- الكوس: مروجو الشائعات مرجفون عملهم يستحقون عليه التعزير
- السنان: الشائعات زادت أثناء العزلة الطويلة خلال أزمة «كورونا»
- الكندري: لا يقتصر خطرها اجتماعياً فقط بل تشكل خطراً أمنياً تجب مواجهته
قال الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، أمر صريح بالتثبت من الكلام عند سماعه والتحقق من صدق قائله حتى لا يؤدي التسرع إلى الندم بعد فوات الأوان، وللأسف اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تبث الشائعات، وخاصة اثناء تفشي فيروس كورونا، وقام البعض بنشر الذعر والخوف، وبعد انحسار كورونا اصبح المروجون للشائعات يبثون الخوف والهلع من اضرار التطعيم وآثاره السيئة على الجسم.
حول نشر الشائعات دون التأكد منها، نتعرف على رأي علماء الشرع والاجتماع:
في البداية، قال الشيخ د.أحمد الكوس: من خطر الشائعات ومطلقيها الذين سماهم القرآن الكريم المرجفين (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقُتلوا تقتيلا ـ الأحزاب: 60 و61)، والإرجاف في اللغة هو الاضطراب الشديد، ويطلق كذلك على بث الاخبار السيئة، وذكر الفتن التي بسببها يحدث الاضطراب بين الناس والاضرار بهم، وفاعل ذلك يستحق التعزير، والمرجفون هم مروجوا الشائعات بلغة العصر، لذلك امر الشرع بالتأكد من الكلام وما يترتب عليه من مفاسد قبل ترويجه ونشره في المجتمع، فقد قال الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، كما جعل القرآن الكريم نقل الكلام من دون تثبت من شأن المنافقين (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا)، والآية تؤكد انكار من ينقل الاخبار قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها.
من جانبه، يرى د.عبداللطيف السنان ان ما يحدث في الكويت الآن شيء خطير من نشر للأخبار المفبركة والملفقة حول مختلف المواضيع لإشغال الناس بالاختلافات ونشر الفتن بينهم، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكبر لوبي للشائعات، وازدادت هذه الظاهرة في عصر كورونا، فبعد ان كان التعامل بين الناس في منصات التواصل لتسهيل التعامل والتعرف على معلومة مفيدة، اصبحت خلال فترات العزل الطويلة منصة لتداول الشائعات.
ولم تخل منصة من اكاذيب وفيديوهات مفبركة وتركز أكثرها حول ربط جائحة كورونا بأسباب غيبية، وكل هذا يعمل على نشر الذعر والخوف في نفوس الناس الذين وضعتهم كورونا في قلق وتشبث بأي معلومة وتكون غير صحيحة.
وتساءل د.السنان: لماذا يتجه البعض إلى نشر الاكاذيب عبر هذه المواقع؟ وطالب بضرورة اتخاذ خطوات عملية لمواجهة «فتنة» الشائعات التي تعد من اشد الجرائم ضد الوطن والدين، مؤكدا ان النصوص الشرعية في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اكدت حرمة المشاركة بترويج الشائعات والاكاذيب والاقوال الكاذبة من غير ان يتثبت الانسان من صحتها قبل نشرها، لافتا إلى ان هناك من هو وراء ذلك ويعمل بشكل منظم نحو ضرب مكونات هذا المجتمع بعضها البعض، وقال: ان الواجب علينا جميعا درء هذه الفتن والتحذير منها ولا ننتظر الحكومة أو أي جهة رسمية، بل يجب علينا كأفراد المبادرة في هذا المجتمع الطيب لصد كل شائعة مغرضة للقضاء عليها في مهدها، وأن نعمل على حماية مجتمعنا والحفاظ على وحدته وترسيخ الروابط بين جميع أطيافه المتنوعة وان يحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه.
التصدي السريع
وحول خطورة الشائعات في المجتمع، يوضح أستاذ علم الاجتماع د.يعقوب الكندري أن الشائعات آفة اجتماعية تجب مواجهتها والحد من انتشارها، حيث تتضمن أخبارا كاذبة يبثها شخص أو عدة اشخاص وتنتشر في المجتمع بسرعة لتشكل خطرا على كيانه في معظم الأحيان، موضحا أن الشائعات نوعان، الأول الشائعات الدائمة طويلة المدى، اي تنتشر بشكل كبير وتهدد أمن المجتمع واستقراره وتستهدف كل فئات المجتمع بلا استثناء، والنوع الثاني هي الشائعات التي تستهدف فئة بعينها أو مجتمعا معينا وتكون شائعات مؤقتة تنتشر بشكل بسيط وتنتهي بسرعة دون أثر واضح، ولفت د.الكندري إلى أن هناك شائعات متعمدة تصدر أحيانا من جهات القرار لقياس الرأي العام تجاه قرار معين وشائعات غير مقصودة من خلال كلمات تصدر عن اشخاص بغير قصد ويتناقلها الآخرون بطريقة مختلفة، وكلما زادت رقعتها الجغرافية انحرفت عن مقاصدها الحقيقية، مشيرا إلى أن للشائعات ابعادا سياسية واجتماعية واقتصادية واجتماعية ودينية تؤثر في المجتمع واستقراره وكيانه وتساهم في خلق مفاهيم سلبية مثل الفئوية والمذهبية وزعزعة الأمن.
وشدد على ضرورة التصدي للشائعات من قبل الأجهزة الأمنية والإعلامية من خلال الشفافية والسرعة في بث الاخبار الصحيحة، لافتا إلى أن التكنولوجيا الحديثة ساهمت في سرعة انتشار الشائعات، لذا يجب مواجهتها بسرعة تضاهي سرعة انتشارها بشفافية ودقة حتى تسقط الشائعة وتموت كما لا يقتصر خطر الشائعة على الجانب الاجتماعي، بل يمتد خطرها ليشكل خطرا أمنيا وهو ما تلحظه القوانين والدساتير متضمنة عقوبات ضد مطلقي الشائعات بما من شأنه تحصين المجتمع من هذه الآفة.