تستعد الكيانات الروسية لتخفيف آثار العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي أعلنت عنها واشنطن، وذلك بالاعتماد على العملات المشفرة والأصول الرقمية، بحسب ما نقله تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» عن خبراء.
وأوضـــح الخبـــــراء للصحيفة الأميركية أن الكيانات الروسية تسعى لعقد صفقات مع أشخاص على استعداد للعمل معها من خلال استخدام العملات الرقمية بدلا من عملية تحويل الأموال عبر البنوك، التي تخضع لمراقبة الحكومات.
ووفقا للتقرير، تعتبر العقوبات من أقوى الأدوات التي تمتلكها الولايات المتحدة والدول الأوروبية للتأثير على سلوك الدول التي لا تعتبرها دولا حليفة، لاسيما أن الدولار هو العملة الاحتياطية في العالم.
ولكن المسؤولين الحكوميين الأميركيين يدركون بشكل متزايد احتمال أن «تقلل العملات المشفرة من تأثير العقوبات».
وفي أكتوبر الماضي، حـــذرت وزارة الخزانـــة الأميركية من أن العملات المشفرة تشكل تهديدا خطيرا بشكل متزايد لبرنامج العقــوبات، معتبـــرة أن السلطات بحاجة إلى تثقيف نفسها بشأن التكنولوجيا.
وأكد الخبراء أنه إذا اختارت موسكو طريق التهرب من العقوبات، فإن لديها العديد من الأدوات المتعلقة بالعملات المشفرة تحت تصرفها، وكل ما تحتاج اليه هو إيجاد طرق للتداول دون لمس الدولار.
وتعمل الحكومة الروسية على تطوير عملتها الرقمية الخاصة بالبنك المركزي، وهو ما يسمى بالروبل الرقمي الذي تأمل في استخدامه للتجارة مباشرة مع الدول الأخرى التي ترغب في قبوله دون تحويله أولا إلى دولارات.
ويمكن أن تساعد تقنيات القرصنة، الجهات الفاعلة الروسية على سرقة العملات الرقمية وتعويض الإيرادات المفقودة بسبب العقوبات.
وبينما يتم تسجيل معاملات العملات المشفرة على بلوكتشين «blockchain» (قاعدة بيانات)، ما يجعلها واضحة وشفافة، يمكن للأدوات الجديدة المطورة في روسيا أن تساعد في إخفاء أصل مثل هذه المعاملات، وسيسمح ذلك للشركات بالتجارة مع الكيانات الروسية دون الكشف عنها.
وفـــي أكتوبـر 2020، قال ممثلو البنك المركزي الروسي لصحيفة موسكو، إن «الروبل الرقمي» الجديد سيجعل البلاد أقل اعتمادا على الولايات المتحدة وأكثر قدرة على مقاومة العقوبات.
وسيسمح للكيانات الروسية بإجراء «معاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع أي دولة ترغب في التجارة في العملة الرقمية»، على حد قولهم.
ويمكن لروسيا أن تجد شركاء راغبين في دول أخرى تستهدفها العقوبات الأميركية، بما في ذلك إيران، التي تعمل أيضا على تطوير عملات رقمية مدعومة من الحكومة. وكذلك أطلقت الصين، أكبر شريك تجاري لروسيا في كل من الواردات والصادرات، عملتها الرقمية الخاصة بالبنك المركزي.
بدوره، قال يايا فانوسي، الزميل في مركز الأمن الأميركي الجديد الذي درس آثار العملة المشفرة على العقوبات، إن تطوير نظام البنوك المركزية التي تتبادل العملات الرقمية بشكل مباشر يخلق مخاطر جديدة. وأضاف: «تخفيف قوة العقوبات الأميركية يأتي من نظام تكون فيه هذه الدول قادرة على إجراء المعاملات دون المرور عبر النظام المصرفي العالمي».
وفي العام الماضي، ذهب أكثر من 400 مليون دولار من العملات المشفرة، إلى كيانات من المحتمل أن تكون تابعة لروسيا بطريقة ما، بحسب تقرير شركة «Chainalysis» للدراسات.
في المقابل، هناك دلائل على أن الولايات المتحدة تكثف مراقبتها لنشاط العملات المشفرة، حيث أعلنت وزارة العدل منذ أسبوع تقريبا أنها أنشأت فريقا جديدا لإنفاذ العملة المشفرة، وهي خطوة يبدو أنها تؤكد أن المدعين الفيدراليين يولون اهتماما إضافيا للسلوك السيئ بين مستخدمي العملات المشفرة.