ارتفع مستوى التوتر مجددا بين الغرب وروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية بعد ساعات قلائل من الهدوء النسبي، حيث حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن خطر اجتياح روسي لأوكرانيا «عال جدا»، متهما موسكو بالكذب بشأن سحب قواتها من على الحدود مع أوكرانيا، التي تبادلت حكومتها الاتهامات مع الانفصاليين الموالين لروسيا في الشرق بقصف مواقع مختلفة كخطوة استفزازية.
وكثف الغرب وحلف شمال الأطلسي «الناتو» امس من التحذيرات بأن الهجوم الروسي على أوكرانيا بات وشيكا، وأن موسكو لا تسحب قواتها من الحدود الأوكرانية كما وعدت، بل تستمر على العكس بتعزيز انتشارها.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن «روسيا تتجه إلى غزو وشيك» لأوكرانيا رغم إعلانها عن انسحابات عسكرية.
جاء ذلك فيما اتخذت روسيا خطوة تصعيدية بطردها نائب السفير الأميركي في موسكو، بعدما كانت قد جددت روسيا التأكيد أنها لا تخطط لاجتياح أوكرانيا، رغم نشر أكثر من 100 ألف جندي روسي عند حدودها، ما يثير مخاوف لدى الدول الغربية من عملية عسكرية وشيكة ضد كييف.
وتوعدت روسيا بالتحرك، ولو عسكريا، في حال رفضت الولايات المتحدة مطالبها الأمنية الرئيسية، مكررة أنها تريد انسحابا للقوات الأميركية من وسط أوروبا وشرقها ودول البلطيق.
وكتبت الخارجية الروسية ردا على اقتراحات أميركية في شأن محادثات حول الأمن الأوروبي «في غياب استعداد لدى الجانب الأميركي للتفاهم على ضمانات قانونية راسخة لأمننا (...) ستكون روسيا مضطرة الى التحرك، وخصوصا عبر تنفيذ اجراءات ذات طابع عسكري وتقني».
وشددت موسكو في هذا السياق على «انسحاب كل قوات الولايات المتحدة وأسلحتها المنتشرة في وسط أوروبا وشرقها، في جنوب شرق أوروبا ودول البلطيق»، وتوقعت ايضا اقتراحات من الغربيين تهدف الى «التخلي عن أي توسيع مقبل لحلف شمال الاطلسي».
واذ رحبت روسيا باستعداد الولايات المتحدة «لعمل معمق على اجراءات مراقبة للأسلحة وتقليص للأخطار»، أكدت أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت المطالب الروسية الرئيسية مطروحة للنقاش ايضا.
وكررت موسكو في هذه الوثيقة أنها لا تعتزم تنفيذ أي اجتياح لأوكرانيا.
وبالتوازي، طردت روسيا المسؤول الثاني في سفارة الولايات المتحدة في موسكو بارت غورمان، وقال ناطق باسم الخارجية الأميركية لوكالة فرانس برس «ندعو روسيا ألى وقف عمليات طرد ديبلوماسيين أميركيين، بدون أساس» و«ندرس ردنا».
جاء ذلك فيما حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن خطر اجتياح روسي لأوكرانيا «عال جدا».
وقال بايدن أمام الصحافيين امس إن هجوما روسيا يمكن أن يقع «في الأيام المقبلة»، لافتا إلى أنه «لا نية» لديه للاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف «كل المؤشرات التي لدينا (تدل على) أنهم مستعدون لدخول أوكرانيا، لمهاجمة أوكرانيا».
بدوره، اتهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون روسيا بـ«الاستفزاز» بهدف «تشوية سمعة» كييف وتبرير تدخل عسكري، بعد اصابة حضانة للاطفال بقذيفة في شرق اوكرانيا، حيث تحدث الجيش الأوكراني والانفصاليون الموالون لموسكو عن عمليات قصف.
وصـــــرح جونسـون لصحافيين خلال زيارته قاعدة عسكرية بأن «حضانة للأطفال تعرضت لقصف، الأمر الذي نعتبره عملية لتشوية سمعة الأوكرانيين ولإيجاد ذريعة، (انه) استفزاز خادع لتبرير تحرك روسي».
وأضاف «لدينا خشية كبيرة من أن نرى مزيدا من الامور المماثلة في الأيام المقبلة».
ويرى البريطانيون والأميركيون أن موسكو قد تعد ذريعة في النزاع المستمر منذ ثمانية أعوام بين الجيش الأوكراني والإنفصاليين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا، وذلك لتبرير تدخل عسكري.
من جهته، ندد الجيش الأوكراني بهجوم على بلدة ستانيستا لوغانسكا تسبب بانقطاع الكهرباء عن نصف منازلها وأصاب مدرسة بقذيفة.
من جهتهم، اتهم انفصاليو لوغانسك ودونيتسك القوات الأوكرانية بتكثيف القصف بأسلحة ثقيلة.
