بتنحيه عن منصبه، أخلى رئيس الوزراء السوداني الساحة للعسكريين في البلد الغارق في العنف منذ الانقلاب الذي أطاح بالمدنيين من الحكم في أكتوبر، فيما تتصاعد الخشية من العودة إلى نظام استبدادي وزيادة تعقيد الازمة السياسية في البلاد.
والحصيلة مؤسفة منذ انقلاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان في 25 اكتوبر: قتل 57 متظاهرا بحسب لجنة الأطباء المركزية المؤيدة للديموقراطية، وتعرضت متظاهرات للاغتصاب وفقا للأمم المتحدة، وتعرض صحافيون للضرب وحتى التوقيف، وقطعت خدمة الانترنت والاتصالات.
وعلى الفور دعا تجمع المهنيين السودانيين، رأس الحربة في الانتفاضة ضد البشير في 2018-2019 وضد العسكر منذ 25 أكتوبر، إلى تظاهرات جديدة اليوم.
وغردت خلود خير، المتخصصة في الشؤون السودانية في مؤسسة «إنسايت ستراتيجي بارتنرز»، «استقالة حمدوك تحرم الجنرالات من واجهتهم وتظهر بوضوح أن الانقلاب ليس إلا عودة إلى سياسة البشير العسكرية».
وقال المحلل السياسي السوداني عبد الملك إسماعيل، بحسب وكالة أنباء (شينخوا) إن «خروج الله حمدوك من المشهد السوداني يمثل خسارة كبيرة وهزيمة لمشروع الانتقال الديموقراطي». وأضاف «حتى في ظل هذه الأزمة كان لحمدوك رمزية وقبول لدى بعض القوى السياسية، وبخروجه يصبح من الصعوبة إيجاد حلول تعتمد على الحكمة والحوار».
ورأى المحلل السياسي السوداني إبراهيم الامين أن استقالة حمدوك هزيمة للتيار الداعم للانتقال المدني والديمقراطي.
ومن جانبه، رأى المحلل السياسي السوداني عبد الرؤوف محيي الدين أن تأثيرات استقالة حمدوك لا تقتصر على الداخل السوداني فقط، وأنها تلقى بظلال كثيفة من الشك في الخارج.
وقال «من المؤكد أن دولا كبرى كانت ترى في شخص حمدوك رمزية للتحول الديموقراطي بالسودان، ومن شأن هذه الاستقالة أن تلقى بظلال من الشك خارجيا».
وفي الخارج، كانت ردود الفعل خجولة. فقد دعت الولايات المتحدة «القادة السودانيين إلى تنحية خلافاتهم جانبا من أجل ضمان استمرار السلطة المدنية»، وقال مكتب شؤون أفريقيا بوزارة الخارجية الأميركية، عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر،:«بعد استقالة رئيس الوزراء حمدوك، يتعين على القادة السودانيين تنحية الخلافات، والوصول إلى إجماع، وضمان استمرار الحكم المدني».
وأكد على ضرورة أن «يتم تعيين رئيس الوزراء ومجلس الوزراء القادمين في السودان بما يتوافق مع الإعلان الدستوري وبما يلبي تطلعات الشعب للحرية والسلام والعدالة».
فيما قالت بريطانيا إنها «حزينة جدا» لرحيل حمدوك. وقالت وزيرة شؤون أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية، فيكي فورد، بتغريدة على حسابها على تويتر إنها تشعر بحزن شديد لاستقالة رئيس الوزراء السوداني، داعية إلى احترام مطالب المنادين بالحكم المدني.
كما أضافت مثنية على رئيس الحكومة: «حمدوك كان يخدم السودان ويسعى لتحقيق رغبة شعبه في مستقبل أفضل».
إلى ذلك، أشارت إلى أن الملايين رفعوا أصواتهم منذ التدابير التي أعلنها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي للمطالبة بالحكم المدني، قائلة «يجب على قوات الأمن والجهات السياسية الفاعلة الأخرى الآن احترام تلك المطالب». وقال مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرثيس إنه «يأسف» لرحليه لكنه «يحترم» قراره.
وعلى صعيد الاحتجاجات المتكررة في البلاد، أعلنت «لجنة أطباء السودان» أن ثلاثة قتلى سقطوا في الاحتجاجات التي شهدها السودان يوم أمس الأول.