بيروت - عمر حبنجر
أمس كان يوم تأمل وصلاة من أجل لبنان في الفاتيكان، رعاه البابا فرنسيس بمشاركة رؤساء الكنائس المسيحية اللبنانية، ويوم آخر من أيام إقفال الطرقات والتظاهرات بعيدا عن محطات توزيع المحروقات التي أفرجت أو تكاد عن مخزوناتها بعد صدور التعرفة السعرية الجديدة، التي ضاعفت سعر البنزين والمازوت والغاز، انسجاما مع نسبة تراجع الليرة أمام جموح الدولار.
والراهن ان هموم الناس في لبنان تعدت تشكيل الحكومة، وصراعات السياسيين، لتتركز على المسائل المعيشية، من غذاء ودواء ومحروقات، وقد شهدت عدة مناطق لبنانية فوضى عارمة، حول محطات توزيع الوقود، وسجل سقوط اصابات عديدة بالرصاص او بالسلاح الابيض في الشمال والجنوب والبقاع. أبرزها ما حصل في طرابلس من مواجهة مع الجيش، وفي دير الزهراني في الجنوب، حيث سقط 12 جريحا بالتضارب بسبب أفضلية الدور في احدى محطات توزيع البنزين.
المشهد تعدل أمس، مع صدور التعرفة الجديدة للمحروقات، حيث تضاعفت الأسعار تماما، وبات سعر صفيحة البنزين 72 ألف ليرة، والمازوت 54 ألفا، أي بزيادة 25 ألف ليرة في غضون يومين، وقد باشرت الناقلات تفريغ البنزين والمازوت، لكن حركة الازدحام استمرت حتى ظهر أمس، وسجل إطلاق نار أمام محطة لتوزيع البنزين في مدينة زحلة، بسبب الأفضلية!
سياسيا، يكتسب لقاء الفاتيكان أهمية خاصة، كونه جمع بطاركة الأرثوذكس مع الكاثوليك في عاصمة الكثلكة المسيحية. وقد دعا البابا فرنسيس الى الوحدة مع لبنان روحيا، بالصلاة من أجل نهوضه من أزمته، وتسلم من رؤساء الكنائس اللبنانية أوراق عمل أعدوها للمناقشة في خلال جلستين صباحيتين مغلقتين في المقر البابوي في الفاتيكان.
رئيس الجمهورية ميشال عون تابع وقائع افتتاح الاجتماع الفاتيكاني عبر الشاشة ودعا اللبنانيين من كل الطوائف إلى اعتبار هذا اليوم محطة انطلاق لاستنهاض جميع مقومات رسالة لبنان في محيطه والعالم، وهي رسالة العيش معا على قاعدة الاعتراف بالحقوق والاحترام المتبادل والتوازن.
وقال: «نحن مدعوون جميعا، كل من موقعه، إلى ملاقاة تطلعات قداسته واصدقاء لبنان في العالم في استعادة قيم وجودنا وفاعلية حضورنا فنستحق ان نكون ونبقى وطن الرسالة».
بدوره، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري امل ان يتكلل لقاء الفاتيكان بالنجاح، وقال: ليس بغريب ان يبقى لبنان في قلب الفاتيكان.
من جهته، غرد رئيس التيار الحر جبران باسيل قائلا: وجود المسيحيين في لبنان، مرتبط بدورهم، واذا انتفى الدور انتفى الوجود، وتعاطي الفاتيكان معهم بأقل من ذلك، يصيبهم بأضرار بالغة، اقلها هجرتهم الكاملة، وهم ليسوا بحاجة لمن يفرض وجودهم بل للاعتراف بدورهم. «ووصف سفير لبنان لدى الفاتيكان فريد الخازن اللقاء بأنه أول اجتماع مسكوني من اجل لبنان. وفي الجلسة الختامية، وجه البابا رسالتين الأولى الى العالم بضرورة الحفاظ على لبنان النموذج، والثانية الى اللبنانيين، تدعوهم لمساعدة انفسهم، ليساعدهم العالم.
وقالت المصادر المتابعة لـ «الأنباء»: ان أوراق العمل التي اعدها بطاركة الكنائس في لبنان، لحظت في مضمونها وجهات نظر رؤساء المذاهب الإسلامية أيضا، استنادا لما سمعه بطريرك الأرثوذكس، من مفتي لبنان ومن رئاسة المجلس الشيعي الاعلى ومن مشيخة عقل الموحدين الدروز، والتي تعكس التمسك الحاسم بلبنان الرسالة والحدود والانتماء الى المحيط العربي الواسع.
وفي بيروت، كانت لافتة زيارة السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى السفير السعودي وليد البخاري، في دارته بمنطقة اليرزة، الذي استقبلها داخل الخيمة التي نصبها في حديقة المنزل، حيث شاركته الجلوس قعودا على الأرض، بحسب العادات العربية.
إلى ذلك، لم يلق عرض رئيس التيار الحر باسيل اعتماد المداورة في الرئاسات اللبنانية الثلاث، بين الطوائف الأساسية، الصدى المطلوب على المستويات السياسية او الطائفية، اقتناعا بغلبة عنصر المناورة وعدم الجدية.
وفي تغريدة تويترية لمنسق تجمع من اجل السيادة، نوفل ضو، قال: من علامات الزمن الرديء والوصولية السياسية وعصر الانحطاط، وغياب رجالات الدولة، تصريحات قرأناها عن المداورة في الرئاسات والانتخابات النيابية والرئاسية.
وأضاف: في الحقيقة، منظومة سياسية مريضة، ومجانين سلطة، لا علاقة لهم بهموم الناس»، لكنه لم يذكر صاحب الاقتراح بالاسم، وهو جبران باسيل.