دخلت المواجهة بين روسيا والغرب مرحلة جديدة من محاولة كسر العظم، حيث حرمت موسكو من الوصول الى دولاراتها المودعة لدى واشنطن تزامنا مع طرد العشرات من الديبلوماسيين الروس من اوروبا، وسط تحذيرات من عزم روسيا السيطرة على كامل منطقة دونباس.
واعتبارا من أمس، منعت الولايات المتحدة روسيا من تسديد دينها بدولارات مودعة في مصارف أميركية ما يزيد الضغوط على موسكو ويزيد من احتمال أن تتخلف عن دفع الديون المستحقة.
وقال ناطق باسم الخزانة الأميركية إن امس «هو المهلة النهائية لتقوم روسيا بتسديد آخر في إطار دينها» موضحا أنه مع هذا الإجراء «ينبغي على روسيا أن تختار بين إفراغ احتياطها المتبقي من الدولارات أو (استخدام) إيرادات جديدة أو التخلف» عن السداد.
في غضون ذلك، زاد عدد الدول الغربية التي قررت طرد ديبلوماسيين روس من أراضيها ردا على المجزرة التي وقعت في مدينة بوتشا وراح ضحيتها عشرات المدنيين.
وأعلنت إيطاليا والدنمارك واسبانيا والسويد أمس، ذات الخطوة التي أقدمت عليها فرنسا وألمانيا امس الاول، فيما ندد الكرملين بالخطوة ووصفها بـ «ضيق البصيرة» الأوروبية.
وقررت إيطاليا طرد ثلاثين ديبلوماسيا روسيا لأسباب تتعلق بـ«الأمن القومي»، على ما أعلن وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، لمحطة «راي نيوز 24» الإخبارية.
كما قامت إسبانيا بدورها طرد نحو 25 ديبلوماسيا روسيا «بمفعول فوري» لأنهم يشكلون «تهديدا لمصالح البلاد» على ما أعلن وزير الخارجية خلال مؤتمر صحافي.
وأعلن وزير الخارجية الدنماركي، امس أن بلاده ستطرد 15 ديبلوماسيا روسيا بتهمة التجسس.
وقال ييبي كوفود للصحافة: «أثبتنا أن عملاء الاستخبارات الخمسة عشر المطرودين قاموا بأنشطة تجسس على الأراضي الدنماركية»، مؤكدا العزم على «إرسال إشارة واضحة إلى روسيا مفادها أن التجسس على الأراضي الدنماركية غير مقبول».
ونقلت قناة (سكاي نيوز) البريطانية في نشرتها الإنجليزية أمس، عن وزيرة الخارجية السويدية آنا ليندي قولها: «اليوم، قررت وزارة الشؤون الخارجية ترحيل 3 ديبلوماسيين روس لا يتماشى عملهم في السويد مع اتفاقية ڤيينا».
تأتي هذه الخطوة بعد أن أمرت فرنسا وألمانيا حوالي 75 ديبلوماسيا روسيا بالمغادرة، وأعلنت ليتوانيا طرد السفير الروسي في فيلنيوس، في أعقاب تهم بارتكاب القوات الروسية جرائم حرب في بلدة «بوتشا» الأوكرانية.
وقد ندد الكرملين بـ «ضيق البصيرة» الأوروبية إثر طرد أوروبا أكثر من 150 ديبلوماسيا روسيا.
وقال دميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين في تصريحات إعلامية «هو أمر مؤسف. فالحد من فرص التواصل على الصعيد الديبلوماسي في هذه الظروف الصعبة» ينم عن «ضيق بصيرة من شأنه أن يعقد بعد أكثر» العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
وتأتي عمليات الطرد الجماعي للديبلوماسيين الروس بالتزامن مع دعوات الدول الغربية إلى فتح تحقيق بارتكاب قوات روسية «جرائم حرب». لكن روسيا كررت اتهام حلفاء أوكرانيا بالتورط في «الانتهاكات» التي وقعت في المدينة. واعتبر المتحدث باسم البرلمان الروسي، امس أن مشاهد الجثث في تلك البلدة أشبه بمسرحية أعدت للجماهير في الغرب.
إلى ذلك، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ من تخوفه من اكتشاف فظائع أخرى ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، محذرا من ان موسكو تعزز صفوفها من أجل «السيطرة على كامل منطقة دونباس» في شرق أوكرانيا وإنشاء «جسر بري مع شبه جزيرة القرم» التي ضمتها موسكو عام 2014.
وحذر ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي عشية اجتماع لوزراء خارجية الحلف «نحن في مرحلة حاسمة من الحرب».
من جهتها، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن الحرب في أوكرانيا شردت أكثر من 7.1 ملايين شخص.
وأضاف أن ذلك يمثل زيادة 10% في عدد النازحين داخليا بأوكرانيا منذ 16 مارس .
وفي السياق، حض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأمم المتحدة على التحرك «فورا» لمواجهة «جرائم الحرب» التي ترتكبها روسيا في بلاده وإلا فسيتعين على المنظمة الدولية «إغلاق أبوابها ببساطة».
ودعا زيلينسكي في كلمة وجهها الى مجلس الامن في حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش امس إلى طرد روسيا من المجلس بحيث «لا يكون حق النقض يعني حق الموت»، وأضاف «الآن نحن نحتاج إلى قرارات لمجلس الأمن من أجل السلام في أوكرانيا. اذا كنتم لا تعرفون كيف تتخذون هذا القرار فيمكنكم القيام بأمرين: إما أن تستبعدوا روسيا باعتبارها بلدا معتديا ومبادرا للحرب حتى لا تعرقل القرارات المتعلقة بعدوانها. ثم نبذل كل ما في وسعنا لتحقيق السلام، أو إظهار أنه يمكننا القيام بإصلاح أو تغيير (...) إذا لم يكن هناك بديل أو خيار، سيكون الخيار التالي هو حل أنفسكم». وفي وقت سابق جدد الرئيس الأوكراني التأكيد على أهمية الضمانات الأمنية، لعدم تكرار الغزو الروسي للاراضي الاوكرانية في المستقبل.
وقال في تصريحات صحافية، بثها التلفزيون الرسمي، «روسيا قد تشن عملية عسكرية أخرى خلال عامين ولهذا نحتاج لضمانات أمنية»، واعتبر أن بلاده ستصير أشبه «بإسرائيل كبيرة» مع تصدر الأمن قائمة الأولويات في العشر سنوات المقبلة.
أما عن المحادثات مع الروس رغم اتهامات كييڤ لموسكو بارتكاب مجازر في بلدة بوتشا، فأوضح، بحسب ما نقلت رويترز، أنه «لا خيار في الوقت الحالي غير مواصلة التفاوض مع روسيا».