية تثير الاعتزاز والفخر بأبناء الكويت، فهو أساس كل حركة إصلاحية في القرن العشرين، فكل مشروع أساسه الخير والبر ومصلحة الوطن تجد الشيخ يوسف سباقا إليه، فهو معلم الخير، وممن استفاد من علمه الغزير الشيخ سالم المبارك الصباح تاسع أمراء الكويت، وابنه الشيخ عبدالله السالم الصباح الحاكم الحادي عشر، رحمهما الله.
وقد تسلم دفة القضاء بعد وفاة الشيخ الجليل عبدالله خلف الدحيان نزولا عند رغبة وطلب الشيخ أحمد الجابر الصباح عاشر أمراء الكويت، وكان مجلسه مفتوحا للعلماء وطلبة العلم ورواد الأدب والثقافة، فكان الشيخ يوسف معتدلا في آرائه محبا للتنوير، واستطاع بكل حنكة وجدارة أن يوفق بين الثقافة الدينية والعصرية، ولعب دور كبير في الحياة السياسية والحركة العلمية، وهو صاحب فكرة إنشاء البلدية وكان عضوا في المجلس البلدي والشورى ومجلس المعارف وعضوا في أول مجلس للأوقاف.
وقد عرف بالتفكير العقلاني الرزين مع قبوله بالرأي والرأي الآخر، وقد دعا إلى سرعة تعليم البنات وتأهيل المرأة للقيام بدورها كاملا في الأسرة والمجتمع.
إن الشيخ يوسف بن عيسى علامة فارقة في تاريخ الكويت بحكمته وعلمه وثقافته ورجاحة عقلة وإنسانيته ووطنيته الخالصة، فهو بحق قطب كبير من أقطاب الحركة العلمية والفكرية، وقد لقبه الشيخ عبدالعزيز الرشيد بـ «مصلح الكويت الفذ». وقد توفي عام 1973 عن خمس وتسعين سنة، رحمه الله.
ودمتم سالمين.