- الكوس: يجوز لها التطيب لزوجها وفي بيتها وعند محارمها
- الشمري: المحظور.. عند ذهابها للمسجد أوخروجها من بيتها
- المهيني: إذا لم يكن يقصد بالتعطر الإغواء فلا بأس به
قال مدير الأبحاث الشرعية في دار الإفتاء المصرية د.أحمد ممدوح انه يجوز للمرأة وضع العطر خارج المنزل، شرط أن يكون العطر خفيفا ولا تقصد به المرأة إثارة الغرائز أو استمالة قلوب الرجال فلا حرج فيه ما دام العطر غير فواح.. حول حكم تعطر المرأة نتعرف على رأي علماء الشرع:
إثارة الفتنة
يقول د.أحمد عبدالرحمن الكوس: لقد صان الإسلام المرأة من الفتن ومنعها من الخروج متبرجة ومتزينة، وكذلك منعها من التطيب، لما في ذلك من إثارة الفتنة بخروجها سواء للعمل او دخول الأسواق والأماكن المختلطة.
فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية». رواه أحمد وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة». رواه مسلم.
عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، رضي الله عنها وعن زوجها، قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا» رواه مسلم.
وبين إذا كان خروج المرأة للصلاة في المسجد متطيبة لا يجوز ومحرم، فمن باب أولى خروجها لغير المسجد متطيبة أيضا محرم. ويجوز للمرأة التطيب لزوجها وفي بيتها وكذلك عند محارمها فلا بأس بذلك.
وعلى المرأة المسلمة أن تلتزم شرع الله تعالى وتكون متبعة للكتاب والسنة، والحذر من الوقوع في المحرمات، وعلى الأزواج وأولياء الأمور من الآباء والأمهات تعليم النساء والفتيات أهمية التزام شرع الله، وعدم الخروج متطيبات ومتعطرات. والله أعلم.
محظورات
من جهته، بين الشيخ د.فرحان عبيد الشمري الحكم في تعطر المرأة فقال: استعمال العطر نوع من النظافة التي ترتاح إليها النفوس، وكل ما تقبله النفوس على الفطرة النقية، لا يتصادم مع الشرع.
وكثير من الناس يظن أن التعطر للمرأة محرم شرعا على الإطلاق، ولكن التحقيق أن العطر كغيره على الإباحة حتى يرد التحريم.
والوارد في النهي عن التعطر للنساء أن يشمه غير المحارم، ولكن لها أن يشمها زوجها ومحارمها.
ولذا جاء النهي في حديث أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا استعطرت المرأة، فمرت على القوم ليجدوا ريحها، فهي كذا وكذا. قال قولا شديدا». رواه أبوداود.
فإن محظورات تطيب المرأة ثلاثة:
أولها: حضور صلاة الجماعة في المسجد وهي متطيبة.
ثانيها: خروجها من بيتها يفوح منها رائحة العطر.
ثالثها: التبرج وقصد استدعاء شهوة الرجال.
فإذا انتفت هذه المحظورات الثلاثة، فلا حرج على المرأة في التزين بطيب ظهر لونه، وخفي ريحه.
فوضع المرأة للعطر يكون للزوج وكذلك للمحارم عند أمن الفتنة، وكذلك بين النساء، أو في بيتها، أما خروج المرأة بالعطر ليشمها الناس، فهذا منهي عنه، باتفاق العلماء.
واستشهد د.الشمري بالحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه» سنده صحيح أحمد وأبوداود.
عن يحيى بن جعدة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرجت امرأة في عهده متطيبة، فوجد ريحها فعلاها بالدرة، ثم قال: تخرجن متطيبات فيجد الرجال ريحكن، وإنما قلوب الرجال عند أنوفهم، اخرجن تفلات. سنده صحيح ((تفلات) أي غير متطيبات))
عن عطاء قال: كان ينهى أن تطيب المرأة وتزين ثم تخرج.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: استقبلته امرأة يفوح طيبها، لذيلها إعصار، فقال لها: يا أمة الجبار أنى جئت؟ قالت من المسجد، قال: آلله تطيبت؟ قالت نعم، قال: فارجعي، فإني سمعت حبيبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت لهذا المسجد حتى تغتسل كغسلها من الجنابة. رواه ابن ماجه. فكيف التي تتعطر لأماكن أخرى غير المسجد.
