«كل ظلام الدنيا لا يستطيع أن يطفئ نور شمعة واحدة»، حكمة بليغة تذكرتها مع اقتراب «اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية»، والذي خصصت له منظمة الأمم المتحدة في سجلاتها يوم الـ 18 من يونيو من كل عام بدءاً من هذا العام 2022، وذلك استجابة لمقترح من المملكة المغربية، وهذا ليس بالمستغرب عن المغرب الشقيق، والمعروف بثقافته المنفتحة على العالم والتعايش كأديان سماوية ربانية في تناغم وتسامح وتعددية انعكست بالإيجاب على استقرار وأمن المجتمع المغربي.
وإحقاقاً للحق، فإن دعاة السلام والتعايش والتسامح يجنون ثمار دعوتهم غير مبالين بخطاب الكراهية الذي يفسد المجتمعات ولا يصلح أبدا وهو رهان خاسر للجميع، لأن خطاب الكراهية دائرة جهنمية من الأكاذيب والأوهام التي يضخها أصحاب القلوب المريضة الذين يعتقدون أنهم في ملاذ آمن من نيران الكراهية التي تطول الجميع بلا انتقاء.
خطاب الكراهية مناف للفطرة السوية في المجتمعات الإنسانية، ولا تجد هذا الخطاب الكريه في المجتمعات التعددية التي تصالحت مع المنطق واستوعبت الحكمة من هذا التنوع والاختلاف، وذلك مصداقاً لقول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) 13 الحجرات.
في هذا العالم المقبل على كوارث وصراعات من أجل البقاء، نجد أنفسنا في أشد الاحتياج لخطاب التسامح والفضيلة وقبول الآخر ولا اختيار في ذلك، والدعوة لمنهج السلام والتعايش وحرية الرأي والتعبير ومواجهة الفساد ومكافحة خطاب الكراهية هو توجه إلزامي تقع مسؤوليته على قادة دول العالم ومساعديهم والسياسيين من رؤساء الأحزاب ورجال الدين وأصحاب الرأي من الكتاب والمفكرين والإعلاميين ومشاهير «السوشيال ميديا» ومنظمات المجتمع المدني ومسؤولي المدارس والجامعات والأسرة، يجب أن نربي النشء على ثقافة قبول الآخر وأن المجتمعات التعددية التي تعيش تحت مظلة التسامح هي المجتمعات المتحضرة التي تمثل بيئة خصبة للإبداع والرقي والتقدم في كل المجالات، وكما يقول الحكيم الصيني كونفوشيوس «أن تشعل شمعة أفضل من أن تلعن الظلام».
نحن نطالب قادة دول العالم بأن يستمعوا إلى نداء العقل وصوت الحكمة، وأن يشعلوا مزيدا من شموع التسامح حتى لا نغرق في ظلمات التطرف والجهل والإرهاب، عافانا الله وإياكم من الغي والضلال ورزقنا الأمن والسلام والمحبة بين الإخوة في الإنسانية.