تابعت، بمشاعر جياشة ومتناقضة، بحماس شديد وكأنني أتابع مباراة أو تحديا بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ بحثا عن الحقيقة التي قد تكون مرة وموجعة في أغلب الأوقات، تتخللها لحظات فخر واعتزاز بوجود شخصية وطنية مخضرمة مثل الوزير والنائب السابق جاسم العون (بوعبدالعزيز) عبر متابعتي لبرنامج الصندوق الأسود في حلقاته الـ 36، فقد كان الفخر بوجود نموذج وطني محافظ ويقبل الجميع ولا يفرق بين أحد من أبناء وبنات وطنه، وبوصلته الوحيدة هي حب الوطن والذود عن مصالحه وأمواله، فقد كان بطلا وقت الغزو من دون أن يحمل السلاح بقيادته الحكيمة للحركة الشعبية وتوفير المستلزمات الأساسية للصامدين، وكوسيط مع الحكومة بالخارج لإيصال المال للشعب بمختلف المناطق، بالمقابل كان أداؤه في البرلمان كنائب قبل الغزو وفق حس وطني إصلاحي بعيدا عن التأزيم ولكن وفق «نريد العنب وليس الناطور» من خلال تحقيق الأهداف التي تخدم الوطن والمواطن بأسلوب جديد يعارض الصورة المسبقة التي كانت في ذهن الحكومة، كما وصفها المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، للعون بأنه توقع أن تكون مخرجات التيار السلفي متشددة في المعارضة.
ولأننا لن نوفي سيرة العون السياسية حقها مهما كتبنا كقراءة لمحتوى لقائه بالصندوق الأسود التي بلاشك قد يكون عليها جدل وانتقاد، ولكن سأركز في هذا المقال على نموذج جاسم العون كرجل دولة امتلك كل مقومات النجاح الأساسية، وأنجز الكثير من البصمات والأثر في بيئة عمل لا تختلف عن البيئة الحالية بتاتا، بل من الممكن أنها كانت أسوأ!
وجاسم العون كوزير حقق العديد من الإنجازات في وزارة الشؤون لعل أهمها الموافقة على إنشاء جمعية العون المباشر للدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله، أما في وزارة الإسكان فهو بشهادة رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون، أنجز فور توليه حقيبة وزارة الإسكان 11 ألف وحدة سكنية، فبفضله، بعد الله، يعيش الكثير من المواطنين في ضواحي القيروان وعبدالله المبارك وسعد العبدالله، بعد أن وضع خارطة طريق وخطة عمل لإنجاز 20 ألف وحدة سكنية بالسنة، أبلغ القياديين في وزارته أن من يريد أن يشارك في هذا الإنجاز يبقى ومن لا يريد يقدم استقالته الآن!، ولأن مثل هذا القرار يخالف مصالح بعض ملاك العقار الذين يملكون عشرات البيوت المستأجرة من قبل أكثر من 80% من الشعب الكويتي الذين يعيشون أغلب عمرهم تحت سكين الإيجار، لم نجد وزيرا آخر عمل مثل ما عمل العون لحل القضية الإسكانية، لاسيما أنه أدرك منذ البداية أنها مفتعلة، «فالأرض موجودة فضاء بواقع أكثر من 80% من مساحة الكويت، والعمال موجودون.. فقط المسألة أخذ القرار».
ومن دون الخوض في تفاصيل نجاحه الذي يدعو للمفخرة في حل مسألة المنطقة المقسومة مع المملكة العربية السعودية المعلقة منذ مئات السنين في 7 أشهر فقط فور تكليفه من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله.
أتمنى من القيادة السياسية ومن رئيس الحكومة أن يعيد تكليف (العم بوعبدالعزيز) ليترأس هيئة تنفيذ المشاريع الكبرى في تطوير الجزر الكويتية التي تعطلت لـ19 سنة لأسباب سياسية تدعو للإحباط، والتي لولاها لأمست اليوم فيلكا فعلا أحلى الجزر السياحية في الخليج العربي في عام 2011 الماضي أي قبل 11 سنة من دون أن تدفع الدولة أي دينار لتحقيق ذلك، بل كان سيدخل إلى خزينة الدولة ملايين الدنانير من القطاع الخاص ومن المستثمرين الأجانب.
ختاما: سعدت جدا بوجود شخصية وطنية مثل العم جاسم العون لم أكن أدرك ماذا قدمت للكويت، فهو قدوة لنا جميعا كمواطن كويتي عادي استطاع أن يحقق الكثير في رسالة مفادها «أن صاحب القرار.. المخلص والأمين والكفاءة.. متى ما وضع في المكان المناسب وأعطي كل الصلاحيات التي يحتاجها.. سيحقق لوطنه ما يريد».
[email protected]