قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام جُنَّة، وإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائم، إني صائم».
فإذا كان الصيام في نفسه جُنة من النار وثمرة لذلك من مضاعفة الحسنات في الجنة، حيث تتفاوت المنازل. فكيف نجعل صيامنا جُنّة؟
يقول د.عجيل النشمي: لكي نجعل الصوم للمسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم جُنّة» أي وقاية من الوقوع في الرذيلة والإثم وحامل للمسلم على قول كلمة الخير وفعل الخير فلا يقول إلا خيرا ولا يفعل إلا خيرا فإذا لم يتحقق للصائم هذا الهدف فليس بصائم عند الله تبارك وتعالى، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، فالصوم تربية نفسية وسلوكية وإيمانية من المسلم لنفسه ولغيره فينشر الكلمة الطيبة بين الناس ويسعى بينهم في عمل الصالحات».
الصوم تربية
وأكد د.النشمي ان الصيام الذي يريده الله تبارك وتعالى منا هو الصيام الحقيقي، حيث تغير مفهوم كثير من الناس عن حقيقة الصيام، وأصبحت عندهم تقاليد وعادات وشكليات لا روح فيها ولا أثر لها في مواقع النفس والمجتمع، فقد اختل مفهوم الصيام عند الفرد والأسرة والدولة وأصبح الصوم عند كثير من الأفراد والأسرة هو الامتناع عن الأكل والشرب نهارا ثم الإكثار من الطعام والسهر ليلا.
ولفت الى ان الصوم تربية روحية سامية يرفع بالمسلم عن الملذات المادية من الطعام والشراب والشهوات، يرى الطعام أمامه ويشعر بالجوع فلا يمد إليه يدا، ويرى الماء البارد في الظهيرة الحارة مع الظمأ الشديد فلا يفكر في أخذ قطرة منه، إنه بذلك يسمو على ماديات الحياة ويرتقي إلى مصاف الملائكة الأطهار في سمو الروح وصفائها وهو حين يفعل ذلك لا يفعله رياء او سمعة او خوفا، وإنما يفعله مخلصا لله الذي أمره بذلك، فالله مطلع على سريرته وعلانيته، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه من أجلي ويدع شرابه من أجلي ويدع لذته من أجلي ويدع زوجته من أجلي»، فالصوم تربية عملية على الصبر وتحمل المشاق والتغلب على شهوات النفس، وإذا نجح المسلم في اختبار الصوم فقد ملك الإرادة القوية واستطاع ان يجعل هواه وفق ما يريده الله تبارك وتعالى لا وفق نفسه وشهواته، ومتى حاز المسلم الإرادة أصبح من الصابرين.
من جهته، يقول الشيخ عبدالرحمن الحشاش: لابد من أن يعرف الإنسان معنى كلمة جُنَّة، جُنّة بمعنى الستر والوقاية، فعندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم جُنَّة» هذا يعني عدة أمور، أولها: الصوم جنة بمعنى ان الصيام فيه وقاية من الوقوع في الشهوات الجسدية فإن الصائم يمنع نفسه من الطعام والشراب يؤدي ذلك الى ضعف الجسد، مما يمنعه من الوقوع في الشهوات المهلكة. وثانيا: الصيام جُنة لأن الجسد يضعف فيقوى الجانب الروحاني ويتعلق القلب بربه فيؤثر الإنسان المؤمن مرضاة ربه على إرضاء شهواته. ثالثا: الصيام جنة اي وقاية من النار لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا، فكيف بمن يصوم شهرا كاملا. رابعا: الصيام جنة اي وقاية مما يفسد الصيام من الرفث والفسوق ولغو الكلام لأن الصائم يحرص على الأجر والثواب والبعد عما ينقص أجر الصيام فيكون الصيام جنة، وأخيرا هلا تدبرنا الكلام النبوي: «الصيام جُنة»؟