بيروت - عمر حبنجر - أحمد عزالدين
حسمت دار الفتوى في لبنان خيارها امس، بتوجيه من المفتي الشيخ عبداللطيف دريان الى المديرية العامة للأوقاف الإسلامية لإصدار تعميم إلى أئمة وخطباء المساجد في لبنان، بدعوة المواطنين في خطبة يوم الجمعة بعد غد الى المشاركة الواسعة والكثيفة في ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم إلى المجلس النيابي واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولي هذه الأمانة، وحث المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه ومؤسساته الشرعية.
وأتت هذه الخطوة بعد سلسلة مشاورات واستشارات ومراجعات، أدت في النهاية الى اقتناع دار الفتوى، بأن مقاطعة الانتخابات من جانب أهل السنة خصوصا، من شأنه الإسهام في إضاعة هوية لبنان، وأن حث الرئيس سعد الحريري مناصري تيار المستقبل على تعليق المشاركة بالترشح، مع إبقاء مسألة التصويت ملتبسة، دون أن يأخذ باعتباره خطورة خروج بيروت وطرابلس والبقاع عن السيطرة النيابية، من شأنه الإضرار بالتوازنات الداخلية، كما بعلاقات لبنان العربية، الضاغطة من أجل المشاركة الكثيفة بانتخاب الأحد المقبل، أقله على غرار ما حصل في بلدان الاغتراب اللبناني.
وكان منتظرا صدور بيان بهذا المعنى عن رؤساء الحكومات السابقين، لكن ما أعاقه خروج الحريري من الصف، وتجاهله الدعوات لتقدير المخاطر وإعادة النظر حيث كان متوقعا منه ممارسة حق الانتخاب في الإمارات حيث يقيم، لكنه لم يفعل، ولم يبدر عنه ما يوحي باحتمال كسر حاجز المقاطعة والعودة الى بيروت للمشاركة بالانتخابات، ما أوجب على دار الفتوى ان تتحمل مسؤوليتها، بموازاة دعوات رجال الدين في الطوائف الأخرى للإقبال على صناديق الاقتراع دون تردد.
وعلمت «الأنباء» ان غياب منظومة رؤساء الحكومات السابقين عن الحراك الانتخابي، سيستعاض عنه، بممارستهم واجب الاقتراع يوم الأحد، تشجيعا للمواطنين وتحفيزا للمترددين منهم.
في غضون ذلك، أطل رئيس الجمهورية ميشال عون على السباق الانتخابي الكبير المنتظر، مستفيدا كسواه، من فسحة الكلام المتاح، قبل حلول فترات «الصمت الانتخابي»، مؤكدا عزمه عدم البقاء لحظة واحدة، في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته في 31 أكتوبر، وانه «إذا تعذر لأي سبب انتخاب رئيس جديد، تتولى الحكومة إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، وإذا تعذر أيضا في أسوأ الاحتمالات، تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية، تناط الأمور بعد 31 أكتوبر بحكومة تصريف الأعمال ولو انها ستكون مقيدة الصلاحيات».
عون وفي تصريح لصحيفة «الجمهورية» استهله بالرد على تصريحات لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تناولته، قال: «لست في وارد الدخول في اي جدال مع جعجع».
وردا على سؤال عما إذا كان رئيس التيار الحر النائب جبران باسيل مرشحه الضمني لرئاسة الجمهورية، قال: «ليس لدي أي مرشح للرئاسة. أما بالنسبة الى جبران باسيل فهو شخص وطني وآدمي وقد تعرض لمحاولة اغتيال سياسي نجا منها بفضل صلابته وثباته، لكنني ارى ان توليه رئاسة الجمهورية في هذا الظرف مهمة صعبة ودقيقة».
في المقابل، رد جعجع على التيار الحر وعلى حزب الله وعلى من حول بعبدا الى عنوان للانتقاص من سيادة لبنان، وصارت عنوانا لتآكل الدولة، وقال: «قلبي على بعبدا بسبب الشريان المصطم الموجود في قلبها والضبع القاعد على منخارها، كل لحظة».
وبالنسبة لخطاب نصر الله قال جعجع: «نصرالله صادر المقاومة، وهذا غلط، كل عمره الشعب اللبناني مقاوم، الخلاف الآن ليس على مبدأ المقاومة، نحن نريد الدولة ان تصبح هي المقاومة، وأريد ان أذكر السيد حسن، بأن المقاومة ليست كناية عن بعض المجموعات المسلحة، المقاومة مجموعة تحركات ووسائل في طليعتها الشرعية، والمجموعة العربية.. واعتبر ان حزب الله يقوم بأكبر عملية غش لبيئته بالذات، او بند بالمقاومة ان يكون الشعب مرتاحا، بينما نحن نبحث عن لقمة الخبز ببراميل النفايات!
جعجع وصف يوم اقتراع المغتربين بـ «اليوم المجيد» على الرغم مما قامت به وزارة الخارجية، وهو الوصف الذي سبق لنصرالله ان أطلقه على السابع من مايو، أي يوم اجتياح الحزب لبيروت.
باسيل، الذي يبدو ان جعجع عناه في حديثه عن «الضبع»، رد معيدا إلى الذاكرة تخويف الناس من الشادور وولاية الفقيه والاحتلال الإيراني»، مضيفا بالقول: إذا لا سمح الله، سيحصل احتلال إيراني، هل تستطيعون ان تدلوني أين يصيرون؟ بصيروا خدام ونحن منصير بالمواجهة.
إلى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري ان منظومة حركة أمل ومنظومة «الثنائي» الشيعي هي منظومة مقاومة، ومنظومة الكرامة والعزة، وإسقاط اتفاق السابع عشر من أيار وإخراج لبنان من العصر الإسرائيلي إلى العصر العربي، مضيفا أن البعض، وعن سوء تقدير، عمد طيلة الشهور الماضية ومنذ انتفاضة 17 تشرين مرورا بانفجار مرفأ بيروت وما بينهما وصولا إلى تسعير خطابه الانتخابي تحريضا طائفيا ومذهبيا بغيضا وافتراء وتهشيما وكذبا واستهدافا لحركة أمل وتحالفاتها، مشيرا إلى ان ذلك الاستهداف يثير الشبهة ويكشف حقيقة النوايا المبيتة.
كلمة بري جاءت بمناسبة ذكرى قسم الإمام موسى الصدر في مدينة صور وعشية ذكرى إسقاط اتفاق السابع عشر من أيار وعشية الصمت الانتخابي.
وأعلن رئيس المجلس باسم مرشحي لوائح الأمل والوفاء عدم القبول بأي قانون أو بأي خطة للتصحيح المالي والاقتصادي لا تكرس ولا تعيد حقوق المودعين كل المودعين كاملة دون أي مساس بها وفي موضوع ترسيم الحدود.
وأضاف: كل متر مكعب من الغاز والنفط المقابل للحدود البحرية اللبنانية في الجنوب حق فلسطيني مغتصب ومحتل من الجانب الصهيوني، اتفاق الإطار يبقى الآلية الصالحة لإنجاز الترسيم الذي يمنح لبنان الحق باستثمار كامل ثرواته في البحر دون تنازل أو تفريط أو تطبيع أو مقايضة.
وفي موضوع ترسيم الحدود، قال بري ان اتفاق الإطار الذي خضنا غمار مفاوضاته على مدى 10 سنوات يبقى الآلية الصالحة، والكرة الآن في ملعب القوى الراعية ولكن ليس إلى ما لا نهاية، وقال: أمامهم مهلة شهر يصار بعدها إلى الحفر في البلوكات الملزمة، وإلا فلتلزم من جديد.