نهي عن التزين
ويقول الشيخ صلاح المهيني: هذه من القضايا الفقهية التي يجب النظر لجميع نصوصها قبل إطلاق الحكم عليها فمن الخطأ فقهيا الحكم في المسألة من خلال نص فقهي واحد فقط وهجر بقية النصوص دون تحقيقها أو النظر لشرحها.
بداية، لم يرد نص قرآني يتكلم عن حكم تعطر المرأة.. وإنما يندرج هذا التصرف في باب النهي عن التزين بشكل عام والذي جاءت به آيات قرآنية صريحة بذلك إلا أنه يجب النظر في السنة كونها شارحة لأحكام القرآن ومفصلة لما فيه من المجمل.
وإذا تأملنا الأحاديث الواردة في هذا الباب نجد أنها تنقسم لـ 3 أقسام:
قسم ينهى عن التعطر في أوقات معينة، وقسم ينهى عن التعطر لأفعال معينة، والثالث قسم يجيز للمرأة التعطر لظروف معينة.
وشرح المهيني كل قسم على حدة، وقال: بالنسبة للقسم الأول: فقد وردت أحاديث تنهى المرأة عن التعطر ليلا إن كانت ذاهبة لصلاة العشاء، فقد استقبل أبوهريرة رضي الله عنه امرأة متطيبة فقال أين تريدين يا أمة الجبار فقالت المسجد فقال وله تطيبت قالت نعم قال أبو هريرة إنه قال أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة تريد المسجد لم يقبل الله عز وجل لها صلاة حتى ترجع فتغتسل منه غسلها من الجنابة، وهذا النص وإن اختلف في تصحيحه وتضعيفه إلا أنه خصص النهي في وقت معين ولم يطلق النهي.
ولعل النهي هنا بسبب انتشار أهل الغواية في هذه الفترة من اليوم، فالاسلام لايحب أن يتعرض هؤلاء الناس للنساء خاصة اذا أردن الصلاة في المسجد.
أما القسم الثاني: النهي عن التطيب لأفعال معينة كالتي تتطيب بقصد إغواء الرجال، جاء في الحديث: أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية واللام الواردة في قوله: ليجدوا ريحها، هي لام التعليل أي أنها تعطرت بقصد إغواء الرجال وهذا لا شك في تحريمه.
والقسم الثالث: أحاديث أمرت فيها المرأة بالتطيب جاء في الحديث أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: خذي فرصة من مسك، فتطهري بها قالت: كيف أتطهر؟ قال: تطهري بها، قالت: كيف؟ قال: سبحان الله، تطهري، تقول عائشة: فاجتبذتها إلي، فقلت: تتبعي بها أثر الدم.
وهنا أمر صريح للمرأة بإزالة أثر رائحة الدم لما في ذلك من أذى للناس في حال خروجها من البيت بدون إزالة هذه الرائحة.
وفي حال الاحرام تقول أمنا عائشة رضي الله عنها: كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام. فإذا عرقت إحدانا سالت على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا ولو تأملنا هذا الموضع نجد أن في الحج اجتماع للناس، ومع ذلك لم يمنع النبي ﷺ النساء من الطيب، فالإسلام يأمر التنظف والتطيب في كل موضع يكون فيه اجتماع للناس.
وأكد المهيني اننا لو جمعنا بين هذه النصوص جميعا، لفهمنا أن الاسلام يريد الحفاظ على المرأة بكل الطرق التي لا تجعل للرجال طريقا لإيذائها، ومنها منعها من التطيب في أوقات معينة أو لأفعال معينة لكنه أيضا لا يريد أن يشتم منها رائحة كريهة لما في ذلك من أذى تسببه للناس فالذي يظهر لي والله أعلم.. أن التعطر إذا لم يكن بقصد الإغواء ولم تكن رائحته فواحة بل كان العطر خفيفا يمنع ظهور أي رائحة كريهة، فلا بأس به. والله أعلم.