حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب، من إقامة منطقة حظر طيران فوق الأراضي الأوكرانية، معتبرا ذلك بمنزلة إعلان حرب، فيما تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بعرقلة فتح ممرات إنسانية آمنة لعبور اللاجئين إلى خارج أوكرانيا، وذلك مع دخول الغزو الروسي لهذا البلد يومه العاشر.
وقال الرئيس بوتين، خلال لقاء مع مضيفات طيران من شركة «ايروفلوت» الروسية الحكومية أمس، إن «كل تحرك في اتجاه حظر الطيران فوق أوكرانيا سيتم النظر إليه من جانب موسكو على أنه مشاركة من الدول المعنية في الصراع المسلح»، واصفا العقوبات الغربية على بلاده بأنها «أشبه بإعلان حرب».
ونفى بوتين اعتزامه فرض الأحكام العرفية، على خلفية تداول شائعات بهذا الصدد جراء النزاع في أوكرانيا، وقال في رده على سؤال وجهته موظفات بشركة الطيران الروسية ايروفلوت «تطبق الأحكام العرفية في حال وقوع عدوان، لاسيما في المناطق التي يدور فيها قتال. ليس لدينا مثل هذا الوضع، وآمل ألا يحدث».
وأكد أن الجنود والضباط المحترفين فقط هم من يشاركون في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، منوها بأن الكرملين لا ينوي نشر مجندين من الوحدات أو الاحتياط.
وأكد الرئيس الروسي أن بلاده لديها ما يكفي من القوة للقيام بمهام العملية الخاصة في أوكرانيا لاسيما من القوات العاملة في القوات المسلحة الروسية، وقال «لدينا القوة والوسائل الكافية لحل مهام العملية الخاصة في أوكرانيا، والتي نحددها لأنفسنا بمساعدة جيش روسي محترف».
وأشار إلى أن «القوات المسلحة الروسية كان بإمكانها العمل بطرق مختلفة في أوكرانيا، لكن هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع قررتا أولا تدمير البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا».
بدوره قال دميتري بيسكوف المتحدث الصحافي للرئاسة الروسية (الكرملين)، إن العقوبات ضد بلاده لا تعني عزلها، مؤكدا أن العالم أكبر من أن تعزله الولايات المتحدة وأوروبا.
وأضاف بيسكوف في تصريحات للصحافيين امس «تبقى قنوات معينة للحوار مع الولايات المتحدة، بالرغم من أنها ترفض العلاقات مع موسكو وتعمل على تقليص العلاقات الاقتصادية وتتخذ مع غيرها من الدول الغربية تدابير تقييدية مختلفة على الاقتصاد الروسي».
وتابع «هذه العقوبات فرضت من قبل عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا واليابان وبعض البلدان الأخرى، لكن هذا لا يعني عزل روسيا لأن العالم أكبر من أن تتمكن هذه الدول من عزل أي دولة، خاصة دولة كبيرة مثل روسيا»، مشيرا إلى أن هناك في العالم العديد من الدول الأكثر توازنا ومنطقية في ديناميات تطوير العلاقات الدولية.
وتوعدت الخارجية الروسية باتخاذ إجراءات صارمة، لكن متناسبة، ضد المصالح البريطانية في روسيا، ردا على ما وصفته «بهيستيريا العقوبات» في لندن أثناء الصراع في أوكرانيا.
وقالت الوزارة إن بريطانيا اختارت بوضوح السير نحو مواجهة مفتوحة مع روسيا، الأمر الذي لم يترك لموسكو أي خيار سوى الرد باتخاذ إجراءات غير محددة حتى الآن «ستقوض بلا شك المصالح البريطانية في روسيا».
في المقابل، واصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تحدي موسكو وأعلن أن القوات الأوكرانية شنت هجوما مضادا حول خاركيف في الشمال وثاني مدن البلاد التي شهدت بعض أعنف عمليات القصف منذ بداية الحرب.
وظهر زيلينسكي في فيديو مصور من كييف امس، مشددا على أن القوات الأوكرانية كبدت القوات الروسية خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وأضاف أن «الجيش الروسي لم يستطع تحقيق أهدافه، بل خسر عشرة آلاف جندي معظمهم صغار» مؤكدا أن كييف تفعل كل ما بوسعها لإنهاء الحرب التي نشبت أواخر الشهر الماضي.
وفيما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الروسي من أجل وقف النار، أوضح أنه سيرى ما إذا كانت بلاده ستستمر فيها، موضحا أن فريق بلاده المفاوض في المحادثات التي جرت على الحدود ببيلاروسيا ناقش أول خطوة ألا وهي فتح الممرات الإنسانية وإعادة الحياة الى طبيعتها.
الى ذلك، قال مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الصين قد تكون وسيطا محتملا لإنهاء الحرب الجارية في أوكرانيا.
