بيروت - زينة طبارة:
رأت الخبيرة الاقتصادية د.سابين الكك، أن تجربة انسحاب شركة الفاريز ومارسال من التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان قد تعاد مرة ثانية على خلفية امتناع الحاكم رياض سلامة عن إعطاء داتا المعلومات المطلوبة من قبل الشركة، علما ان ما يمكن استنتاجه من البيان التوضيحي لمصرف لبنان هو ان الداتا التي قدمها سلامة لم تكن كافية من وجهة نظر الشركة، وعندما حاولت الأخيرة طلب معلومات إضافية وقع النزاع بين الجانبين، معربة بالتالي عن عدم استغرابها تصرفات سلامة، خصوصا ان استمراره في موقعه بالتوازي مع التدقيق الجنائي في حسابات المركزي يرسم علامات استفهام كبيرة، وذلك لاعتبار الكك ان التدقيق الجنائي بالمعنى القانوني للكلمة يعني ان الدولة اللبنانية تبحث عن ادلة تؤكد وقوع جرم مالي في حسابات مصرف لبنان، وهذا الأمر بحد ذاته اتهام مباشر لسلامة، وبالتالي أن يطلب من المتهم تسليم معلومات تدينه فهذا يعني أن هناك تناقضا كبيرا من شأنه ان يعطل إتمام المهمة.
ولفتت الكك في تصريح لـ «الأنباء»، الى ان ما تقدم يضع مصداقية حاكم مصرف لبنان على المحك، اضف الى ذلك انه في حال انسحبت الفاريز من مهمتها مرة ثانية سيكون انسحابها كالضربة القاضية للدولة اللبنانية، بدءا بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مرورا بمقررات مؤتمر سيدر، وصولا الى أي مبادرة انقاذ يراهن عليها الشعب اللبناني للخروج من الأزمة، خصوصا ان صندوق النقد الدولي، وقبل ان يبرم أي اتفاقية مع أي دولة متعثرة ماليا، يطلب منها ان يتأكد من حسن المراقبة داخل المصرف المركزي للدولة طالبة المساعدة، لأن الصندوق لا يتعاطى سوى مع القيمين على الخزينة مباشرة، أي مع وزارة المال والمصرف المركزي لا غير، معتبرة بالتالي ان سلامة يواجه قضايا تشكك بمصداقيته ومسيرته، وتشكل بالتالي عقبة كبيرة امام أي خطة انقاذية.
وأعربت الكك عن اعتقادها بأننا قد لا ننجح في ظل الظروف الراهنة، من انجاز التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وغيره من المؤسسات الرسمية والعامة، لكن ما يجب التوقف عنده والإضاءة عليه هو ان وراء ازمة المصارف اللبنانية ازمة الهوية المستقبلية للبنان، خصوصا ان القطاع المصرفي شكل خلال مرحلة ما بعد الطائف، عمق الدولة اللبنانية، وكان الممول الأساسي والرئيسي لمنظومة الفساد السياسية الحاكمة، الى جانب اركان الدولة المدنية والطائفية والزعاماتية.
وردا على سؤال، أكدت الكك أنه «داخل مصرف لبنان أسرار كبيرة، منها ما هو متوقع، ومنها ما هو صادم ولم يكن في الحسبان، خصوصا ان البنك المركزي لا يتعاطى فقط مع القطاع العام، انما تمر عبره كل الحركات المالية للمصارف، واهمها التحويلات المصرفية من والى الخارج، ناهيك عن اضطلاعه مباشرة على علاقات المصارف بدول العالم، فما بالك والمصارف اللبنانية تواجه دعاوى خطيرة من قبل اكثر من لوبي غربي واهمها اللوبي الاميركي، وذلك بتهمة المساهمة مباشرة في فتح قنوات مالية لحزب الله وشبكات تبييض أموال، ناهيك عن حركات مالية تخص النظام السوري والنظام العراقي وفصائل يمنية، ما يعني ان في حسابات مصرف لبنان كنزا من المعلومات، إضافة الى أرقام صادمة تخص الحاكم وكل من احتضنه من المنظومة السياسية خلال السنين والعهود المنصرمة، ومن هنا الاعتقاد، ان وراء تمنع سلامة عن تقديم كامل الداتا جهات سياسية كبيرة».