قالت دورية " ديفنس وان " الامريكية المتخصصة فى الشأن الاستراتيجى والدفاعى ان قمة " اللقاء الاخير " التى جمعت الرئيس الامريكى جوبايدن والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل فى البيت الابيض قد أغلقت باب الامل الاخير امام حدوث تغيير جذرى فى السياسات الالمانية تجاه روسيا و الصين بما يجعلها اشد عدائية وشراسة تتماهى مع رؤى واشنطن .
واشارت الدورية الامريكية الى ان ما صرحت به ميركل عقب لقاء البيت الابيض من " الاصدقاء لا يوجد من - ما يمنع وجود خلافات بينهم فى بعض المسائل " هى اكبر دليل على ذلك وهى السيدة التى تستعد لترك منصبها نهائيا فى السادس والعشرين من سبتمبر القادم .
واجمعت تعليقات المراقبين الامريكيين التى اوردتها وسائل الاعلام الامريكية و شبكات الاخبار الامريكية على ان ستة عشر عاما قضتها ميركل على مقعد السلطة التنفيذية فى المانيا قد أكسبتها دهاء سياسيا بالغ الحدة حافظت به على العلاقات المتميزة مع الولايات المتحدة و تفادت به فقدان صداقة روسيا والصين .
و يرى المراقبون ان قمة ميركل الاخيرة مع الرئيس الامريكى بايدن كانت بمثابة قمة توديعية ، و برغم ذلك قالوا انها شهدت المحاول الاخيرة من جانب واشنطن لدفع المانيا الى تبنى سياسة اكثر شراسة تجاه الصين وروسيا بعد ان فشلت واشنطن فى تحقيق ذلك خلال قمة السبع الكبار " جى - 7 " التى استضافتها بريطانيا فى يونيو الماضى وشاركت فيها ميركل ونظيرها الامريكى .
يرى دانيال كوتيشز كبير محللى السياسات الدولية فى مؤسسة هيريتاج الاوروبية ان بايدن قد فشل فى قمة الدول السبع الشهر الماضى فى اقناع ميركل بتبنى الرؤية الامريكية المعادية للمصالح الروسية فيما يتعلق بمشروع نقل الغاز الروسى الى اوروبا عبر المانيا بدلا من نقله عبر الاراضى الاوكرانية .
ويقول ستيفين سوكول رئيس مجلس العلاقات الامريكية الالمانية ان السيدة ميركل فى قمتها الاخيرة مع بايدن فى البيت الابيض " لم تقدم تنازلات اللحظة الاخيرة " و انها بذلك قطعات الطريق على اى مطلب امريكى جديد من هذا النوع حتى السادس و العشرين من سبتمبر القادم وهو موعد ترك ميركل لمنصبها تاركة الامر الى شاغل منصب المستشارية الالمانية الجديد .
واضاف فى مقابلة مع شبكة سى ان ان الاخبارية الامريكية ، ان نافذة الامل التى تعلقت بها واشنطن " لدفع المانيا الى نهج اشد شراسة ازاء روسيا و الصين " بدأ فى الحادى و العشرين من يناير الماضى وهو يوم استلام بايدن للسلطة و كان من المفترض ان يمتد حتى السادس والعشرين من سبتمبر الماضى وهو موعد مغادرة ميركل لمنصبها .
واستبعد رئيس مجلس العلاقات الامريكية الالمانية احتمالية انفتاح " نافذة الأمل " مجددا اذ لن يجروء الجالس القادم عل مقعد ميركل - بحسب قوله - عل تبنى توجهات منساقة كلية مع رؤية الادارة الامريكية وما يعنيه ذلك من خسائر اقتصادية لالمانيا مع شركائها الاوروبيين .
وتعمل شركات المانية جنبا الى جنب مع شركات روسية فى بناء انبوب الشمال الذى ينقل الغاز الروسى الى اسواق اوروبا " انبوب نورد ستريم 2 " الذى شارف استكماله على الانتهاء ، وهوالمشروع الذى يزعج الولايات المتحدة التى فرضت عقوبات على روسيا وشركاتها هذا العام بسببه و استثنت الشركات الألمانية منها وهى الشركات التى تتولى بناؤه حاليا ، ويمر هذا الانبوب عبر اعماق بحر البلطيق حاملا الغاز الروسى الى المانيا قاضيا بذلك على ميزة كانت اوكرانيا تتمع بها لنقل الغاز الروسى وارادت موسكو سحب تلك الميزة منها بعد ان ولت اوكرانيا وجهها باتجاه الولايات المتحدة واوروبا بعد عقود كانت فيه موسكو قبلتها .
وقال المحلل الامريكى هانس كونانى مدير البرنامج الاوروبى فى مؤسسة شاتام هاوس الامريكية للدراسات الاستراتيجية وكبير باحثيه انه لا يتوقع كذلك حدوث اية تغير فى المواقف الالمانية تجاه روسيا والصين يتماهى " مع الرؤية الامريكية " حتى بعد ترك ميركل لمنصبها ، وقال ان القادم الجديد على مقعد المستشارية الالمانية سيجد نفسه مكبلا بمصالح عليا اقتصادية للشركات الالمانية تجعل من الصعب جعل القرار الالمانى مرتهنا بالمواقف الامريكية ، واشار الى ان السيدة ميركل قد وضعت كثيرا من اوراق المساومة الرابحة في يدي صناع السياسات الخارجية الالمان حيث تستضيف المانيا على اراضيها قواعد تمركز معظم القوات العسكرية الامريكية فى اوروبا البالغ قوامها 36 الف مقاتل من القوات العاملة الامريكية فى القيادة الاوروبية وقوات الناتو ، وكذلك تستضيف المانيا مقر القيادة الافريقية للجيش الامريكى "افريكوم" الكائن فى مقاطعة شتوتجارت .