وأضاف بوريل في حوار مع صحيفة «إلباييس» الإسبانية امس، أن الصين قد تكون الطرف الوحيد الذي يمكنه فعل ذلك في الوقت الراهن، لأن الطرفين ـ الأوروبي والروسي ـ يثقان بها، على حد تعبيره.
في هذه الغضون، تبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات بشأن الفشل في توفير ممرات آمنة للمدنيين الفارين من مدينتين تحاصرهما وتقصفهما القوات الروسية في اليوم العاشر من حرب تسببت في أكبر أزمة إنسانية في أوروبا منذ عقود.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن وحدات منها فتحت ممرات إنسانية بالقرب من مدينتي ماريوبول وفولنوفاخا اللتين تطوقهما القوات الروسية.
لكن مجلس المدينة في ماريوبول قال إن روسيا لا تنفذ اتفاق وقف إطلاق النار اللازم لتوفير الممرات الآمنة وإنه بالتالي طلب من السكان العودة إلى المخابئ وانتظار المعلومات الجديدة بشان الإجلاء.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن وزارة الدفاع الروسية اتهمت «القوميين» الأوكرانيين بمنع المدنيين من الخروج من المدينتين.
وفيما دارت معارك طاحنة حول العاصمة كيف، تعرضت ماريوبول، وهي ميناء في جنوب شرق أوكرانيا، لقصف عنيف فيما يشير إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها لها موسكو بسبب موقعها بين المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود والتي ضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014.
ويأتي حصار ماريوبول فيما تقترب القوات الروسية من كييف وتواجه مقاومة عنيدة، خصوصا في تشيرنيغوف الواقعة على مسافة 150 كيلومترا شمال العاصمة، حيث قتل عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة.
وأقر وزير الدفاع الأوكرانــــي أوليكسي ريزنيكوف امس، بأن الروس تقدموا في اتجاهات عدة لكنه أكد أنهم لا يسيطرون إلا على «جزء صغير» من أراضي البلاد، وأن المقاتلين الأوكرانيين «يتصدون لهم».
زيلينسكي ينفي هروبه: ما زلت في كييف للدفاع عن وطني
كييف: نشر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، فيديو ظهر فيه مع مساعديه أمام مقر الرئاسة، وأكد فيه أنه موجود في كييف للدفاع عن أوكرانيا رغم تقدم القوات الروسية. وقال زيلينسكي: نحن جميعا هنا، جنودنا هنا، المواطنون، المجتمع، نحن جميعا هنا للدفاع عن استقلالنا ودولتنا. واضاف: «هناك معلومات جديدة كل يومين تفيد بأنني هربت من أوكرانيا، من كييف. أنا هنا حتى الآن، ورئيس مكتبي موجود هنا». ويأتي ظهور زيلينسكي في الوقت الذي تداولت فيه وسائل إعلام روسية وأميركية خبر نقله إلى ملجأ محصن مع اقتراب القوات الروسية من كييف. كما جاء بعد ساعات من تردد معلومات عن فراره إلى پولندا، وانه يختبئ في السفارة الأميركية.
موسكو تستدعي سفير واشنطن بعد دعوة سيناتور لـ «اغتيال بوتين»!
عواصم ـ وكالات: أثار السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام تفاعلا واسعا بعد تغريدة نشرها فُسرت على أنها دعوة لـ«اغتيال» الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وقد استدعت وزارة الخارجية الروسية السفير الأميركي لدى موسكو للاحتجاج على تصريحات غراهام. وكان غراهام قد دعا الى أن يقوم «شخص ما في روسيا» باغتيال الرئيس فلاديمير بوتين بعد غزو موسكو لأوكرانيا، وذلك في مقابلة تلفزيونية مع شبكة «فوكس نيوز»، وقال: «كيف ينتهي هذا الأمر؟ يجب على شخص ما في روسيا أن يصل الى مستوى المسؤولية.. ويزيح هذا الرجل». وكرر غراهام هذه الدعوة لاحقا في سلسلة تغريدات قائلا: «الوحيدون القادرون على تصويب الأمور هم الشعب الروسي». وتساءل: «أليس هناك من بروتس في روسيا؟» في إشارة إلى أحد قتلة الحاكم الروماني يوليوس قيصر. وردا على ذلك، قال السفير الروسي لدى واشنطن، اناتولي انتونوف، وفقا لما نشرته السفارة الروسية على صفحتها الرسمية بفيسبوك: «أجد تصريح السياسي الأميركي مرفوضا ومثيرا للغضب.. إن درجة الفوبيا من روسيا والكراهية في الولايات المتحدة تجاه روسيا خارج النطاق.. من المستحيل تصديق أن عضوا في مجلس الشيوخ لدولة تروج لقيمها الأخلاقية كـ«نجمة مرشدة» للبشرية جمعاء، يمكنه تحمل الدعوة إلى الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهداف واشنطن على الساحة الدولية».