في الوقت الذي نتابع فيه الاحتفال بتدشين الكويت التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي والذي من المتوقع أن تكون الطاقة الإنتاجية له 800 ألف برميل نفط يوميا موزعة على مصفاتي ميناء عبدالله وميناء الأحمدي إضافة إلى مصفاة الزور لتصل إلى 1.4 مليون برميل في اليوم للمصافي الثلاث، بحضور صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، نستذكر ماضي الكويت البسيط، الذي عاش فيه الكويتيون قبل اكتشاف النفط، خيم في الصحراء، وانتظار الغائب لأشهر بحثا عن الرزق الشاق من أعماق البحار.
حيث خرج لنا من هذه الأرض المباركة رجل دولة.. بل دولة برجل، حاكم فذ واجه وحده مفاوضي سيدة البحار (بريطانيا العظمى) ومثيلهم من الولايات المتحدة الأميركية، رجل دولة صغيرة على خارطة العالم كبيرة جدا برجالها الشجعان أمثاله.. هو صاحب الشخصية السياسية الفذة الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح، رحمه الله، والد أمرائنا، وأمير الشجاعة والدهاء السياسي، حيث واجه بشجاعة ودهاء ديبلوماسي عال العروض المقدمة من الشركات البريطانية آنذاك، حيث لم تكن هناك في ذلك الوقت وسائل اتصال كما هي بالوقت الحالي، وكانت الكويت تحت الوصاية البريطانية بعد التزامها بالمعاهدة التي وقعها جده (مبارك الكبير) الذي حفظ بها الكويت من بعد الله من أي تهديدات خارجية، ولكنها أيضا تلزم الكويت بالوصاية لبريطانيا العظمى، وإعطائها الأولوية في التنقيب واستخراج النفط، وبلا شك أن موضوع النفط هو أمر طارئ على المنطقة ولم تكن تعرف جميع دول المنطقة وضوح أهميته وكيفية تقدير ثمنه والتعامل مع المفاوضات والعروض المقدمة لهم، إلا الشيخ أحمد الجابر.. لهذا السبب أخر توقيع عقود الاتفاق للعروض المغرية المقدمة له، وكانوا يطلبون منه: قدم العرض الذي تريده، فكان يرد: «انتوا قدموا عروضكم.. وأنا أشوف المناسب وأعدل عليه بعد ذلك»، لكي يقارن بين العرض البريطاني المقدم له.
بدأ بفتح مفاوضات سرية مع شركات أميركية في القاهرة لكي لا يعلم عنها البريطانيون امتدت من عام 1943 إلى عام 1948، ثم رفض العرض البريطاني، وذكر لهم أنه تلقى عرضا أميركيا أفضل من العروض المقدمة منهم، ثم فتح بابا جديدا مع شركة بريطانية أخرى، بكل هيبة ووقار ودهاء وديبلوماسية، كان يستمع للعروض المقدمة ويفضل التريث، ويضع شروطه وهو يكرر في كل مناسبة أنه يفعل ذلك حفاظا على حق الكويت ومستقبلها، ليأخذ في كل مرة عرضا أفضل من السابق لينتهي بطلب نهائي من الشيخ أحمد الجابر أجبر فيه المتفاوضين من الشركات المقدمة بشروطه النهائية على أن يأخذوا هم الموافقة على شروطه من الحكومة البريطانية، لأخذ افضل عرض بشروطه ليصبح النفط إلى اليوم المصدر الرئيسي للدخل بالكويت.
إلى جانب ذلك فهو أول من أرسى قواعد الديموقراطية بالكويت
إذ أنشأ مجلس الشورى والذي يعد أول عمل يقوم به بعد توليه لمقاليد الحكم بشهر أبريل عام 1938 بعد وفاة عمه الشيخ سالم المبارك الصباح،
وهو أول من أسس قواعد التعليم بالكويت وإنشاء المكتبة الأهلية عام 1923، ثم النادي الأدبي، وصاحب أول بعثة دراسية إلى الخارج.. إلى الأزهر: منهم أحمد العدواني وعبدالعزيز حسين، وفي عهده تم بناء أول مستشفى حكومي وهو المستشفى الأميري.
[email protected]