- توقعات بوصول النمو غير النفطي إلى 3% بالعام الحالي في ظل تزايد وتيرة التطعيم بالكويت
- ارتفاع التضخم إلى 3.1% في أبريل نتيجة لقيود سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الغذائية
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني ان البيانات المتاحة تشير إلى أن الانتعاش التدريجي الذي شهده الاقتصاد الكويتي في الربع الأول من العام الحالي قد يمتد أيضا للربع الثاني من العام الحالي، إذ انتعش الإنفاق الاستهلاكي، وبدأ النشاط التجاري في التحسن ببطء، كما اكتسب الائتمان الشخصي زخما متزايدا، وتحسنت وتيرة أنشطة المشاريع تدريجيا.
في حين ارتفعت معدلات التضخم أيضا على خلفية الزيادة في أسعار المواد الغذائية والقيود المستمرة على سلاسل التوريد، وفي غضون ذلك واصلت سوق الأسهم ارتفاعاتها بدعم من تحسن المعنويات تجاه نمو الاقتصاد الإقليمي والدولي وذلك في ظل تخفيف قيود التنقل وتوسع برامج اللقاحات.
طريق طويل
ورغم ذلك تكشف أحدث المؤشرات الصادرة عن الحسابات القومية أن الاقتصاد الكويتي أمامه طريق طويل لاستعادة ما فقده العام الماضي جراء الجائحة. وينطبق ذلك أيضا على أوضاع المالية العامة، والتي تأثرت بشدة جراء الانخفاض الحاد في أسعار النفط العام الماضي والذي تسبب في شح سيولة صندوق الاحتياطي العام.
وعلى الرغم من أن الزيادة الأخيرة في أسعار النفط وتخطيها أكثر من 70 دولارا للبرميل ستساعد في تخفيف بعض الضغوط إلى حد كبير، إلا أن ارتفاع معدلات الإنفاق تعني أن الميزانية ستظل في حالة عجز ما لم تستمر أسعار النفط في الارتفاع (بشكل مستدام)، في حين سيظل تمويل العجز من أبرز التحديات التي يواجها الاقتصاد الكويتي ما لم يتم إقرار قانون الدين العام الجديد.
وكان مشروع قانون الرهن العقاري ومبادرات الاستدامة المالية من ضمن أبرز الركائز الرئيسية لخارطة طريق الإصلاح الاقتصادي التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا. إلا أن هناك بعض التحديات الرئيسية التي تواجه تعافي الاقتصاد على المدى القريب والتي تتمثل في عودة ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا مؤخرا على الرغم من توسيع نطاق جهود برنامج اللقاحات في الكويت (ما يقدر بنحو 3 ملايين جرعة حتى أواخر يونيو) مما يساهم في تعزيز التفاؤل بأن الضغوط الناجمة عن الجائحة ستتراجع بشكل ملحوظ في النصف الثاني من عام 2021.
تراجع حاد للناتج المحلي في 2020 بسبب الجائحة
كان التأثير السلبي لجائحة كوفيد-19 على النشاط الاقتصادي واضحا خلال العام الماضي وانعكس ذلك على بيانات الناتج المحلي الإجمالي التي نشرتها مؤخرا الإدارة المركزية للإحصاء.
الناتج المحلي الإجمالي
وتراجع الناتج المحلي بنسبة 8.9% في عام 2020 (-11.2% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020)، منكمشا بذلك للعام الثاني على التوالي (-0.6% في عام 2019) والذي يعد الأكثر حدة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.
وأصاب التراجع كل من القطاعين النفطي وغير النفطي اللذين سجلا انخفاضا بنسبة 8.8% في عام 2020. كما تراجع إنتاج النفط على خلفية التزام الكويت باتفاقية الأوبك وحلفائها لتقليص حصص الإنتاج - في إطار استجابة المجموعة للانخفاض القياسي في الطلب على النفط وتراجع الأسعار الناجم عن تفشي الجائحة في أبريل 2020.
