كلف الرئيس التونسي قيس سعيّد م. نجلاء بودن بمنصب رئاسة للوزراء لتصبح أول سيدة تتولى منصب رئيسة وزراء في تاريخ تونس والمنطقة العربية، فيما توالت ردود الأفعال على هذا التكليف، راهنة مدى نجاحه أو فشله بقدرة رئيسة الحكومة الجديدة على تبني برنامج اصلاح اقتصادي واجتماعي متكامل لإنقاذ البلاد من أزماتها.
ففي وقت فضلت الأحزاب والقوى السياسية الرئيسية في البلاد (حركة النهضة، قلب تونس، التيار، وحركة الشعب) التريث قبل إصدار موافقها، عبر الأمين العام المساعد للاتحاد العام للشغل سمير الشفي عن ارتياح الاتحاد لتكليف نجلاء بودن بتشكيل حكومة جديدة، واصفا التكليف بأنه «مؤشر إيجابي في حد ذاته».
وقال الشفي في تصريحات صحافية «نسجل بارتياح تكليف رئيسة حكومة امرأة. في ذلك رسالة قوية جدا للمرأة التونسية في أن تتحمل مسؤولية على رأس الدولة».
وأضاف «من المهم أن تتوافر في رئيسة الحكومة الكفاءة والقدرة على التجميع، وأن تكون لها رؤية وبرنامج اقتصادي واجتماعي للقضايا الشائكة.. على ضوء ذلك سنحدد موقفنا من هذا التكليف».
وعبر الشفي عن أمل اتحاد الشغل في أن تكون رئيسة الحكومة المكلفة «شخصية لها القدرة على صياغة تشاركية لبرنامج إنقاذ لهذه المرحلة الصعبة، وعلى تنفيذ الاتفاقات المبرمة».
فيما علق الوزير السابق والقيادي المستقيل من حركة النهضة سمير ديلو قائلا «هل تعيين رئيس للحكومة لأول مرة في تاريخ تونس لحظة تاريخية فعلا؟!».
وأضاف ديلو في تدوينة على صفحته الرسمية على تويتر «للأسف تتزامن رمزية تعيين امرأة في هذا المنصب «الرفيع» مع تعليق الدستور وتفرد رئيس الجمهورية بصلاحيات.. استناد تعيينك للأمر 117 يجعل منه مخالفا للدستور (المجني عليه)».
أما النائب عن كتلة «تحيا تونس» في البرلمان المجمد وليد جلاد فشدد على أهمية تكليف امرأة بتشكيل حكومة، مشيرا في المقابل إلى أن «الأهم من ذلك هو أن يكون لديها برنامج اقتصادي واجتماعي متكامل لإنقاذ تونس من أزمتها وأن تكون لديها رؤية للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية».
بدوره، قال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لوكال «فرانس برس» إن تعيين بودن «اعتراف بدور النساء في تونس وقدرتهن على الادارة والنجاح»، مستدركا «ليست لها تجارب واسهامات في المواقع الحساسة.. لا ندري هل ستكون قادرة على مواجهة هذه الملفات الضخمة والمعقدة».
وجاء تكليف الرئيس قيس سعيّد لنجلاء بودن كرئيسة للوزراء بعد شهرين من عزله للحكومة السابقة وتجميد أنشطة البرلمان.
وقال بيان رئاسي إن سعيّد كلف «السيدة نجلاء بودن بتشكيل حكومة، على أن يتم ذلك في أقرب الآجال».
وقال الرئيس قيس سعيّد في خطاب تكليف بودن بث في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية على موقعها على فيسبوك على إنه يتعين الإسراع في اقتراح أعضاء الحكومة، معتبرا أن تونس أضاعت وقتا طويلا، مشيرا إلى أن تعيين امرأة رئيسة للوزراء هو تكريم وشرف للمرأة التونسية وأمر تاريخي يحصل لأول مرة في البلاد.
وطالب سعيّد بأن تكون مقاومة الفساد أولوية الحكومة التي ستواصل عملها حتى نهاية التدابير الاستثنائية التي أقرها قبل شهرين.
وقال الرئيس التونسي خلال استقباله نجلاء بودن في قصر قرطاج الرئاسي امس «سنعمل معا في المستقبل بإرادة وعزيمة ثابتة للقضاء على الفساد والفوضى التي عمت الدولة في العديد من المؤسسات».
ويرجح أن يكون دور رئيس الوزراء أقل أهمية مما كان عليه في الإدارات السابقة منذ انتفاضة 2011 بعد إعلان سعيّد الأسبوع الماضي أن الحكومة ستكون مسؤولة أمام الرئيس وأنه يمكنه اختيار أو إقالة الوزراء.
ونجلاء بودن (63 عاما) هي أستاذة تعليم عال في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وهي مختصة في علوم الجيولوجيا وكانت مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وكان قد تم تعيين بودن، في عام 2011، مديرة عامة مكلفة بالجودة بوزارة التعليم العالي، كما شغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكلفت بمهمة بديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن عام 2015، ولا يعرف انتماء سياسي أو حزبي لنجلاء بودن.