الدولة عبارة عن مثلث قياسي يحتوي على ثلاثة أضلاع متساوية والأضلاع الثلاثة تمثل «الأرض والشعب والسلطة»، وبفقد أحد هذه الأضلاع فإن كيان الدولة حتما سينتهي، وفي بعض الأحيان قد يتحول المثلث من قياسي إلى مشوه عندما يطغي أحد الأضلاع على الاثنين الآخرين، وهناك ثلاثة احتمالات لهذا الطغيان وهي كالتالي:
الحالة الأولى: تحدث عندما تتجه السلطة إلى سياسة القمع وهذا ما نراه واضحا في الأنظمة الديكتاتورية والتي تصنع أسوارا من الخوف حولها بكل الوسائل القمعية اللا إنسانية، فيستعر الظلم في الدولة كاستعار النار في الهشيم، ويتحول الشعب إلى قنبلة موقوتة ضد السلطة، وهذا ما حدث في رومانيا ضد الديكتاتور نيكولاي تشارتسكو، وفي ليبيا ضد الديكتاتور معمر القذافي، وغيرها من الدول ذات السلطات القمعية.
الحالة الثانية: تحدث عندما تكون السلطة ضعيفة ولا تستطيع أن توفر الأمن والاستقرار والحياة الكريمة للمواطن وبالتالي ينحاز الأفراد في المجتمع إلى قوة العرق أو الطائفة أو القبيلة، وهذا ما نراه واضحا في الشأن الداخلي اللبناني أو في الحرب الأهلية الرواندية بين الهوتو والتوتسي.
الحالة الثالثة: تحدث عندما تحتل الدولة من قبل دولة معادية او حدوث كارثة بيئية للدولة مثل ارتفاع منسوب المياه في المحيطات بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري التي أحدثت قلقا متزايدا لدى حكومة جزر المالديف المهددة حاليا بالغرق او كارثة صناعية مثل انفجار مفاعل تشرنوبل النووي في الاتحاد السوفييتي السابق بسبب خلل فني في قلب المفاعل وبعد ذلك تم إخلاء المدن والقرى المحيطة به إلى الآن منذ عام 1986.
وهناك حالة استثنائية وتتمثل بالضباط الانقلابيين الأحرار والحقيقة أنهم عبارة عن انقلابيين «سختجية»، والسختجي باللهجة العراقية تعني «الصايع الضايع» الذي يسعى لتدمير السلطة المركزية ليصبح رئيسا على الشعب ومن ثم يدمر الدولة بأكملها وهذا ما قام به الضابط الانقلابي السختجي عبدالكريم قاسم (كما يصفه العراقيون) ضد مملكة العراق التي أسسها الملك فيصل بن الحسين عام 1920 وانتهت عام 1957 بقتل الملك فيصل الثاني وكل أفراد عائلته وخاله عبدالإله الوصي على العرش ورئيس الوزراء نوري السعيد بقصر السيدية في بغداد على يد الشيوعي عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف الجميلي.
وبهذا الانقلاب انتهت الملكية في العراق وبدأت الجمهورية، ومنذ أكثر من 60 عاما لايزال الشعب العراقي يدفع ثمن هذا الانقلاب النحس.
ولو انهم احتكموا إلى الشريعة الإسلامية التي تنهى عن الخروج على طاعة ولي الأمر لكان خيرا لهم، ولكن للأسف كان الشيوعي عبدالكريم قاسم آنذاك لا يعرف شيئا عن الإسلام إلا اسمه.
أما في تركيا فإننا نجد أن الشعب التركي تصدى للانقلاب الأخير في تركيا وأنقذ الموقف بعد أن كادت تركيا أن تقع بنفس مستنقع الفوضى في العراق.
من جانب آخر، يظهر لنا مثلث الدولة المتزن والمتساوي الأضلاع واضحا في كل من الصين وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة واليابان وغيرها من الدول التي على شاكلتها.
وفي هذه الأيام تستعد الكويت لانتخابات برلمانية جديدة والشعب بحاجة لمن يمثله أفضل تمثيل، ويجب أن يكون قرار الناخب أمام الصندوق نابعا من قوة الحق والعقل والمنطق والقناعة والكفاءة والأهلية لهذا المرشح أو ذاك، بعيدا كل البعد عن العرق والقبيلة والطائفة، وللعلم هذه التيارات الثلاثة أنتجت لنا في السابق مجلسا ضعيفا لم يحقق حتى ١٠% من طموحات الشعب.
اعتقد أنه لهذا الحد كاف، وحان وقت التغيير وقد وصف لي أحد الأصدقاء هذه الحالة البرلمانية في الكويت قائلا: افترض أنك تزوجت امرأة واكتشفت أنها عقيم فليس لك حل أمامها إلا أن تطلقها وتتزوج بأخرى لكي تنجب لك الأبناء.. أليس كذلك؟!