في قراءة للمشهد المحلي العام بعد قرب الوصول إلى المناعة المجتمعية، وبعيدا عن تفاصيل كل القرارات الحكومية من تطبيقها لمواعيد الحظر الكلي والجزئي، وآلية تطبيقها للضوابط، سأركز على الجانب الاقتصادي الذي لا يرى خطورته الكثير من المواطنين كون الأغلبية تعمل بالحكومة، ولا تمثل لهم خسارة القطاع الخاص الأمر المهم، بنفس عقلية بعض من وضع قوانين الإغلاق خلال الجائحة، حيث يرونه بمفهوم: «التجار يا ما اربحوا... خل يخسرون عادي، تالي يعوضون خسائرهم!»، دون مراعاة أن القطاع الخاص هو شريك في تنمية البلد وعصب الاقتصاد وسمعة الكويت المالية بالخارج، إلى جانب ارتباط استقراره باستقرار بيوت العاملين فيه من مواطنين ووافدين شرفاء قدموا الكثير لهذا الوطن.
تناقضات حكومية شابت العديد من قراراتها، فعلى مستوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة كانت هناك انتقائية في تعطيل الأنشطة التجارية، أما على مستوى الشركات الكبرى فقد كانت في قمة التناقض، حيث قامت بفرض الحظر الكلي على جميع الأنشطة، ولكنها ألزمت الشركات التي بينها عقود مبرمة مع بعض الوزارات الحكومية المتعسفة بدفع مبالغ مالية عن فترة تعاقد لم تعمل فيها كونها التزمت بقرارات الحكومة في إيقاف النشاط! وأصبحت مهددة بالإفلاس إلى حين البت في قضاياها إزاء ذلك مع الجهات الحكومية المعنية بالمحاكم، والبعض الآخر ينتظر الإعفاء الذي هو حق له بناء على فتاوى من الفتوى والتشريع وقرارات من مجلس الوزراء بذلك، ولكن تعسف بعض الوزارات يؤخر ذلك!، وعلى الوجه النقيض ألزمت الحكومة شركات بدفع رواتب عمال بمشاريع حكومية متوقفة خلال فترة الحظر الكلي!
من ناحية أخرى، مازالت ومنذ بداية الأزمة والعديد من المشاريع الحكومية الخدمية والترفيهية والرياضية معطلة مثل: المنتجعات والشاليهات (شاليهات منتزه الخيران)، والملاعب ومسارح مركز جابر الثقافي ومركز عبدالله السالم الثقافي، وغيرها من المؤسسات الخدمية التابعة للحكومة، مع التزام الحكومة بدفع رواتب العاملين فيها، بينما مثيلاتها بالقطاع الخاص عادت الحياة فيها وأخرى لم تتوقف وتعمل وفق الضوابط والاشتراطات الصحية مما أمن لها موارد لدفع رواتب العاملين فيها.
للمال العام حرمة، وهذه المشاريع وجدت لكي تقوم بتمويل نفسها إلى جانب تقديم الخدمات للمواطن والمقيم، بالمقابل.. القطاع الخاص شريك في التنمية فلابد من تعزيز الثقة فيه وإعطائه الضمانات والأمان لكي يستقر ويستمر ويكبر، دون تضييق أو تعطيل، فلا يعقل أن تكافئ من يحترم القانون ويلتزم بقوانين الحكومة بالحظر أن تلزمه الحكومة التي فرضت عليه الإيقاف بدفع مبالغ مالية عن فترة جبرته بالتوقف!، في حين تدفع الحكومة كل التزاماتها من دون تأخير لمؤسسات معطلة!
[email protected]