- من أجمل اللحظات التي مرت علينا إعلان بدء عملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت
- العلاقات الكويتية ـ العراقية الحالية جيدة بفضل حكمة قائد الإنسانية الراحل الشيخ صباح الأحمد
- أثناء الغزو كنت برتبة نقيب في قوات المغاوير وطلب منا الجانب العراقي نزع ملابسنا العسكرية وارتداء أخرى مدنية ورفضنا وتمسكنا بمعسكرنا
- عدنا إلى الكويت بتاريخ 28 مارس 1991 وحرصت على توثيق أحداث الكويت في كتابين قمت بكتابتهما وطباعتهما بالعربية والإنجليزية
- أتمنى الاهتمام بتخليد ذكرى الشهداء والأسرى وعرض صورهم في الشوارع العامة تكريماً وتقديراً لهم ولتضحياتهم
- الكويت خرجت منذ اليوم الأول للغزو عن بكرة أبيها وكان للمقاومة الشعبية دور كبير بجانب المقاومة السياسية والعسكرية
- نشكر الدول العربية الشقيقة والأخرى الصديقة التي وقفت مع الشرعية الكويتية منذ اللحظة الأولى حتى تمام التحرير
أجرت الحوار: آلاء خليفة
2 أغسطس من كل عام ذكرى أليمة في نفوس جميع الكويتيين تذكرهم بتلك «الليلة السوداء» التي اجتاحت فيها القوات العراقية ارض الكويت الطاهرة وأعلنت عن احتلالها الكامل للكويت والسيطرة على كافة المرافق، ناهيكم عن اعمال العنف التي قامت بها القوات العراقية تجاه الكويتيين من تعذيب وضرب وإهانة وسلب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة. اليوم وبعد مرور 32 عاما على تلك الذكرى الأليمة تلتقي «الأنباء» بطلا من أبطال الكويت اثناء الغزو العراقي، الأسير الكويتي العقيد ركن متقاعد ناصر سلطان سالمين، احد الضباط الذين تم أسرهم في المعتقلات والسجون العراقية، حيث تم أسره يوم 3 أغسطس 1990 وتم إطلاق سراحه بتاريخ 27 مارس 1991 وعاد الى ارض الوطن في 28 مارس 1991. سالمين فتح لنا قلبه وعقله وحكى لنا عن ذكرياته اثناء فترة الغزو حتى اعلان تحرير الكويت من براثن العدو الغاشم، مستذكرا دور المقاومة الكويتية في مواجهة العدو وكذلك دور الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة في الوقوف مع الشرعية الكويتية حتى تمام التحرير وعودة الكويت حرة أبية، واليكم التفاصيل:
بداية نود ان تسرد لنا قصة أسرك ابان الغزو العراقي الغاشم على الكويت والأحداث المتعاقبة التي توالت بعد ذلك؟
٭ بالعودة الى 32 عاما مضت، كانت هناك بدايات أزمة مفتعلة من النظام العراقي البائد بعد خطاب المقبور صدام حسين بتاريخ 17-7-1990 الذي أجج الموقف وبدأ هناك استنفار للجيش والشرطة والحرس الوطني وجميع قطاعات الكويت بعد خطابه الذي قال فيه: «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، فبدأت الاستعدادات وحالة التأهب لما سيأتي بعد هذا التهديد المبطن، وكنت حينها ضمن وحدة من وحدات الجيش وهي وحدة «قوات المغاوير» برتبة نقيب وتم استدعاؤنا فورا وإعطاؤنا بعض التوجيهات حول الاستعدادات والتأهب للأيام المقبلة، وبالفعل بدأت نبرة الخطابات ترتفع من حيث حدتها وكذلك المذكرات عن طريق وزير الخارجية العراقي ورد عليه وزير الخارجية الكويتي آنذاك المغفور له الشيخ صباح الأحمد، وكذلك تدخلت جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية بإرسال وفود الى الجانبين الكويتي والعراقي الا ان النظام العراقي البائد كان قد بيت النية لاحتلال الكويت، وبالفعل غزا العراق الكويت فجر يوم 2 أغسطس 1990 وتحركت سريتان من قوات المغاوير، سرية اتجهت الى سناتر النفط في الروضتين بجانب ام العيش لحماية المنطقة والأخرى عند النزول من منطقة المطلاع، ودارت معارك قوية على مختلف وحدات الجيش الكويتي الجوية والبرية والبحرية، وتعاملنا مع الموقف بكل شجاعة لكن سقطت الكويت وتم احتلال جميع معسكرات الجيش والدوائر الحكومية وتم تطويق قوات المغاوير من قبل الجيش العراقي والدخول بمفاوضات بين الجانبين الكويتي والعراقي متمثلة في آمر قوات المغاوير الكويتية المقدم ركن أحمد السعد، ولكن الجانب العراقي طلب منا نزع ملابسنا العسكرية وارتداء ملابس مدنية وتسليم المعسكر لكننا رفضنا وتمسكنا بمعسكرنا وأقسمنا امام الله عزوجل وامام الأمير بأننا لن نفر وقت الشدائد، وتم القبض علينا، وصباح يوم الجمعة 3 أغسطس تم ترحيلنا الى المعتقلات العراقية.
