- احذر بعد أن منَّ الله عليك بالعلم من أن تتكبر على إخوانك المسلمين فالرسولصلى الله عليه وسلم كان أعلم الناس وأشدهم تواضعاً
- من المحاذير أن يبدأ الطالب بالكتب المطولة والمسائل الكبيرة فيكون سبباً في انتكاسته وتركه التحصيل
- العلماء قسمان: علماء سنة وهدى وعلماء ضلالة يضربون الشريعة من أصولها ويشككون بالمسلمات والثوابت
- المتعالمون كثروا في زماننا يدّعون الانتساب إلى الدعوة السلفية وقد يحصلون على تزكية بعض أهل العلم
طلب العلم له شروط ومحاذير، حيث إنه من أعظم العبادات وفي نفس الوقت قد يكون سببا لهلاك صاحبه ودخوله النار، كما يؤكد ذلك د.عبدالله الشريكة ويبينه لنا كي يسلك طالب العلم الطريق السليم للحصول على العلم أسئلة كثيرة تدور حول هذا الموضوع، فماذا أجاب؟
كيف يسلك طالب العلم الطريق السليم للحصول على العلم؟
٭ من أراد أن يبلغ ذلك المقصد عليه أن يتعلم الطريق الذي يوصله إليه، فإن من أراد أن يذهب إلى مكة عليه ان يختار احسن الطرق، وآمنها وأقربها وأيسرها، ولن يكون ذلك متحصلا له إلا إذا تعلم هذه الطرق. وهكذا العلم له طرق جاءت في كتاب الله، وجاءت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ونبه عليها اهل العلم رحمهم الله، فيها مثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما العلم بالتعلم» ومنها ما جاء في كتاب الله تبارك وتعالى كقوله سبحانه: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) وقد جاء في تفسير هذه الآية ان الربانيين هم الذين يعلمون الناس صغار مسائل العلم قبل كبارها بمعنى انهم يدربون الناس في طلب العلم وفي التحصيل. ومن اشهر الطرق كذلك، سؤال اهل العلم (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
ما المحاذير التي يجب على طلاب العلم الحذر من الوقوع فيها؟
٭ إما ان تكون محاذير محرمة يجب اجتنابها، وإما ان تكون مكروهة يستحب اجتنابها، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذه المحاذير في قوله: «من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء او يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار». هذا لفظ كعب بن مالك رضي الله عنه ولفظ جابر رضي الله عنه «لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا تخيروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار».
وهل يدخل النار بسبب طلبه للعلم والله عزّ وجلّ يقول: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ويقول: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)؟
٭ نعم، ذلك إذا طلبه لغير الله تبارك وتعالى، إما مجاراة للعلماء او لمماراة السفهاء او ليصرف وجوه الناس اليه ويتصدر في المجالس ولو طلب حظا من حظوظ الدنيا كمنصب او مال او شهادة او غيره كما قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله -عزّ وجلّ- لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة». يعني ريحها.
ومن المحاذير من يطلب العلم لأجل ثناء الناس عليه، لأن طلب العلم شأن عظيم وفضل كبير، ويجب على طالب العلم ان ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن غيره وأن ينوي كذلك العمل بالعلم، لأن من اعظم المحاذير ترك العمل بالعلم، وترك العمل بالعلم تارة يكون كفرا وتارة يكون معصية كبيرة او صغيرة وقد يكون مكروها، فمن ترك تعلم التوحيد وترك العمل به بأي عمل بما يضاده فقد وقع في الكفر والشرك ومن تعلم واجبا من الواجبات ثم ترك العمل بهذا الواجب فقد وقع في معصية، ومن تعلم مستحبا من المستحبات وتركه فهو مكروه.
