أصبح الحنين إلى الماضي مادة شائعة لدرجة أن الوسائط باتت تستخدمها بكثرة لزيادة العائدات، لكن هناك بعض الأفلام التي ينجح فيها الحنين بشكل ممتاز، وفيلم «Jurassic World Dominion» من تلك الأفلام، حيث يجمع بين أبطال هذا الجيل وبين أبطال التسعينيات مع قدر غير متوقع من النجاح، ويجدر القول ان «Dominion» بعيد كل البعد عن أن يكون فيلما مثاليا، لكن إلى أي درجة يمكن إعطاء تقييم منخفض لفيلم يجعلنا نبتسم ابتسامة عريضة من البداية حتى النهاية؟
فلنتحدث أولا حول النقاط الأضعف قبل التعمق بجميع الأسباب التي تجعل هذا الجزء رائعا، الموسيقى التصويرية لمايكل جياشينو غير متميزة، وإن كانت هناك جمل موسيقية تجعلكم تشعرون بالإثارة هنا، فهي ستكون بفضل استخدام ألحان من عمل جون ويليامز الأصلي، كما أن هناك بعض اللحظات الغريبة للشخصيات، لاسيما مع أوين وكلير، حيث يبدو وكأن كريس برات وبرايس دالاس هاورد لا يريدان أن يكونا في موقع التصوير في ذاك اليوم، أما بالنسبة لشخصية «مايسي»، تلك الطفلة المستنسخة من «Fallen Kingdom»، فبالرغم من أن إيزابيلا سيرمون تؤديها بشكل مثير للإعجاب، فإنها بالغالب تلعب دورها كما لو أن هناك عدم إيمان بأن يجد الجمهور التعاطف من دون نظير بشري للديناصورات.
في حين أن هذه النقاط ليست عيوبا بسيطة، إلا أن «Jurassic World Dominion» لايزال قادرا على التلاعب بالحمض النووي للديناصورات بطريقة تتركنا متحمسين، ويقدم بعض التحسينات الملحوظة عن الأجزاء السابقة، ومن أبرزها شخصية «كلير ديرينغ»، حيث حصلت على تغييرات كبيرة جدا في الشخصية بين فيلمي «Jurassic World» و«Jurassic World: Fallen«Kingdom»، إلا أنها لم تكن ذات مغزى كبير، لكننا نحصل في «Dominion» على عدة لحظات من الاعتراف بالمرأة التي كانت عليها عندما سمحت بسقوط جزيرة «Isla Nublar» وبين المرأة التي تريد أن تكون عليها الآن، حيث ترى الديناصورات ككائنات حية فعلية، كما تبدو تلك الكائنات رائعة أيضا بشكل عام.
يبدو أن «Dominion» يميل بشكل أكبر الى استخدام المؤثرات البصرية مقارنة بالأجزاء السابقة، وهناك بضعة ديناصورات الأتروسيرابتور التي تتسم بمظهر سيئ إجمالا، لكن هذه الزواحف الجديدة تعمل كشكل أكثر من مضمون، حيث ان وجودها في القصة يقتصر على كونها إعاقات تواجهها شخصيات «أوين» و«كلير» وكايلا (ديواندا وايز)، لذا فإن أي مصادر تشتيت قد تنتج عن ديناصورات ذات مظهر غير مثالي ستكون محدودة بلمحات تمتد إلى ثوان قليلة.
أما من ناحية الأكشن، فإن الفيلم مليء بمطاردات الديناصورات المثيرة، ومواجهات الديناصورات لبعضها بعضا، وعودة ديناصورات مفضلة لدى المعجبين مثل «بلو» و«ريكسي» و«الديلوفوسورس»، ولا تقلقوا، تلك الأتروسيرابتور هي الديناصورات الوحيدة التي لا تبدو جيدة كثيرا.
صحيح أن «Dominion» يميل بشدة إلى الحنين إلى الماضي، ولكن كل فرد من الوافدين الجدد يمثل إضافة ممتازة للسلسلة، حيث يمثل مامودو آثي دور «رامزي كول»، وكذلك كايلا واتس دو «ديواندا وايز»، ويمثل كل منهما إضافة لا تقدر بثمن للقصة.
وبالنسبة إلى «بيتا» ابنة «بلو»، قد نسأل «هل تم إنشاء صغيرة الديناصور هذه بقصد بيع الدمى فحسب؟» ربما، و«هل تشكل إضافة مثيرة ومحببة لمجموعة الديناصورات في «Jurassic Park»؟» نعم، ويمكنكم وضعها إلى جانب دمى «Baby Yoda» و«Baby Groot» كما أن بيتا والأتروسيرابتور ليست الإضافات الجديدة الوحيدة من عصر ما قبل التاريخ، حيث نرى نسخا واقعية للعديد من الديناصورات (والتي تم تحديثها عما عرفناه عن تلك الحقبة في الوقت الذي تم فيه صنع «Jurassic Park» الأصلي) وتم تقديم تهديد بيولوجي جديد مفاجئ ينتهي به المطاف بمنافسة الديناصورات على من هو أكبر تهديدا لبقاء البشرية.
يوصلنا كل هذا إلى الشيء الذي جعل معظم المعجبين بـ«Jurassic World Dominion» يشعرون بالحماس، وهو عودة الثلاثة الكبار، حيث يعود كل من النجوم سام نيل ولورا ديرن وجيف غولدبلوم لتأدية شخصياتهم بدور الأطباء «آلان غرانت» و«إيلي ساتلر» و«إيان مالكولم» على التوالي، وتلك العودة مبهجة كما هو متوقع بعد غياب ثلاثتهم بمشاهد مشتركة على الشاشة لما يقرب من 30 عاما، لكن الأهم من ذلك هو أن وجودهم في سلسلة «World» لا يبدو مفروضا، حيث ان المؤلفين إميلي كارمايكل وكولين تريفورو وديريك كونلي لم يضعوا أسبابا خرقاء لكي يحتاج «أوين» و«كلير» للذهاب إلى أي من الثلاثة للحصول على المساعدة، وبدلا من ذلك تتقاطع طرقهم بشكل طبيعي يبرر بسهولة وجود الجميع في القصة.
لا يهتم «Jurassic World Dominion» كثيرا بحقيقة أن الديناصورات أصبحت الآن تحديا دائما في عالمنا، كما لا يؤمن بذكاء المشاهدين لاستكشاف تلك القصة المعقدة، بصراحة يقوم فيلم «Jurassic World :Camp Cretaceous» بعمل أفضل مع مواضيع كهذه، ويعتبر هذا أمرا محبطا مع استمرارية السلسلة، لكن مازال هناك ما يكفي من الأشياء في «Dominion» التي تترك المعجبين يشعرون بالمتعة، حيث ان نجاحه في دمج الحنين إلى الماضي مع التحديات الجديدة يأتي في صالحه، ويجعلنا في انتظار لرؤية ما ستفعله السلسلة تاليا.