الجيزة - هناء السيد
استقبل المتحف المصري الكبير، خلال الساعات الأولى من فجر امس، مركب الملك خوفو الأول، بعد 48 ساعة من بدء عملية نقله من مكان عرضه بمنطقة آثار الهرم إلى المتحف المصري الكبير.
ويهدف مشروع نقل مركب خوفو الأول إلى الحفاظ على أكبر وأقدم وأهم أثر عضوي، مصنوع من الخشب، في التاريخ الإنساني، وهو مركب خوفو الأول الذي يبلغ عمره أكثر من 4600 عاما، وعرضه بطريقة لائقة تتناسب مع أهميته بالمتحف المصري الكبير.
وقال اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة به، في تصريح، إن عملية نقل مركب خوفو الأول تعد واحدة من أهم المشروعات الهندسية الأثرية المعقدة والفريدة، مؤكدا أن فريق العمل لم يترك شيئا فيها للصدفة أو التجربة، فهي نتاج جهد وتعب ومجهود ودراسة وتخطيط وإعداد وعمل جاد امتد قرابة العام.
وأشار إلى أن عملية نقل المركب تمت بدقة شديدة مع ضمان كافة سبل الحماية للمركب، والتي تم نقله كقطعة واحدة داخل هيكل معدني وتم رفعه إلى العربة الذكية آلية التحكم عن بعد، والتي تم استقدامها خصيصا لهذا الغرض من الخارج، لتستقر المركب في موقعها الجديد في مبنى متحف مراكب خوفو بالمتحف المصري الكبير.
وأضاف أن هذه العربة لديها قدرة فائقة على التغلب على أي عوائق ممكن أن تواجهها في الطريق، وقدرة على المناورة في المنحنيات والملفات وامتصاص أي اهتزازات، وقد أثبتت العربة الذكية قدرتها على تنفيذ المهمة المكلفة بها لنقل المركب بنجاح أثناء تجارب المحاكاة العديدة التي قامت خلالها بالرحلة نفسها محملة بنفس أوزان وأبعاد وبروز المركب الذي يصل طوله إلى 42 مترا ووزنه إلى 20 طنا، مع تركيب أجهزة القياس الخاصة لاختبار أداء العربة وثبات الهيكل المعدني وميول الطريق، وذلك لضمان وصول المركب بأمان تام.
من جانبه، أكد د.مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن عملية نقل مركب خوفو جاءت بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية وفقا لقانون حماية الآثار، للحفاظ على المركب الذي كان معروضا في متحف باسمه تم بناؤه في الموقع الذي اكتشف فيه عام 1954 عند الضلع الجنوبي للهرم الأكبر بمنطقة آثار الهرم والذي ظل على مدار عقود يشوه المنظر الجمالي للهرم الأكبر، العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة، غير أن وسائل العرض والحفاظ على المركب به لا تواكب أساليب وطرق العرض الحديثة والمتطورة، فكان لابد من نقله للحفاظ عليه للأجيال القادمة.
وأوضح أن الأعمال التحضيرية لتنفيذ مشروع النقل تمت على يد لجان هندسية أثرية رفيعة المستوى بالتعاون مع جهات علمية محلية ودولية، مع الالتزام التام بضرورة تأمين المركب وعدم تعرضها لأي مخاطر أثناء عملية النقل.
وأضاف أنه في أغسطس 2020 تم غلق متحف مركب خوفو بمنطقة آثار الهرم، وبدأت أعمال تأهيل المركب لنقله لمبنى مراكب خوفو في المتحف المصري الكبير، والذي يتم تجهيزه حاليا بأحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية للعرض المتحفي، بالإضافة إلى أجهزة الرصد والقياس الحديثة للحفاظ على هذا الأثر العضوي الهام والفريد.
من جهته، قال د.الطيب عباس مساعد وزير السياحة والآثار للشؤون الأثرية بالمتحف المصري الكبير إنه قبل عملية النقل تم عمل مسح راداري للأرض الصخرية تحت مبنى المتحف القديم بمنطقة آثار الهرم حتى الطريق الأسفلتي في الجهة الشرقية، للتأكد من قدرتها على تحمل الأوزان والممرات والشدادات المعدنية التي تمت إقامتها لتأهيل المبنى والمركب للنقل.
وأضاف أن هناك فريقا متميزا من مرممي مركز ترميم المتحف المصري الكبير والمجلس الأعلى للآثار قاموا بعمل مسح بأشعة الليزر للمركب، لتوثيق أدق تفاصيله وتغليفه استعدادا للنقل، وبالتوازي مع ذلك، تم تصميم وتصنيع الهيكل المعدني حول المركب، وإقامة شدادات وسقالات معدنية خارج وداخل المبنى لتدعيمه.
وأكد د.الطيب عباس أن عملية إخراج المركب من مقره القديم واجهت تعقيدات وتحديات كبيرة، والتي تم التغلب عليها بواسطة اللجنة المشكلة من إدارة المتحف والأثريين به وزملائهم من المجلس الأعلى للآثار واستشاريين ومهندسين من مكاتب استشارية وأساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وتم وضع خطة سريعة لتدعيم المركب والمبنى.
بدوره، قال د.عيسى زيدان المدير العام التنفيذي للترميم ونقل القطع الأثرية بالمتحف إنه قبل عملية النقل قام فريق العمل من أثري ومرممي المتحف المصري الكبير وزملائهم من المجلس الأعلى للآثار بتوثيق جميع الأعمال التي تمت داخل وخارج المركب من الفك والتغليف والتدعيم والتعقيم، كما تم رصد جميع العلامات الموجودة على أخشاب المركب بواسطة المصري القديم، والتي أشار إليها أيضا المرمم أحمد يوسف من قبل، وهي علامات تخص اتجاهات القطع الخشبية وربطها ببعض وكذلك أرقام وترتيب تلك القطع، بالإضافة إلى تقييم حالة المركب وجميع أجزائها ككل وإعداد تقرير مفصل لحالتها قبل عملية النقل.
وأضاف أنه تم أيضا تنظيف المركب تنظيفا ميكانيكيا وتعقيمه بالكامل خلال جميع مراحل العمل، بالإضافة إلى القيام بتقوية الأجزاء الضعيفة بجسم المركب وحقن وتدعيم بعض الشروخ وتغليف بعض القطع التي تم فكها مثل المجاديف، وذلك باستخدام الأساليب العلمية المتبعة في نقل وتغليف الآثار وتأمينها داخل الصناديق الخشبية التي تم إعدادها مسبقا خصيصا لها.
وأشار إلى أنه تم عمل حواضن حول جسم المركب بالكامل وربطها بإحكام داخل الهيكل المعدني، وذلك لضمان ثبات المركب داخله لتفادي أية حركة أثناء عملية النقل، بالإضافة إلى تزويد المركب بأجهزة للقياس تم إعدادها لمراقبة البيئية المحيطة بها من درجة الحرارة والرطوبة وقياس الاهتزازات والصدمات أثناء عملية النقل.