كل إنسان في هذه الدنيا يعيش ويتعايش مع الآخرين بحسب المكان والبيئة التي نشأ فيها فهي التي تشكل ملامح الحاضر والمستقبل إلى حد كبير، بمعنى ان الفرد منا حتى لو انتقل وتنقل من مكان الى آخر تبقى حياة النشأة والطفولة راسخة في وجدانه وآثارها تلازمه طوال حياته، حتى لو أراد ان يتخلص منها أو يتجاهلها أو يتمرد عليها، خصوصا اذا كان يعاني في تلك الفترة من نقص وقصور نتيجة لظروف اجتماعية او سلوكيات بشرية.
فطبيعة البشر تجدهم يتماشون وينتقلون من واقع إلى واقع آخر نتيجة تغيرات الحياة ولكن هناك أناسا لا يرضخون او يستسلمون للوضع الذي حولهم اذا كان قاسيا مثلا أو غير متماش مع طبيعة تفكيرهم وطموحهم فتجدهم دائما يتطلعون الى ما هو افضل حتى لو كانوا لا يملكون المقومات التي تؤهلهم لتغيير أوضاعهم. فلو تمعنا قليلا لوجدنا ان اكثر الأشخاص المشهورين على مر السنين من زعماء أو قادة عسكريين أو أطباء متميزين أو علماء أو أدباء معظم هؤلاء وجدوا أنفسهم في بيئات قاسية وفي ظروف صعبة، لكنهم لم يستسلموا مثل أقرانهم ومن كان يعيش معهم، فكروا وخططوا وكافحوا وصنعوا التغيير بأنفسهم ودخلوا التاريخ من أوسع ابوابه.
وعلى النقيض تجد اشخاصا خلقوا في مجتمعات مزدهرة وبيئات جاذبة متوافرا لهم فيها كل ما يحتاجون إليه وتجدهم يعيشون على الهامش لم يغيروا أو يصنعوا شيئا، بمعنى ان الإنسان هو الذي يتحكم في هذه الحياة ولا تتحكم فيه، لأنه هو من يملك القوة والعقل والقدرة على التغيير، فالواحد منا يجب ان يبحث عن الأفضل ويصنع التغيير ويكون له معنى وتجربة وألا يبقى جامدا.
إن الحياة رحلة سواء طالت أو قصرت، هناك من عاشوا فيها وعمروا ما يقارب قرنا من الزمن ولم يعرفهم احد ولم يقدموا شيئا وهناك أشخاص كانت فترة حياتهم قصيرة جدا رحلوا إلى خالقهم وهم في ريعان شبابهم ومازالت أصداؤهم وأفعالهم ونتاجهم باقية تتردد بين الناس إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها.
[email protected]