ذكريات الأسر
حدثنا عن ذكرياتك في المعتقلات والسجون العراقية خلال فترة الأسر؟
٭ عشنا فترة قاسية استمرت 238 يوما بما يعادل 8 اشهر تقريبا من تاريخ 3 أغسطس 1990 حتى 27 مارس 1991 وانتقلنا الى اكثر من معتقل وسجن داخل العراق، وتعرضنا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وشعرنا بألم شديد ومعاناة حقيقية، ففي البداية تم ايداعنا معتقل «الزبير» بجانب البصرة في 3 أغسطس 1990، واستخدموا معنا اقسى أنواع التعذيب والشدة حتى ندخل معهم في حكومة مؤقتة غير شرعية لكننا رفضنا ذلك رفضا تاما، ووقف أبناء الوطن الشجعان وقفة رجل واحد ثم توجهنا يوم 7 أغسطس 1990 الى معتقل الرشيد في منطقة بغداد وكانت الحياة قاسية جدا في هذا المعتقل من جميع النواحي لكننا واجهنا تلك التحديات بالصبر والايمان وحب الوطن، وقد بذل كبار القيادات الكويتية الموجودون في المعتقلات دورا جبارا في احتواء الجميع والتخفيف عن الضباط حديثي التخرج خلال فترة الأسر، وتم نقلنا يوم 27 أغسطس 1990 الى معتقل الموصل وبقينا حتى 6 نوفمبر 1990 وقررت القيادات تشكيل لجان بهدف المحافظة على جميع الاسرى داخل هذا المعتقل من الناحية الصحية والبدنية والنفسية، ومنها لجنة المطبخ واللجان الرياضية والإسلامية والنظافة والزراعة وغيرها.
وفيما بعد انتقلنا الى معتقل «بعقوبة» في بغداد بتاريخ 7 نوفمبر، وبقينا فيه حتى تم إطلاق سراحنا يوم 27 مارس 1991، ودخل 635 أسيرا في بداية الغزو واطلق سراحنا بـ 679 أسيرا حيث كان العدد في زيادة.
أجمل اللحظات
ماذا تتذكر لحظة اعلان تحرير الكويت من براثن العدوان العراقي الغاشم؟
٭ أجمل لحظة مرت علينا خلال تلك الفترة عندما تم السماح لأسرنا وأهالينا بزيارتنا بالمعتقل في شهر ديسمبر 1990، مما خفف عنا كثيرا من معاناة الأسر واحضروا لنا طعاما وملابس ومستلزمات عدة كنا بحاجة إليها، وكذلك من أجمل اللحظات عندما سمعنا عن انطلاق عاصفة الصحراء بتاريخ 17 يناير 1991 والتي اطلقتها قوات التحالف، فقد شعرنا ببارقة أمل نحو تحرير الكويت وبتاريخ 24 فبراير 1991 كان دخول القوات البرية، ومن ثم جاءت اللحظة الحاسمة بسماعنا إعلان تحرير الكويت بعد اعلان انسحاب الجيش العراقي من الأراضي الكويتية بتاريخ 25 فبراير 1991، وفي 26 فبراير 1991 اعلن الرئيس الأميركي تحرير الكويت، وكانت فرحتنا لا توصف من داخل المعتقلات العراقية وسجدنا سجدة شكر لله عز وجل على نعمة التحرير، وفي 4 مارس عقد اجتماع الخيمة وقرر إطلاق سراح جميع الأسرى الكويتيين والعراقيين وتم اطلاق سراحنا يوم 27 مارس 1991، وعدنا الى الكويت في 28 مارس 1991.
بعد مرور 32 عاما على الغزو العراقي نود تأكيد حرصك على توثيق الأحداث في كتب قمت بكتابتها وطباعتها.
٭ كوني عايشت تلك الفترة داخل السجون والمعتقلات العراقية قررت توثيقها بالاحداث والصور ضمن كتب قمت بكتابتها وطباعتها، وصدرت باللغتين العربية والانجليزية تحت عنوان «يوميات أسير كويتي في السجون والمعتقلات العراقية»، وكتاب «عندما كنت أسيرا»، تتضمن قصصا لقيادات قدمت ارواحها فداء للوطن خلال فترة الغزو، فكان لا بد من تخليد قصصهم للتاريخ وذلك بدعم من السيدة الفاضلة الشيخة بيبي اليوسف السعود الصباح، والهدف من إعداد تلك الكتب اطلاع الأجيال الحالية والقادمة على احداث الغزو العراقي الغاشم والمعاناة التي عاشها اهل الكويت حينها، وكيف واجهوا الغزو بكل بسالة وشجاعة لحين استرداد الوطن الغالي، كما قمت بنشر صور عدة على حسابي في «الانستغرام» عن حياتنا في المعتقلات العراقية اثناء فترة الغزو، وبدعم من وزير الدفاع آنذاك الشيخ خالد الجراح الذي قدم لي الدعم لاصدار هذا الكتاب، وحاليا أعمل على طباعة الطبعة الثالثة، كما أود ان أشكر رئيس الأركان العامة آنذاك الفريق محمد خالد الخضر الذي ساعدني في الترجمة الى اللغة الإنجليزية.