وشهد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي (-8.8% في عام 2020، -7.4% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020) أشد معدلات الانكماش ضمن سلسلة البيانات السنوية المتاحة، إذ عاد الإنتاج إلى المستويات التي شهدناها لآخر مرة في عام 2014. أما على صعيد «الخدمات الأخرى» (-7.6% في عام 2020) والتي تشمل العقار والتصنيع (-32.6%) والتجارة (-12.1%) والاتصالات (-6.8%) فقد تضررت بشدة. إلا أن قطاع البناء والتشييد كان الأسوأ أداء، إذ تراجع بنسبة 43.2% نظرا لتأجيل العديد من المشاريع. وفي المقابل، تحسنت أنشطة الإدارة العامة والدفاع والتعليم والرعاية الصحية والعمل الاجتماعي.
قفزة بأسعار النفط
تجاوزت أسعار النفط في يونيو الجاري أعلى مستوى منذ أكثر من عامين، إذ راهنت الأسواق على تزايد انتعاش الطلب العالمي على النفط بينما تواصل الأوبك وحلفائها إحكام قبضتها على السوق من خلال تقييد إمدادات النفط. وتجاوز سعر مزيج خام برنت مستوى 70 دولارا للبرميل في مطلع يونيو، وواصل ارتفاعه ليبلغ 72.7 دولارا للبرميل (+14.4% على أساس ربع سنوي منذ بداية الربع الحالي). ووصل سعر خام التصدير الكويتي، وهو مزيج الخام المحلي، في آخر جلسات التداول إلى 72.4 دولارا للبرميل (+ 13.3% منذ بداية الربع الحالي) ووصل في المتوسط إلى 71.3 دولارا للبرميل منذ بداية يونيو حتى الآن. وفي ظل اتجاه مخاطر الأسعار على المدى القريب نحو الارتفاع، تتعرض الأوپيك وحلفائها لضغوط تجاه زيادة الإنتاج لمنع ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وبالنسبة للكويت، والتي أبقت على مستويات إنتاجها بما يتماشى مع حصص الإنتاج التي أقرتها الأوپيك وحلفائها أو ضمن تلك الحدود، فقد قامت بزيادة معدل الإنتاج بمقدار 28 ألف برميل يوميا ليصل إلى 2.355 مليون برميل يوميا في مايو الماضي (يعادل امتثال بنسبة 107%). ومن المقرر أن يرتفع الإنتاج بمقدار 28 ألف برميل يوميا إلى 2.387 مليون برميل يوميا في يونيو الجاري وأن يرتفع مجددا بمقدار 38 ألف برميل يوميا إلى 2.425 مليون برميل يوميا في يوليو المقبل.
وإذا توصلت الأوبك وحلفائها إلى اتفاق في الأشهر القليلة المقبلة يتم بمقتضاه تسريع وتيرة خطط تخفيف خفض الإنتاج، وهو الأمر الذي نتوقع أن يتم طرحه على طاولة النقاش، فمن المقرر أن تستفيد الكويت حينئذ من العائدات النفطية الإضافية التي ستنتج عن ذلك. وفي غضون ذلك قمنا أيضا بتعديل تقديراتنا لأسعار النفط (مزيج خام برنت) لعام 2021 (في المتوسط) من 62 دولارا للبرميل إلى 65 دولارا للبرميل في ضوء الاستقرار الذي شهدته الأسعار مؤخرا.
ارتفاع التضخم
تباطأت وتيرة نمو مؤشر أسعار المستهلكين هامشيا إلى 3.1% على أساس سنوي في أبريل الماضي (مقابل 3.2% في مارس) وهي المرة الأولى التي يتراجع فيها معدل التضخم الكلي منذ سبتمبر الماضي. وكان ذلك مدفوعا بتباطؤ وتيرة التضخم في قطاعات الملابس والسلع المنزلية والاتصالات، والتي ظلت مع ذلك في حدود 4-6% وسط تزايد ضغوط التكلفة التي تواجهها الشركات (بما في ذلك الضغوط الناجمة عن سلاسل التوريد) وأيضا يعزى للانتعاش القوي للإنفاق الاستهلاكي بعد الجائحة (برجاء النظر أدناه). ويعتبر التضخم الخاص بفئة الأغذية والمشروبات هو الأعلى (+10.8%) ضمن كافة القطاعات الفرعية لمؤشر أسعار المستهلكين مما يعكس ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية خلال العام الماضي. في المقابل، ظلت خدمات الإسكان ثابتة تقريبا ولم تطرأ أي تغييرات على معدلات الإيجار على مدى عامين. وتراجع معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد الغذائية والسكن، هامشيا إلى 2.7% في أبريل الماضي مقابل 2.9% في مارس. ويواصل التضخم مساره للوصول إلى 2.5% في المتوسط لعام 2021 ككل، مقابل 2.1% في العام الماضي.
