أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن الحاجة إلى صوت ثالث مبدئي وغير منحاز ينادي بتطبيق القانون وإقرار العدل مازالت ملحة وضرورية، خصوصا مع مثول الأخطار واستمرارها في مختلف مناطق العالم. وذكر الغانم أن استمرار ملف القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني لفلسطين من دون حل عادل واستمرار إراقة الدماء والإمعان في الاحتلال والقمع والتهجير والتنكيل شاهد واقعي وملموس على استمرار الأخطار في العالم.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الغانم أمس أمام مؤتمر الشبكة البرلمانية لحركة عدم الانحياز المنعقد حاليا في العاصمة الأذرية باكو.
وقال الغانم في مستهل كلمته: «منذ باندونغ 1955 حتى اليوم تغيرت كثير من المعطيات، وكثير من المحاور والتكتلات والخرائط والتكتيكات، لكن شيئا واحدا لم يتغير، وهو ان العالم لايزال في خطر، خطر الحرب الكونية، وخطر الدخول في المغامرات غير المحسوبة مجددا، وخطر التعبئة الدائمة والاستعداد المتواصل لحرب ما، تقع في مكان ما».
وأضاف الغانم: «كلنا قرأنا التاريخ ومازالت الصور ماثلة أمام أعيننا عندما تنادى عبدالناصر وتيتو ونهرو وسوكارنو وزعيم أكثر من 20 دولة لفعل شيء ما، إزاء الجنون المنفلت من عقاله، وإزاء الاستقطاب الحاد بين شرق وغرب، واشتراكية ورأسمالية، وشمال أطلسي ووارسو».
وذكر الغانم «ربما كانت تلك المناداة رمزية، احتجاجية، شيئا أشبه بالصرخة الرافضة لما يحدث للعالم، لكنها مناداة ودعوة مهمة، لأنها ببساطة عبرت عن الرفض المطلق لما يجري آنذاك، وكان الشعار الأقرب لحركة عدم الانحياز حينها، وربما حتى اليوم هو (أنتم لستم وحدكم في هذا العالم)».
وأشار الغانم «حركتنا التي نحتفل بمرور 67 عاما على إنشائها، ردة فعل على تلك الترتيبات المريبة والمخيفة التي تمت بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت الحرب الكورية قد انتهت قبل فترة وجيزة بتقسيم كوريا إلى كوريتين، وكان حلف وارسو قد أعلن عن قيامه قبيل ثلاثة أشهر من قيام حركة عدم الانحياز».
وأوضح الغانم «بعد 67 عاما من إنشاء حركة عدم الانحياز لم يتغير شيء، بل تغيرت الأسماء والوجوه والخطاب والاستراتيجيات، لكن جوهر الخطر الماثل والذي استدعى قيام الحركة لايزال كما هو». وقال الغانم: «نسمع الآن عن فرضيات تتعلق بنشوب حرب عالمية ثالثة، ونرى بؤر التفجر، والحروب الأهلية، وأخطار التقسيم، والاحترابات الإقليمية، ماضية على قدم وساق». وأضاف الغانم: «سأكتفي بأكثر مثال يحقق تلك المقاربة، وهو الملف الأكثر قدما، والملف المستمر حتى الآن، والملف الذي شكل على الدوام (عار) النظام الدولي القديم والجديد معا، والملف الذي جسد كل علل السياسة، من الميكيافيلية والكيل بمكيالين، والصلف، والقفز على القانون وأعني هنا ملف القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني لفلسطين».
واستطرد الغانم قائلا: «إن استمرار هذا الملف من دون حل عادل، واستمرار إراقة الدماء، والإمعان في الاحتلال والقمع والتهجير والتنكيل كلها شواهد على أن الوضع لم يتغير في هذا العالم، وأن الحاجة إلى صوت ثالث مبدئي غير منحاز، وينادي بتطبيق القانون وإقرار العدل، مازال ملحا وضروريا».
وأوضح الغانم «ان التحدي الأكبر أمام حركة عدم الانحياز، هو تعزيز الايمان بفكرته الأولى، وهي فكرة لم تسقط برغم كل شيء، فكرة أن تكون وسطيا ووسيطا، وعادلا ومعتدلا، ومجمعا وجماعيا، وألا تكون حطبا لنار الغير، وبيدقا مسلوب الإرادة على رقعة الغير، وأداة طيعة بيد الغير».
وأكد الغانم «حركة عدم الانحياز كانت طريقا ثالثا، ورفضا للثنائيات، واحتجاجا على العزلة، ودعما للتعدد، واحتفالا بالتنوع، وتكريما لكل جهد يقفز فوق اختزال الإنسان في طريقين اثنين لا ثالث لهما، ومن هذا الإيمان علينا أن نعمل حثيثا، ونرسم تصوراتنا ورؤانا».
وبين الغانم «نحن لسنا منظمة إقليمية معزولة في جغرافيا ما، بل نحن حركة عدد أعضائها أكثر من نصف عدد دول العالم، موزعين على كل القارات والأعراق والأديان والثقافات والملل، ومن هذا الإيمان يجب أن نعمل وننطلق».
وفي ختام كلمته، أعرب الغانم عن شكره لأذربيجان الصديقة، على حسن إدارتها حركة عدم الانحياز منذ رئاستها إبان مؤتمر الرؤساء قبل ثلاث سنوات، وعلى كل المجهود الذي بذلته طوال فترة رئاستها في رعاية أنشطة الحركة.
وكانت أعمال مؤتمر الشبكة البرلمانية لحركة عدم الانحياز قد انطلقت في العاصمة الأذرية باكو في وقت سابق أمس تحت رعاية رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف وبمشاركة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم والوفد البرلماني المرافق له.
وألقى الرئيس علييف في افتتاح المؤتمر كلمة شدد فيها على ضرورة وقوف جميع الدول على مسافة واحدة تجاه مختلف النزاعات والخلافات، وان تكون المبادئ والقوانين الدولية أساسا وفيصلا في حل اي خلاف.
من جهتها، دعت رئيسة البرلمان في جمهورية أذربيجان صاحبة غافاروفا في كلمة لها برلمانات الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز الى تكثيف الجهود وتوحيد المواقف في المحافل البرلمانية الدولية بشأن العديد من الملفات المهمة والحساسة.
يذكر أن الرئيس الغانم وصل والوفد المرافق له إلى أذربيجان يوم أول من أمس للمشاركة في مؤتمر الشبكة البرلمانية لحركة عدم الانحياز الذي يعقد تحت عنوان (دور البرلمانات الوطنية في تعزيز السلام العالمي والتنمية المستدامة).
ويضم الوفد البرلماني كلا من وكيل الشعبة البرلمانية النائب د.عبيد الوسمي، وأمين صندوق الشعبة النائب سلمان الحليلة، والنائبين أحمد الحمد ومبارك الخجمة العجمي.
..ويهنئ نظيريه في الكونغو الديموقراطية بالعيد الوطني
بعث رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ببرقيتي تهنئة إلى رئيس المجلس الوطني في جمهورية الكونغو الديموقراطية كريستوف مبوسو نكوديا بوانغا، ورئيس مجلس الشيوخ موديست باهاتي لوكويبو، وذلك بمناسبة العيد الوطني لبلدهما.