بدخول الحرب الروسية في أوكرانيا يومها الحادي عشر امس، شنت اميركيا هجوما سياسيا على موسكو، وشددت واشنطن على عدم وجود رابط بين الأحداث في اوكرانيا ومحادثات البرنامج النووي الايراني في فيينا، فيما واصلت القوات الروسية في اليوم الحادي عشر من غزو أوكرانيا تقدمها نحو العاصمة كييف في الشمال مستهدفة المدن الأوكرانية بعمليات قصف أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 364 مدنيا وجرح أكثر من 759 آخرين، كما تسببت في تهجير أكثر من 1.5 مليون شخص خارج بلادهم، بحسب احدث احصاءات الأمم المتحدة التي حذرت من أن ذلك يعني وجود «أزمة لجوء تعد الأسرع تفاقما» في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد قلل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أهمية المطالب الروسية بالحصول على ضمانات من أن العقوبات الجديدة المفروضة عليها على خلفية غزو أوكرانيا لن تؤثر على حقوق موسكو الواردة في التفاهم بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وقال بلينكن عبر شبكة «سي بي إس» الاخبارية أمس إن العقوبات المفروضة على روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا «لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني.. لا رابط بين المسألتين بأي شكل من الأشكال، لذا أعتقد بأن (المطالب الروسية) خارج السياق».
وفي حديث منفصل مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، أفاد بلينكن عن «تقارير موثوقة للغاية» تشير إلى ارتكاب روسيا جرائم حرب في هجومها على أوكرانيا.
وقال «اطلعنا على تقارير موثوقة للغاية عن هجمات متعمدة على مدنيين ترقى إلى جرائم حرب» مؤكدا أن الولايات المتحدة «تنظر» في هذه المعلومات.
واعتبر وزير الخارجية متحدثا من مولدافيا بعدما زار پولندا على الحدود الأوكرانية، أن الحرب قد «تستمر لبعض الوقت» لكنه رأى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «محكوم عليه بالهزيمة» في أوكرانيا. وتابع «الانتصار في معركة لا يعني الانتصار في الحرب. والسيطرة على مدينة لا تعني السيطرة على قلب الشعب الأوكراني وروحه».
من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن ضربات صاروخية روسية دمرت امس مطار فينيتسيا في وسط أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني في فيديو عبر تطبيق تلغرام «تبلغت بأن ضربات صاروخية استهدفت فينيتسيا» المدينة البالغ عدد سكانها حوالى 370 ألف نسمة، مضيفا أن «المطار دمر بالكامل».
وأخذ زيلينسكي على الدول الغربية رفضها فرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا وتمنعها عن تسليم أوكرانيا طائرات مقاتلة، وقال «نردد ذلك كل يوم: أغلقوا السماء فوق أوكرانيا، أغلقوها أمام الصواريخ الروسية والمقاتلات الروسية وكل هؤلاء الإرهابيين».
من جهة اخرى، وجه الرئيس الأوكراني نداء للشعب الروسي طالبه فيه بالخروج إلى الشوارع للاحتجاج على الغزو الروسي لبلاده وإلا فإنه سيواجه الفقر والقمع.
وتحول زيلينسكي في خطاب بثه التلفزيون من اللغة الأوكرانية إلى اللغة الروسية قائلا «يا مواطني روسيا. اذا التزمتم الصمت الآن فلن يتحدث باسمكم سوى الفقر فيما بعد ولن يجيب سوى القمع».
ونوه ان الروس شأنهم شأن الشعب الأوكراني أمام خيار «بين الحياة والعبودية».
بدورها، وصفت السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة أوكسانا ماركاروفا روسيا بأنها «دولة إرهابية».
في المقابل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لنظيره التركي رجب طيب أردوغان، أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تسير كما خطط لها، مشددا على أن بلاده لن توقف عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا إلا إذا أوقفت كييف القتال واستجابت للمطالب الروسية.
وذكرت الرئاسة الروسية (الكرملين) في بيان «أن الرئيس بوتين أبلغ نظيره التركي أن العملية العسكرية لحماية «دونباس» يمكن أن تتوقف بشرط توقف كييف عن القتال واستجابتها للمطالب الروسية».
وأشار إلى أن بوتين أكد على استعداد بلاده للحوار مع السلطات الأوكرانية ودول أخرى لحل النزاع.
في الاثناء، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر توقف ثاني محاولة لإجلاء المدنيين من مدينة ماريوبول الاستراتيجية الذي تحاصرها القوات الروسية في جنوب شرق أوكرانيا.
وأفاد الصليب الأحمر في بيان أنه «وسط مشاهد معاناة بشرية هائلة في ماريوبول، توقفت محاولة ثانية للبدء بإجلاء حوالى مائتي ألف شخص من المدينة»، بعد وقت قصير على فتح المنظمة ممرا إنسانيا لإخراجهم، وسط تبادل موسكو وكييف اتهامات بعدم احترام التعهدات المقطوعة.
ودعا الصليب الأحمر الطرفين إلى التوافق على «الشروط الخاصة» باتفاقات الإجلاء.
وأكد الأوكرانيون أن الروس واصلوا إطلاق النار فيما كان المدنيون يتجمعون لتشكيل موكب، فيما اتهم الروس الطرف الأوكراني باستخدام المدنيين «دروعا بشرية».
إلى ذلك، عزز جنود أوكرانيون الدفاعات حول العاصمة الأوكرانية كييف وحفروا خنادق وأغلقوا الطرق ونسقوا مع وحدات الدفاع المدني في الوقت الذي قصفت فيه القوات الروسية المناطق المحيطة وهاجمت البلدات والقرى المجاورة.
وأظهر مقطع مصور سجلته القوات المسلحة الأوكرانية في كييف الجهود التي يبذلها الأوكرانيون للدفاع عن مدينتهم باستخدام أكوام من أكياس الرمل وألواح خرسانية عبر طريق رئيسي بينما كان جنود أوكرانيون يفحصون السيارات المارة بعناية.
الى ذلك، قال قائد اركان الجيوش البريطانية الاميرال سير توني رداكين ان خط الاتصال المباشر بين بريطانيا وروسيا مازال قائما على الرغم من الحرب التي تجري في أوكرانيا، بحسب هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي). ودعا الاميرال رداكين الى ضرورة حفاظ الحلفاء على الهدوء والمسؤولية حتى لا يتم الرد بتهور على كل ما يصدر عن الرئيس بوتين من تعليقات يمكن اعتبارها في كثير من الاحيان انها غريبة.