تفاعلت أزمة «الغواصات» بين فرنسا من جهة وبين كل من الولايات المتحدة وأستراليا من جهة أخرى، حيث استدعت باريس سفيريها لدى البلدين في قرار غير مسبوق تجاه الحليفين التاريخيين اللذين أعربا عن أسفهما للقرار، مؤكدين حرصهما على العلاقة مع فرنسا والعمل على حل الخلاف معها.
وقال السفير الفرنسي لدى أستراليا أمس، إن كانبيرا ارتكبت «خطأ ديبلوماسيا جسيما» بعد أن تراجعت عن صفقة لشراء غواصات فرنسية بمليارات الدولارات لصالح صفقة بديلة مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها السفير الفرنسي في كانبيرا بعد أن قررت بلاده استدعاءه احتجاجا على موقف أستراليا.
وقال السفير الفرنسي جان بيير تيبو: «أعتقد أن هذا كان خطأ جسيما وتعاملا بالغ السوء مع الشراكة لأنه لم يكن عقدا بل شراكة يفترض أنها قائمة على الثقة والصدق والتفاهم المتبادل».
في المقابل، أعربت أستراليا عن أسفها للقرار، وإنها تثمن علاقتها مع فرنسا وستستمر في التواصل مع باريس بشأن قضايا أخرى.
وقالت المتحدث باسم وزيرة الخارجية ماريز باين في بيان إن «أستراليا تتفهم خيبة أمل فرنسا العميقة من قرارنا الذي اتخذ بما يتفق مع مصالح الأمن القومي الواضحة والمعلن عنها»، مؤكدة أن باريس شريك مهم تأمل كانبيرا في العمل معه مرة أخرى.
ويمثل الخلاف أدنى مستوى في العلاقات بين أستراليا وفرنسا منذ عام 1995 عندما احتجت كانبيرا على قرار باريس استئناف التجارب النووية في جنوب المحيط الهادي واستدعت سفيرها للتشاور.
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن فرنسا «حليف حيوي» وأن الولايات المتحدة ستعمل على حل الخلافات في الأيام المقبلة بما في ذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع المقبل، وذلك في إطار الشراكة الثنائية بين البلدين، واعدا بـ «التعاون» مع باريس «في ملفات عدة، بما في ذلك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ». وكتب برايس على تويتر: «لقد كنا على اتصال وثيق مع حلفائنا الفرنسيين» أنه «يتفهم موقف» الفرنسيين، مؤكدا أنه أحيط «علما بقرار باريس غير المسبوق استدعاء سفيرها في الولايات المتحدة «للتشاور».
من جهتها، قالت المتحدثة باسم المجلس الأمني الوطني ايميلي هورن: «نتفهم موقف - شركائنا الفرنسيين - وسوف نواصل مناقشاتنا معهم في الأيام المقبلة من اجل تسوية الخلافات مثل ما تمكنا من حل نقاط خلاف أخرى على مدى فترة تحالفنا الطويلة».
وأكدت هورن ان «فرنسا حليفتنا الأقدم وأحد أقوى شركائنا ونتشارك معها في قيم ديموقراطية وفي الالتزام بالعمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية».
وسيكون وزيرا الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي جان إيف لودريان في نيويورك الأسبوع المقبل لحضور الاجتماع السنوي للأمم المتحدة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، أعلن في بيان أنه «بناء على طلب رئيس الجمهورية، قررت أن استدعي فورا إلى باريس للتشاور سفيرينا لدى الولايات المتحدة وأستراليا».
وأضاف: «هذا القرار الاستثنائي تبرره الخطورة الاستثنائية لما أعلنته أستراليا والولايات المتحدة في 15 سبتمبر».
ويأتي الخلاف التاريخي بين الحلفاء، على خلفية إلغاء استراليا صفقة بمليارات الدولارات مع فرنسا لبناء 12 غواصة تقليدية بعد ابراهما شراكة أمنية مع بريطانيا والولايات المتحدة من ذمن بنودها بناء غواصات تعمل على الطاقة النووية.