كثفت القوى الأمنية في السودان أمس حملة التوقيفات التي تستهدف ناشطين ومتظاهرين محتجين على «الانقلاب»، وانتشرت في كل أنحاء العاصمة الخرطوم لمحاولة وضع حد للتحركات الشعبية الرافضة لقرارات الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي أعلن حالة الطوارئ وحل مجلس السيادة والحكومة، بينما دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى «تظاهرة مليونية» ضد «الانقلاب» بعد غد.
وأعلن الأطباء وعمال النفط انضمامهم لحركة العصيان المدني في البلاد.
ونشر تجمع المهنيين بيانا من اللجنة التسييرية لنقابة العاملين في القطاع النفطي جاء فيه «تعلن لجنتكم التسييرية الدخول في العصيان المدني الشامل وقوفا مع قرار الشعب الداعم للتحول المدني الديموقراطي حتى تحقيق هذا المطلب».
كما أعلن الأطباء أنهم سيشاركون في الإضراب، وقال المكتب الموحد للأطباء المؤلف من نقابات مختلفة إن الأطباء سيبدأون إضرابا عاما في مختلف أنحاء السودان.
في الوقت نفسه، تواصلت محاولة إسكات المعارضة، حيث تم توقيف مساعد رئيس حزب الأمة صديق المهدي، نجل رئيس الحكومة الراحل صادق المهدي، وأحد قياديي ائتلاف قوى الحرية والتغيير المطالب بتسلم المدنيين السلطة، وفق ما أفادت أسرته.
وشهدت شوارع الخرطوم انتشارا أمنيا مكثفا من الجيش وقوات الدعم السريع، لاسيما في شارع المطار.
وحاولت الشرطة إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون من شارع الستين، أحد أبرز الشوارع في شرق العاصمة، ونفذت حملة توقيفات شملت عددا من الشباب الذين كانوا في المكان، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وشهدت مدن أخرى غير الخرطوم تظاهرات فرقها عناصر الأمن، وفق شهود. ويقول المتظاهرون الرافضون «للانقلاب» إنهم لن يتركوا الشارع قبل عودة الحكم المدني للبلاد.
وفي هذه الأثناء، أعلن مدير الطيران المدني إبراهيم عدلان امس استئناف العمل بمطار الخرطوم. وكانت السلطات قررت امس الأول تعليق جميع الرحلات من وإلى البلاد حتى نهاية أكتوبر الجاري بسبب الاضطرابات.
ومع تصاعد الضغوط الدولية، حاول الجيش السوداني، استيعابها عبر إعادة رئيس الوزراء المقال عبدالله حمدوك الذي كان أوقف، الى منزله، مساء امس الاول، وذلك بعد تشديد دول غربية والأمم المتحدة على ضرورة الإفراج عنه. لكن مكتب حمدوك قال إنه لايزال «تحت حراسة مشددة»، مشيرا الى أن «عددا من الوزراء والقادة السياسيين لايزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة».
وفي بيان مشترك أمس، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم ومجموعة دول الترويكا في السودان والتي تضم بريطانيا والنرويج والولايات المتحدة بدعم من سفارة سويسرا «التمسك بالاعتراف برئيس الوزراء وحكومته كقادة دستوريين للحكومة الانتقالية».
وطالبوا «بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين». وأضاف البيان «نطلب بشكل عاجل أن نتمكن من مقابلة رئيس الوزراء».
بدورها، أعلنت الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن أجرى محادثة هاتفية مع حمدوك مساء امس الأول، رحب فيها بإطلاق سراحه.
وفي السياق، قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في إعلان مكتوب امس إن مجموعة البنك «علقت صرف أموال كافة عملياتها في السودان وتوقفت عن البت بأي عملية جديدة في وقت نراقب ونقيم الوضع عن كثب». وكان البنك الدولي يشارك خصوصا في آلية تخفيف دين السودان.
وأعلنت الولايات المتحدة تعليق جزء من مساعداتها للسودان، وذلك بعدما كانت واشنطن تعهدت بتقديم هذه المساعدات بعد أن رفعت اسمه عن لائحتها للدول الراعية للإرهاب في نهاية 2020.
وهدد الاتحاد الأوروبي بتعليق مساعداته للخرطوم، فيما اعتبرت موسكو من جهتها أن «الانقلاب» في السودان «نتيجة منطقية لسياسة فاشلة».
من جهته، أعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية السودان فيه «حتى الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنيين».
واعتبر الاتحاد في بيان امس ان سيطرة الجيش السوداني على السلطة أمرا «غير مقبول» و«إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديموقراطية للاتحاد الأفريقي».