أشهرت روسيا سلاحها الأقوى بوجه خصومها الغربيين بعد أكثر من شهرين على المواجهة الميدانية التي تشهدها أرض أوكرانيا، وبدأت بقطع الغاز عن پولندا وبلغاريا، بينما تثير انفجارات وهجمات في منطقة ترانسدنيستريا المولدافية الانفصالية الموالية لروسيا مخاوف من امتداد الحرب إلى ما وراء حدود أوكرانيا. وأعلنت السلطات الپولندية والبلغارية أن مجموعة الغاز الروسية «غازبروم» أبلغتها بقطع شحنات الغاز اعتبارا من أمس على الرغم من العقود المبرمة معها. لكن الدولتين العضوتين في حلف شمال الأطلسي «الناتو» والاتحاد الأوروبي أكدتا أنهما مستعدان للحصول على الكميات التي تنقص من الغاز من مصادر أخرى.
ودان رئيس وزراء بلغاريا كيريل بيتكوف قرار روسيا قطع إمدادات الغاز معتبرا ذلك «ابتزازا». وقال إن قرار غازبروم «انتهاك صارخ للعقد وابتزاز..و لن نستسلم لمثل هذا الابتزاز». كذلك، دان الاتحاد الأوروبي الإعلان الروسي معتبرا أنها «محاولة روسية أخرى لاستخدام الغاز كأداة للابتزاز».
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في بيان إن «هذا غير مبرر وغير مقبول ويظهر مرة أخرى عدم موثوقية روسيا كمورد للغاز».
وأضافت ديرلاين «نحن مستعدون لهذا السيناريو ودول الاتحاد الأوروبي لديها خطط طوارئ وعملنا معها بالتنسيق والتضامن».
وبرر الكرملين بوقف إمدادات الغاز إلى البلدين على خلفية رفض الدفع بالروبل، بأنه رد على «خطوات غير ودية» تجاه روسيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إن «الحاجة لطريقة دفع جديدة هي نتيجة لخطوات غير ودية بشكل غير مسبوق، في المجال الاقتصادي وقطاع المال، والتي اتخذتها ضدنا دول غير صديقة».
ويمثل الغاز الروسي حوالي 40% من الاستهلاك الأوروبي.
من جهتها، أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها. وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية في بيان ان الحكومة الألمانية تراقب التطورات على هذا الصعيد وتبعات قطع الغاز عن الدولتين العضوتين في الاتحاد الأوروبي «بعناية تامة وقلق» ولكنها تنسق جميع الخطوات اللازمة مع الاتحاد الأوروبي«. وأكدت الوزارة أن امدادات الغاز الروسية الى بلادها تسير في الوقت الراهن «كالمعتاد وبشكل مستقر».
وجاء قرار قطع الغاز الروسي، وسط شعور بالقلق من خطر امتداد النزاع إلى خارج أوكرانيا بعد سلسلة من الانفجارات نسبتها كييف إلى موسكو في المنطقة المولدافية الانفصالية ترانسدنيستريا.
وقالت الرئيسة المولدافية مايا ساندو «إنها محاولة لزيادة التوتر وندين بشدة مثل هذه الأفعال». وأعلنت تدابير لتعزيز الأمن في هذا البلد الصغير الواقع في أوروبا الشرقية المجاورة لأوكرانيا.
من جهته، رأى مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيلو بودولياك في تغريدة على تويتر أن روسيا تريد زعزعة استقرار منطقة ترانسدنيستريا مما يشير إلى أنه على مولدافيا أن تتوقع استقبال «ضيوف»، في إشارة إلى الجنود الروس الذين غزوا أوكرانيا منذ 24 فبراير.
على الصعيد الميداني وبعد تعهد الولايات المتحدة بحشد الدعم العسكري لأوكرانيا عقب اجتماع 40 دولة من الحلفاء في ألمانيا، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في رسالة على فيسبوك «أستطيع أن أقول شيئا: سيكون لدى الجيش الأوكراني ما يقاتل به (...) دخلنا مرحلة جديدة لم يكن أحد يفكر فيها قبل شهرين».
لكن رد موسكو جاء سريعا، حيث قال الجيش الروسي أمس إنه دمر«كمية كبيرة» من الأسلحة التي أرسلتها دول غربية إلى كييف.
وأوضحت وزارة الدفاع أن «مستودعات تحوي كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر الأجنبية، التي سلمتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى القوات الأوكرانية دمرت بصواريخ عالية الدقة أطلقت من البحر على مصنع الألمنيوم في زابوريجيا» بجنوب شرق أوكرانيا.
وقال الجيش الروسي أيضا إنه شن غارات جوية ضد 59 هدفا أوكرانيا بما في ذلك 50 هدفا تتمركز فيه قوات وأربعة مستودعات للذخيرة.
وقد اعترف الجيش الأوكراني بأن روسيا تمكنت من الاستيلاء على عدة قرى في منطقة خاركيف وفي دونباس. وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن القوات الروسية أخرجت الجيش الأوكراني من فيليكا كوميشوفاخا وزافودي في منطقة خاركيف وسيطرت على زاريتشني ونوفوتوشكيفسك في منطقة دونيتسك. وتقع زاريتشني على بعد 50 كلم فقط عن مدينة كراماتورسك التي تعد مركزا إقليميا.
وفي السياق، أعلنت روسيا وقوع سلسلة من الانفجارات في جنوبها واندلاع حريق في مستودع للذخيرة في بيلغورود، وهو ما اعتبره ميخائيلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني ردا على الغزو الروسي، وقال دون ان يعترف بمسؤولية بلاده المباشرة، إن من الطبيعي أن تعرف مناطق روسية يجري فيها تخزين وقود وأسلحة ماذا يعنيه»نزع السلاح«. وكان يشير بذلك إلى تبرير موسكو لحربها على أوكرانيا.
وقال بودولياك «إذا قررتم مهاجمة دولة أخرى بتلك القوة وقتل الجميع هناك وسحق مواطنين مسالمين بالدبابات واستخدام مستودعات في مناطقكم لتنفيذ هذه العمليات، فعاجلا أم آجلا تلك الديون يجب أن ترد».
وجاءت انفجارات أمس بعد أن اندلع حريق كبير هذا الأسبوع في منشأة روسية لتخزين النفط في منطقة بريانسك قرب الحدود. وقال حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف غلادكوف إن سلسلة انفجارات دوت في الساعات الأولى من صباح أمي بالمدينة القريبة من الحدود مع أوكرانيا، وإن حريقا اندلع في مستودع ذخيرة بالمنطقة.
وقال رومان ستاروفويت حاكم منطقة كورسك التي تقع أيضا على الحدود مع أوكرانيا إن دوي انفجارات تم سماعه أيضا في الساعات الأولى من الصباح في مدينة كورسك لكنه رجح أن تكون أصوات أنظمة الدفاع الجوي.
وقال في وقت لاحق إن طائرة مسيرة أوكرانية جرى اعتراضها فوق كورسك دون ضحايا أو خسائر.
وفي فارونيش، المركز الإداري لمنطقة روسية جنوبية أخرى، نقلت وكالة تاس للأنباء عن مسؤول في وزارة مواجهة الطوارئ قوله إن انفجارين وقعا في المنطقة وإن السلطات تحقق في الأمر.