عودة النشاط العقاري لمستويات ما قبل «كورونا»
قال تقرير «الوطني» ان نشاط قطاع العقار انتعش إلى مستويات ما قبل الجائحة، إذ ارتفع متوسط المبيعات الشهرية بنسبة 26% على أساس سنوي إلى 280 مليون دينار في الربع الأول من عام 2021، بالمقارنة مع أدنى المستويات المسجلة تاريخيا في الربع الثاني من عام 2020.
واستمر هذا الاتجاه خلال شهري أبريل ومايو الماضيين، إذ وصلت قيمة المبيعات إلى 322 مليون دينار في مايو على الرغم من استمرار ضعف قطاعي التجارة والاستثمار. ولم تشهد تلك المستويات سوى انتعاشا جزئيا فقط مقارنة بأدنى مستوياتها المسجلة في الربع الثاني من عام 2020 على خلفية تدهور أوضاع أنشطة الأعمال وسوق العمل بسبب الجائحة.
رحيل 130 ألف وافد من الكويت خلال 2020
أشار التقرير إلى ان الهيئة العامة للمعلومات المدنية كشفت عن مغادرة أكثر من 130 ألف وافد البلاد في عام 2020 (خاصة من العمال ذوي الأجور المنخفضة والمهارات المتدنية) بعد تقليص الأنشطة التجارية. إذ انخفض عدد سكان الكويت بنسبة 2.2% وعدد العاملين بنسبة 4.2%. ومن المتوقع أن تغادر المزيد من العمالة الوافدة البلاد خلال الفترة المقبلة على خلفية التغييرات المقترحة على قانون الإقامة، والتطبيق المستمر لسياسات التكويت والبيئة الاقتصادية الصعبة بصفة عامة.
ومن جهة أخرى، كشفت بيانات نظام معلومات سوق العمل تباطؤ وتيرة نمو إجمالي الأجور (الكويتيون والمقيمون) هامشيا إلى 3.5% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020 مقابل 3.6% في الربع السابق وذلك في ظل انخفاض أسعار النفط وضعف المناخ الاقتصادي.
العجز المقدر لميزانية 2020/2021.. يصل لمستويات قياسية
قال التقرير انه من المتوقع أن يصل عجز ميزانية السنة المالية 2020/2021 إلى 9.3 مليارات دينار (28.6% من الناتج المحلي الإجمالي) على خلفية مزيج من العوامل التي تتضمن تقليص إنتاج النفط وانخفاض أسعار النفط بشكل ملحوظ.
وكشفت البيانات عن تسجيل عجزا قدره 6 مليارات دينار في الأحد عشر شهرا الأولى من السنة المالية 2020/2021 (أبريل - فبراير) على خلفية تراجع الإيرادات النفطية (بلغ متوسط سعر خام التصدير الكويتي 41.5 دولارا للبرميل، -35.0% على أساس سنوي) وتقليص إنتاج النفط (-12.6%) على خلفية خطة الأوپيك وحلفائها لخفض حصص الإنتاج.
وواصلت الإيرادات غير النفطية، التي انخفضت بنسبة 16.1% على أساس سنوي، التعرض للضغوط الناجمة عن تداعيات الجائحة. من جهة أخرى، انخفض إجمالي الإنفاق بنسبة 7.4% نتيجة لتقليص النفقات الجارية (93% من إجمالي النفقات).