البركة هي أن يعمل المرء العمل الكبير في الوقت القصير، ومن الناس من تمر عليه الأيام بل الأشهر لا يدري ماذا فعل وماذا قدم بل لم ينجز شيئا، وماذاك إلا بسبب محق بركة الوقت. تأمل كيف استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الثانية والستين من عمره في حجة الوداع أن يدفع من مزدلفة، ويأتي منى ويرمي جمرة العقبة الكبرى ثم يذبح في يوم النحر ثلاثا وستين بدنة بيده الشريفة ثم حلق وتطيب ثم أفاض إلى مكة وطاف بالكعبة طواف الإفاضة ثم صلى الظهر بها وهو في كل ذلك يعلم اصحابه المناسك في ساعات قليلة بسبب البركة فوقت الطائع مبارك ووقت العاصي هدر.
وفي شهر رمضان وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ونحن في هذا الشهر المبارك اغتنموا أوقاتكم في العبادة فالأيام الطيبة تطوى وساعات الزمن تقضى. فاغتنم ايها الصائم هذه الاوقات المباركة فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان موسما عظيما تنهل فيه الأمة الاسلامية من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه وميدانا فسيحا للتنافس بين افرادها باغتنام اوقاته المباركة بالإخلاص والجد والاجتهاد والإكثار من الأعمال الصالحة.