أرجأت حركة طالبان مجددا أمس إعلان حكومتها التي قد تعطي تشكيلتها فكرة عن السنوات المقبلة في أفغانستان، حيث لا يزال النظام الجديد يواجه مقاومة مسلحة في وادي بانشير.
وبعد 3 أسابيع على عودة الحركة إلى الحكم، لا يزال الأفغان يترقبون الحكومة المنتظرة حالهم حال المجتمع الدولي.
وقد يفسر الوضع في بانشير، أحد المعاقل الأخيرة للمعارضة المسلحة ضد الحركة، التأخير في إعلان الحكومة الجديدة.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن قتالا دار أمس، بين المعارضة ومقاتلي طالبان رغم إعلان الأخيرة بسط سيطرتها على وادي بانشير شمالي العاصمة الأفغانية أمس الأول.
وقال فهيم داشتي المتحدث باسم جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية، التي تضم قوات معارضة موالية للزعيم المحلي أحمد مسعود، إن قوات طالبان وصلت إلى مرتفعات دربند على الحدود بين إقليمي كابيسا وبناشير، لكن تم صدها.
وأضاف داشتي في تغريدة: «الدفاع عن معقل أفغانستان لا ينكسر».
وقال مصدر في طالبان إن القتال مستمر في بانشير لكن التقدم تباطأ بسبب الألغام الأرضية المزروعة على الطريق المؤدية إلى العاصمة بازارك ومجمع حاكم الإقليم. وأضاف المصدر «عمليات إزالة الألغام والهجمات تجري في الوقت نفسه».
بدوره، تحدث نائب الرئيس السابق أمر الله صالح الذي يتواجد في وادي بانشير، عن «وضع صعب جدا» في رسالة عبر الفيديو، مؤكدا أن «المقاومة مستمرة وستستمر».
وهو ما أعلنه أيضا أحمد مسعود زعيم المقاومة في الإقليم ونجل الزعيم الراحل أحمد شاه مسعود. ونقل مسعود أن طالبان اقترحت إعطاء مقعدين لـ «جبهة المقاومة الوطنية» في الحكومة التي تعتزم تشكيلها.
وأضاف ان ذلك جاء «في وقت نطالب بمستقبل أفضل لأفغانستان. لم نفكر حتى في عرضهم»، معتبرا أن طالبان «اختارت طريق الحرب».
وكتب مسعود في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) «لن نتخلى أبدا عن القتال من أجل الله والحرية والعدالة».
ودوى إطلاق نار احتفالي في جميع أنحاء كابول أمس الأول مع انتشار تقارير عن سيطرة طالبان على بانشير. حيث نقلت رويترز عن 3 مصادر في طالبان أنها باتت تسيطر على كامل أفغانستان، بيد أن الحركة لم تصدر أي إعلان رسمي. وأكد أحد سكان بانشير لوكالة فرانس برس عبر الهاتف أن هذه الأنباء خاطئة. وذكرت وكالات أنباء أن 17 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 41 في إطلاق النار. وهو ما دفع بالمتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إلى توجيه دعوة في تغريدة لأنصار الحركة إلى التوقف عن «إطلاق النار في الهواء» و«حمد الله بدلا من ذلك».
ولليوم الثاني على التوالي تجددت أمس، الاحتجاجات النسائية في كابول وشوهدت نسوة يتمشين ذهابا وإيابا في الشوارع، فيما كان مقاتلو طالبان يحاولون تفريق التجمعات ومنع الأشخاص المتواجدين في المكان من التصوير بهواتفهم المحمولة. وأظهرت مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اشتباكات اندلعت خلال مظاهرة بشأن حقوق المرأة. وأصيب شخص واحد على الأقل، طبقا لما ذكره صحافيون، تبادلوا مقطع فيديو لامرأة تسيل الدماء من رأسها.
ونظمت الناشطات الاحتجاج، بالقرب من القصر الرئاسي الأفغاني، وحملن لافتات كتب عليها «لسنا نساء في التسعينيات من العمر».
وأظهرت لقطات فيديو، تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من 12 امرأة أفغانية، تواجههن قوات أمن مسلحة لطالبان، ما أثار مشاحنات. وشوهدت نساء وهن يسعلن، ما يشير إلى إطلاق غاز مسيل للدموع.
وزعمت نساء أخريات أنهن تعرضن للضرب.
بموازاة ذلك، نقلت قناة الجزيرة، عن سفير قطر لدى أفغانستان قوله إن فريقا فنيا تمكن من إعادة فتح مطار كابول لاستقبال المساعدات، إضافة الى أن الرحلات الداخلية استؤنفت.
وذكرت المحطة نقلا عن السفير أن مدرج الطائرات في المطار تم إصلاحه بالتعاون مع السلطات في أفغانستان. وأضافت أن رحلتين داخليتين أقلعتا من كابول إلى مدينتي مزار الشريف وقندهار.
بدوره، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي سيزور قطر من الاثنين إلى الأربعاء، عن أمله في أن تكون الحكومة التي ستشكلها طالبان «فعلا جامعة» وأن تضم شخصيات من خارج الحركة تكون «ممثلة للمجتمعات والمصالح المشتركة في أفغانستان».
وقالت مصادر في العاصمتين الباكستانية والأفغانية إن رئيس المخابرات الباكستانية اللفتنانت جنرال فايز حميد توجه إلى كابول جوا أمس. ولم يتضح بعد جدول زيارته، لكن مسؤولا كبيرا في باكستان قال الأسبوع الماضي إن حميد، الذي يرأس وكالة (آي.إس.آي) المخابراتية، يمكن أن يساعد طالبان في إعادة تنظيم الجيش الأفغاني.