وهل إذا اعجب المتعلم بنفسه بأن منّ الله عليه بالعلم ورأى نفسه افضل من غيره يعتبر من المحذورات؟
٭ نعم، لأنه تعلم او صار الناس يشيرون اليه بالبنان ويصدرونه في المجالس وغالبا ما يقترن العجب بالكبر، فيبدأ يتكبر على اخوانه المسلمين والناس منهم من يتكبر لجاهه ومنصبه او ماله بل وبمعصية اشتهر بها لكن ان يتكبر بطاعة فعلها لله فهذا اشد واعظم، فعلى طالب العلم ان يتذكر ان كل مسألة تعلمها فإنها من فضل الله عليه وتوفيقه وأن هناك من الطلاب من يحمل من العلم اكثر منه، وكذلك قد يكون من تكبر عليهم ليس عنده علم او عنده علم اقل من علمه لكن قد يكون اولئك افضل عند الله جلّ وعلا منزلة، فعلينا ان نتعلم العلم لنتواضع ومن تواضع لله رفعه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو اعلم الناس وافضلهم واشدهم تواضعا لله جلّ وعلا
وهل هناك محاذير أخرى؟
٭ نعم، مثل وقوع الحسد بين طلاب العلم، وأيضا الانشغال بالمسائل الخلافية والصورية، فينشغل بها الطالب وهذه من المحاذير أيضا وكذلك عدم السؤال عما يشكل في المسألة، وهذا خطأ يفوت على الطالب الكثير، وكذلك من المحاذير احتقار العلماء والاستهانة بعلمهم ودروسهم، وهذا خلل لا يقع فيه إلا من لم يعرف قدر العلماء. وأيضا من المحاذير: التصدر قبل التأهل، فعلى ماذا تستعجل طالب العلم؟ ونرى ان هناك بعض الطلاب يبدأ بالكتب المطولة والمسائل الكبيرة وهذا خطأ كبير جدا قد يكون سببا في انتكاسة الطالب وتركه للتحصيل، فالتدرج مسلك الربانيين، وأيضا من المحاذير تقديم ما يستحب تعلمه على ما يجب تعلمه، والفوضوية في طلب العلم، وليس للطالب رؤية واضحة يسير عليها كما هي طريقة العلماء.
وماذا تقول فيمن يأخذ العلم من غير أهله فيأخذه من أهل البدع أو من المتعالمين؟
٭ يقول الله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الذين يبتغون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» أي لا تستمع لهم واجتنبهم واجتنب مجالسهم ومصنفاتهم.
لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: استمعوا لهم وخذوا الحق الذي عندهم واتركوا ما عندهم من الباطل، بل أمر بأخذ الحذر والحيطة لأنهم أسباب وقوع الناس في المهالك، وقد كثر هؤلاء في هذا الزمن. قال صلى الله عليه وسلم: «إنما أخاف على أمتي المضلين»، وهم ممن يضربون الشريعة من أصولها ويشككون في المسلمات والثوابت حتى ادعى بعضهم أن النقاب عادة وليس عبادة مخالفا بهذا الادعاء إجماع علماء المسلمين على مشروعية النقاب.
وماذا تقول عن بعض المشايخ الذين نراهم على القنوات الفضائية تفتي في كل شيء؟
٭ للأسف تخرج لنا بعض القنوات الفضائية ما يقال عنه داعية ويتكلم عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يطبق شيئا من سنته صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» فهم رؤوس معروفة يعرفها الناس في الصحف والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت بل تُعرف أكثر من معرفة العلماء الربانيين، وإذا كان الإنسان إذا أكل أو شرب شيئا فاسدا أفسد عليه بطنه، فكذلك إذا سمع أو قرأ شيئا فاسدا فسيفسد عليه دينه وعقله، فكن على حذر وخذ اللبن المصفى من أهله من ينابيعه الصافية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم انها ستبقى الى يوم القيامة.
وما أقسام العلماء الذين نأخذ منهم العلم الصحيح؟
٭ هناك علماء سنة وهدى الذين تنزل عليهم النصوص الشرعية في بيان مكانة العلماء والأمر بتوقيرهم وسؤالهم وهناك علماء ضلالة وهم الدعاة على أبواب جهنم الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم.
ما أبرز صفات علماء الضلالة؟
٭ لهم علامات يعرفون بها من أهمها: تقديم عقولهم على النصوص الشرعية، في الميزان عندهم العقل، وإذا جاءهم دليل من القرآن أو السنة يشع منه نور الهداية حاولوا طمس هذا النور. أما المتعالمون فقد كثروا كثرة عجيبة وهم داخلون في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)، وكثير من هؤلاء ينتسبون إلى الدعوة السلفية ويدعون انهم يدعون الى فهم السلف ويحاربون أهل البدع وقد يحصل بطريقة أو بأخرى على تزكية من بعض أهل العلم، والعلماء غير معصومين، وتجد هذا المتعالم لو طرح مسألة وسئل عمن قال بهذا القول يحاول ان ينتزع من أهل العلم الفتاوى التي تؤيد طرحه ورأيه. ومن علامات المتعالم كثرة تخطئة العلماء وكثرة الجدال في الدين والإتيان بتقسيمات جديدة لمسائل شرعية.