في الغضون، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أسفه لأن مسار انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي «لا يتقدم»، وتمثل مسألة عضوية كييف في الحلف أحد أهم أسباب التوتر مع روسيا.
وقال زيلينسكي لصحيفة «بيلد» الألمانية «كدولة، نريد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، نقترب من ذلك منذ سنوات، لكن المسار لا يتقدم».
وأضاف «هناك عوامل وأسباب لذلك»، مؤكدا أن «روسيا ليست الوحيدة التي تعارض عضوية أوكرانيا».
وشدد الرئيس الأوكراني على أن بلاده لا تحتاج إلى جنود حلفاء أجانب على أراضيها لمواجهة روسيا، وقال في مقابلة مع موقع «ار بي كاي اوكرانيا» امس «لا نحتاج الى عسكريين مع علم أجنبي على أراضينا»، مضيفا أنه لا يريد «اعطاء سبب إضافي» لروسيا للتدخل العسكري.
الى ذلك، اعلن رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشنكو، حليف موسكو، أن بلاده ستكون على استعداد لاستقبال «أسلحة نووية» في حال وجود خطر من قبل الغربيين، في ظل اشتداد الأزمة حول أوكرانيا.
وقال لوكاشنكو «إذا اقتضت الحاجة.. سننشر أسلحة نووية، لا بل أسلحة نووية فائقة، أسلحة واعدة، دفاعا عن أراضينا»، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام البيلاروسية.
وأكد أن هذا قد يحصل إذا اتخذ «خصوم وأعداء» بيلاروس، حليفة روسيا في أزمتها مع الغرب بشأن أوكرانيا، «تدابير غبية».
وأضاف «إذا لم تكن هناك تهديدات من دول غير صديقة تجاه بيلاروس، لن تكون هناك حاجة إلى اسلحة نووية لمائة سنة».
سر «الجسر العائم» قرب حدود أوكرانيا
عواصم ـ وكالات: كشفت صور أقمار اصطناعية التقطت مؤخرا جسرا تكتيكيا عائما وطريقا جديدا تم بناؤهما فوق نهر رئيسي في بيلاروسيا قرب الحدود الأوكرانية.
ويقع كل من الطريق والجسر الجديدين فوق نهر بريبيات في جنوب بيلاروسيا، على بعد أقل من أربعة أميال من الحدود الأوكرانية، ويمكن أن تستخدمه القوات الروسية الموجودة حاليا في بيلاروسيا في بالطريق إلى العاصمة الأوكرانية كييف.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي التقطتها كل من Maxar وPlanet Labs، مظهر الجسر العائم الذي بني بين عشية وضحاها تقريبا.
وفي الوقت الذي لم تشاهد أي تجمعات لمدرعات بالقرب من الجسر، انتشرت قوات روسية بمواقع متقدمة على بعد نحو 80 ميلا إلى الشرق وشوهدت قافلة واحدة على طريق مؤد إلى المنطقة.
وقالت 3 مصادر مطلعة على الأمر لشبكة «سي.إن.إن» الاخبارية الأميركية إن مسؤولين بالمخابرات الغربية يتتبعون عن كثب أعمال البناء كجزء من البنية التحتية الداعمة التي تضعها روسيا قبل الغزو المحتمل لأوكرانيا.
ويرى مراقبون ان صور الجسر التي التقطتها الأقمار الاصطناعية بالقرب من الحدود الروسية ربما تسببت في تسريب خطط الكرملين الخفية لأوكرانيا.
«كراسوخا» والتشويش على القوات الأوكرانية
عواصم - وكالات: قالت صحيفة «بوبلار سيانس» الأميركية، إن الجيش الروسي في حالة الحرب، وقادر على تعقيد الدفاع بشكل خطير باستخدام أنظمة الحرب الإلكترونية وحدها، وعلى وجه الخصوص، منظومات «كراسوخا».
واشارت الى ان «الدبابات وحدها لا تستطيع كسب الحرب»، وسردت المعدات العسكرية الأخرى الموجودة في ترسانة القوات المسلحة الروسية لاسيما تلك الخاصة بأنظمة إطلاق الصواريخ ووسائل الحرب الإلكترونية. ووفقا لمراقبين أميركيين، إذا استخدمت القوات الروسية الحرب الإلكترونية باستخدام «كراسوخا 4»، فستكون قادرة ليس فقط على منع الاتصالات في القوات الأوكرانية، ولكن أيضا إشارات الاتصال بالطائرات دون طيار، التي تحاول أوكرانيا الاعتماد عليها. واضافوا: «سيتم حظر جميع إشارات GPS للقوات الأوكرانية. بمساعدة أنظمة الحرب الإلكترونية «كراسوخا 4»، ستكون القوات الروسية قادرة على إعاقة العدو في تلقي معلومات تشغيلية دقيقة حول الوضع في ساحة المعركة