عادت مفاوضات وقف اطلاق النار في قطاع غزة إلى المربع الأول، بعد أن رفض رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو طلب حركة «حماس» إنهاء الحرب على القطاع كشرط للموافقة. وعادت الخلافات الكبيرة بين اسرائيل و«حماس» للظهور خلال المحادثات التي أجراها في القاهرة وفد الحركة برئاسة عضو مكتبها السياسي خليل الحية وممثلين عن دول الوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.
واعتبر نتنياهو أمس أن «الاستسلام لمطالب حماس سيكون بمنزلة هزيمة مروعة لإسرائيل. وسيكون انتصارا كبيرا لحماس وإيران ومحور الشر بأكمله».
وأضاف «لذلك فإن إسرائيل لن توافق على مطالب حماس التي تعني الاستسلام، وستواصل القتال حتى تحقيق كل أهدافها».
وأضاف: «لا يمكن أن نقبل ذلك.. لسنا مستعدين لقبول وضع تخرج فيه كتائب حماس من مخابئها وتسيطر على غزة مرة أخرى، وتعيد بناء بنيتها التحتية العسكرية، وتعود وتهدد مواطني إسرائيل»، وفق ما نشر مكتبه. واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الحركة أظهرت ما يشير إلى أنها غير موافقة على الاتفاق، مضيفا أنه إذا كان الأمر كذلك فإن إسرائيل ستشن عمليات عسكرية في رفح ومناطق أخرى من قطاع غزة «في المستقبل القريب جدا».
وذهب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أبعد من ذلك، وخاطب نتنياهو قائلا «اذهب إلى رفح الآن!». وأضاف في تغريدة عبر منصة «إكس» أمس «لم نهاجم غزة واستقبلنا السابع من أكتوبر.. لم نهاجم بشكل سريع وتلقينا هجوما دقيقا.. نتنياهو اذهب إلى رفح الآن!».
في المقابل، رد رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية متهما نتنياهو بـ «تخريب» الجهود المبذولة للتوصل إلى هدنة.
وقال هنية في بيان إن «العالم بات رهينة لحكومة متطرفة.. ورئيسها يريد اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع، وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة».
وأكد هنية أن «حماس» ما زالت حريصة على التوصل لاتفاق شامل ينهي العدوان ويضمن الانسحاب ويحقق صفقة تبادل جدية.
وكان مسؤول كبير في حماس أكد مساء أمس الأول إن الحركة «لن توافق بأي حال من الأحوال على اتفاق لا يتضمن صراحة وقفا دائما للحرب».
واتهم المسؤول، بحسب وكالة «فرانس برس»، رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه «يعرقل شخصيا» جهود التوصل لاتفاق، وذلك لما اعتبره «حسابات شخصية»، مؤكدا أن «تعنت الاحتلال قد يعطل المفاوضات ونتنياهو يتحمل كامل المسؤولية» عن فشلها.
وأفاد بأن «حماس طلبت أن يتضمن الاتفاق نصا واضحا وصريحا يقول الاتفاق على وقف كلي ودائم لإطلاق النار»، مشيرا إلى أن «إسرائيل ترفض هذه النقطة حتى الآن».
في المقابل، اتهم مسؤول إسرائيلي حماس أمس الأول بأنها «تعرقل إمكان التوصل إلى اتفاق» تهدئة بإصرارها على وقف الحرب، وأكد مسؤول في «حماس» لوكالة الأنباء الفرنسية إن مباحثات السبت لم تشهد «أي تطورات». ولتسهيل المفاوضات، تواجد في العاصمة المصرية منذ الجمعة مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز.
وذكر مصدر في «حماس» أن المفاوضات استؤنفت أمس بين وفد الحركة والوسطاء القطريين والمصريين، غداة جولة أولى لم تحرز تقدما. وقالت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية نقلا عن مصدر وصفته بأنه «رفيع المستوى» أمس، أن المفاوضات «تشهد تقدما إيجابيا»، لافتة إلى أن «عودة السكان إلى شمالي القطاع من بين بنود الاتفاق». وقال المصدر «هناك تقدم إيجابي في المفاوضات، وما يتم نشره من بنود الاتفاق في وسائل الإعلام غير دقيق». وتابع «عودة السكان الفلسطينيين المهجرين من جنوبي القطاع لشماله من ضمن بنود الاتفاق.. والوفد الأمني المصري مستمر في مشاوراته مع جميع الأطراف». وانعكس التدهور على صعيد المفاوضات توترا على الأرض حيث أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» عن استهداف تجمع للجيش الإسرائيلي في موقع كرم أبو سالم ومحيطه بمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة. وقالت الكتائب، في بيان مقتضب: تمكن مقاتلونا من قصف تحشدات للقوات الإسرائيلية في موقع كرم أبو سالم ومحيطه بمنظومة الصواريخ «رجوم» قصيرة المدى من عيار 114 ملم.
واعترف الجيش الإسرائيلي برصد إطلاق نحو 10 قذائف صاروخية من مكان قريب من معبر رفح باتجاه كرم أبو سالم، مشيرا إلى اغلاق المعبر أمام مرور الشاحنات. وذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم» إن حادثا غير عادي في كرم أبو سالم «إثر إطلاق حماس وابلا من الصواريخ ما أدى إلى سقوط ضحايا». ووصفت وسائل إعلام أخرى الحدث بالخطير، وهناك حظر نشر على معلومات عن موقع سقوط القذائف والمصابين، مشيرة إلى أن سلاح الجو يشن غارات على مناطق في رفح ردا على قصف موقع كرم أبو سالم.
من جهتها، قالت «يديعوت أحرونوت» إن الجيش الإسرائيلي استدعى مروحيات إلى موقع كرم أبو سالم لإجلاء المصابين بعد تعرضه لقصف بالصواريخ.