قد يعتقد البعض أن الحرب العالمية الثالثة ستنطلق من أوكرانيا، ولكن لا يعلم الجميع أن هذه الحرب لا أحد من أطراف الصراع يريد أن يصل إليها، لأنها بمنزلة عملية انتحار لجميع أطراف الصراع، وهذا ما نراه واضحاً من خلال مشاركة حلف الناتو بما لا يزيد على 20 ألفاً من القوات العسكرية، وهذا الأمر غير منطقي مقابل 120 ألف جندي روسي، لذلك سيلجأ الطرفان إلى المواجهات الأقل حدة مثل حرب الاستنزاف والإرهاب والهجمات الإلكترونية.
وتكاد تكون هذه الأزمة مع الرئيس فلاديمير بوتين مشابهة لأزمة الصواريخ النووية الروسية في كوبا أثناء ولاية الرئيس الروسي السابق خرتشوف، ولكن بالعكس فأميركا في زمن الرئيس السابق جون كنيدي وجهت إنذارا شديد اللهجة إلى روسيا مطالبة روسيا بسحب هذه الصواريخ أو أن الأمر سيتحول إلى حرب عالمية ثالثة.
وبالنهاية قامت روسيا بسحب هذه الصواريخ وبعد هذه الأزمة دخلت روسيا وأميركا معاهدات الوفاق النووي «سالت 1» و«سالت 2» وتم كبح جماح السباق النووي أثناء الحرب الباردة بين الطرفين وتم التقليل من حجم مخزون الصواريخ النووية.
وما تخشاه روسيا من أوكرانيا هو أنه بعد انضمامها لحلف الناتو سيقوم هذا الحلف بإنشاء قاعدة صواريخ نووية قريبة من العمق الروسي، وهذا ما لا تريده موسكو لأن ذلك سيشكل نقطة ضعف في سياسة الردع النووي الروسي وسيقلل من التأثير السياسي والعسكري الروسي. يعني إضعاف الثقل السياسي الروسي عالميا.
ومما سبق أعلاه، يمكننا القول إن روسيا ستقوم بإسقاط الحكومة الأوكرانية الحالية وتضع مكانها حكومة موالية لروسيا، وتكاد تكون الأزمة مع أوكرانيا مشابهة إلى حد ما للأزمة الروسية مع الانفصاليين الشيشان والتي تم إسقاط حكومتهم وقتل جميع أعضائها وأولهم جوهر دوداييف وأصلان مسخادوف وعثمان علييف وشامل باسييف.
وقد تم استبدالها بحكومة موالية لروسيا وانتهت المشكلة بعد أن أصبح الحل الروسي العسكري أمرا واقعا وقد قبل به جميع الأطراف الدولية والمحلية، أو أن يتعرض الجيش الروسي لحرب عصابات طويلة الأمد (حرب استنزاف) لتحرير أوكرانيا وهذه الحرب حتما ستكون مدعومة من حلف الناتو، وقد تصل الأمور فيما بعد إلى إشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة. والله أعلم.