أرغم وباء كورونا كثيرين على ملازمة البيوت، وجاء شهر رمضان، وبسبب الحجر الذي كان واجبا، حُرم الناس من المساجد وصلاة التراويح، والحلقات القرآنية والدروس الرمضانية والطقوس الاجتماعية التي كانت تصحب شهر رمضان، وعاش الناس أجواء رمضانية مختلفة لأول مرة، ولكن دعونا نعترف أن وباء كورونا له كثير من الفوائد، رغم أن الأجواء الرمضانية التي لازمت الحجر كانت مقيدة بعض الشيء فإنها كانت جميلة لأنها جعلتنا نعيش أجواء عائلية جديدة، من أجملها وأحدثها علينا إقامة الصلوات جماعة في البيوت، وخاصة صلاة التراويح، حيث اجتمعت الأسرة الواحدة وراء رب البيت يؤمهم يقيمون صلواتهم الفرضية وتطوعاتهم، أجواء عاشها المسلمون لأول مرة، من تلك الفوائد أيضا أن اجتمع أفراد الأسرة الذين كانوا قليلا ما يجتمعون فصارت آفرادها مؤلفة قلوبهم، وكأنهم كانوا في سفر بعيد التقوا في زمن كورونا، واشتاقوا لأن يعرفوا مزيدا عن أحوال بعضهم، ومن قبل باعدتهم ظروفهم ومحيط دائرتهم الخارجية والعمل والخروج مع صحبة الأقرباء والأصدقاء، والتي جعلت الاجتماعات العائلية محدودة من قبل، وعرفت الأسرة أن كثيرا من الأوقات كانت تهدر، فاجتمعت الأسرة حول مائدة الإفطار تحفهم العاطفة الأسرية ويجمعهم رمضان بطقوسه الجميلة وعباداته من صلوات وذكر وقراءة القرآن، وتنافس أفراد الأسرة الواحدة في التسابق على الورد القرآني وكأنهم في سباق من نور سببته كورونا في رمضان، أما على صعيد العمل الخيري فكانت التوزيعات الخيرية مستمرة للأسر المتعففة، خاصة المالية، وإيصالها لمنازلهم وتوزيع زكاة الفطر على مستحقيها داخل الكويت أيضا، فكانت الأجواء الرمضانية في ظل وباء كورونا تجربة خاصة وفريدة، ودعوة لتغيير بعض السلوكيات التي اعتاد عليها الصائمون، ومن ثم محاولة تعديل هذه السلوكيات لتتناسب مع الأوضاع الراهنة، فلا انشغلوا عن رمضان بكورونا، ولكن انشغلوا برمضان عنه.