تزايدت المخاوف من اندلاع صراع واسع النطاق في أوروبا الشرقية بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الاطلسي (الناتو) على خلفية الأزمة الأوكرانية، مع وصول التوتر بين الجانبين إلى أعلى مستوياته منذ انتهاء الحرب الباردة، فيما برزت بوادر تباين نسبي بين الموقفين الأميركي والأوروبي بشأن الخطوات الراهنة للتعامل مع تداعيات الأزمة وآليات حلها مع موسكو.
فقد قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «إن قضية التهديد الروسي يجب أن تكون مصدر قلق للعالم بأسره، وليس فقط لأوكرانيا والغرب».
وأضاف بلينكن، في تصريح صحافي نشرته الخارجية الأميركية عبر موقعها الإلكتروني امس «في حالة حدوث غزو روسي جديد وإدخال القوات الروسية إلى أوكرانيا، سيكون هناك رد سريع وخطير وموحد من جانب الدول الغربية».
وأعلن حلف «الناتو» أن دوله تستعد لوضع قوات احتياطية في حالة تأهب وأنها أرسلت سفنا ومقاتلات لتعزيز دفاعاتها في أوروبا الشرقية ضد الأنشطة العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ في بيان أمس «سيواصل حلف شمال الأطلسي اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية كل الأعضاء والدفاع عنهم، لا سيما من خلال تقوية دول التحالف الشرقية. وسنرد دائما على أي تدهور في بيئتنا الأمنية، بما في ذلك عبر تعزيز دفاعنا الجماعي».
وأشار الحلف إلى قرارات اتخذتها الدنمارك في الأيام الأخيرة بإرسال فرقاطة وطائرات حربية إلى دول البلطيق، ودعم إسبانيا لانتشارها البحري وتحضير هولندا «لسفن ووحدات برية في حالة تأهب» لقوة الرد السريع.
وأشار البيان إلى عرض من فرنسا لإرسال قوات إلى رومانيا، لافتا إلى أن «الولايات المتحدة أوضحت أيضا أنها تدرس زيادة وجودها العسكري».
في غضون ذلك، اعتبر الاتحاد الأوروبي أنه لا حاجة لـ «التهويل» من قبل واشنطن وسحب عائلات ديبلوماسييها من كييف التي انتقدت القرار الأميركي.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل أمس في بروكسل «لا أرى سببا للتهويل مادام المحادثات مع روسيا جارية، إلا إذا زودتنا الولايات المتحدة بمعلومات تبرر قرار» مغادرة عائلات ديبلوماسييها أوكرانيا.
وتابع: «لم نتخذ أي قرار للطلب من عائلات ديبلوماسيينا مغادرة أوكرانيا»، لأنه «ليس لدينا أسباب محددة لذلك».
بدورها، اعتبرت السلطات الأوكرانية أن قرار واشنطن إجلاء عائلات ديبلوماسييها في كييف «سابق لأوانه».
وكانت الولايات المتحدة قد أمرت في وقت سابق عائلات ديبلوماسييها في كييف بمغادرة أوكرانيا بسبب التهديد المستمر بعمل عسكري روسي ـ وفقا للخارجية الأميركية ـ ودعت الأميركيين، أيضا، إلى تجنب السفر إلى روسيا.
في المقابل، اتهمت موسكو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بتصعيد التوتر، وأفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن واشنطن و«الناتو» يصعدان التوتر عبر «هستيريا الإعلانات» و«الخطوات الملموسة»، مشيرا إلى أن خطر شن قوات أوكرانية هجوما ضد الانفصاليين الموالين لروسيا «مرتفع للغاية». وجدد نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو رفض موسكو للغة التهديدات والضغوطات العسكرية. وقال ان «حلف الناتو ينسب لنا نوايا عدوانية وهمية بحق أوكرانيا من أجل تبرير أنشطته المكثفة على أطراف الحلف الشرقية بالقرب من حدودنا».