وأتمنى حقيقة من وزارة الاعلام ووزارة التربية ان تهتم بفترة الغزو العراقي على الكويت عن طريق منهج للتربية الوطنية وعرض التضحيات التي قدمها الشعب الكويتي من الشهداء والأسرى وعرض صورهم في الشوارع العامة تخليدا لذكراهم على مر التاريخ، ولا بد من الاهتمام بتكريم أهالي الشهداء والأسرى والمفقودين تكريما لما قدموه خلال فترة الغزو.
فزعة شعبية
كيف تصف لنا دور المقاومة الكويتية اثناء الغزو من رجال ونساء؟
٭ منذ اول الأيام خرجت الكويت عن بكرة أبيها، فقد شهدت البلاد فزعة ليست فقط على المستوى السياسي والعسكري وانما كذلك الشعبي من رجال ونساء الكويت البواسل الذين وقفوا في وجه العدو وشكلوا المقاومة الشعبية للحفاظ على الأرواح والأطفال وكبار السن والمنازل، وهناك الكثير من الشهداء والشهيدات والأسرى والأسيرات الذين قدموا ارواحهم فداء للوطن بل وشكل الكويتيون لجانا شعبية في كل منطقة، وقاموا بتوزيع الخبز وجمع القمامة وتوزيع الادوية وغيرها من الاعمال التطوعية، ناهيكم عن المظاهرات التي خرجت منذ اليوم الاول للغزو داخل الكويت وخارجها في جميع دول العالم تندد بالغزو وتطالب برحيل القوات العراقية ففي وقت الشدائد نجد بصمة حقيقية للشعب الكويتي.
دعم الشرعية
وكيف تصف لنا دور الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة في الوقوف مع الشرعية الكويتية؟
٭ لا يمكن ان ننسى دور الدول التي وقفت مع الشرعية الكويتية ودعمها ونددت بالغزو العراقي منذ اللحظة الاولى وعلى رأسها دول مجلس التعاون الخليجي والشقيقة جمهورية مصر العربية ولبنان بالإضافة الى الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والكثير من الدول الاوروبية، ومن ناحية اخرى كانت هناك دول مع الأسف الشديد وقفت مع الجانب العراقي ومواقفها مشينة ومخزية في الغزو.
وكيف تقيم العلاقات الكويتية ـ العراقية حاليا ومستقبلها؟
٭ العلاقات الكويتية ـ العراقية حاليا جيدة وذلك بسبب حكمة قائد الانسانية الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، الذي استطاع تحسين العلاقات بين الجانبين وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة، وقد قامت الكويت في السنوات الاخيرة بالتبرع من اجل اعادة أعمار وبناء العراق فضلا عن الزيارات المتبادلة بين الطرفين، فالعلاقات الكويتية - العراقية لابد أن تستمر بحكم كونهما دولتين متجاورتين، لكن العمل الذي قام به النظام العراقي البائد في 2 أغسطس 1990 لابد ان يوثق ليبقى في عقول الأجيال وقلوبهم.
الإنسان بلا وطن لا قيمة له
قال العقيد ركن متقاعد ناصر سالمين بمناسبة الذكرى الـ32 للغزو العراقي الغاشم على دولتنا الحبيبة الكويت: أود ان اقول للأجيال الحالية والقادمة حافظوا على الكويت والتفوا حول قيادتنا وحافظوا على الوحدة الوطنية وانبذوا كل أنواع الخلافات، ولا تدعوا مجالا للقبلية والطائفية ان تشق صفنا ووحدتنا الوطنية، ولكم في الغزو العراقي على الكويت عظة وعبرة، مؤكدا أن الوطن غال وواجبنا الحفاظ عليه فالإنسان من دون وطن لا قيمة له.
وأكد سالمين انه لا يحمي الوطن إلا ابناؤه، وهذا هو دور الشباب الكويتي اليوم في الالتحاق بالسلك العسكري وتلقي التدريب الجيد ليكونوا سدا منيعا في وجه أي عدو يحاول ان يدنس أرض الكويت الطاهرة، مشددا على اهمية اللحمة الوطنية من اجل الدفاع عن وطننا الغالي.
أبطال «بيت النزهة»
أشار العقيد ركن متقاعد ناصر سالمين خلال حديثه لـ«الأنباء»، الى أبطال بيت النزهة وهم مجموعة من القيادات العسكرية الكويتية الذين تم القبض عليهم في منزل بمنطقة النزهة، كان يضم قيادات كبيرة كان لهم اتصال مباشر مع الحكومة الكويتية في مدينة الطائف، وكانوا يتلقون منها الأوامر والتعليمات وهم بدورهم كانوا يرسلون رسائل الى الحكومة الكويتية في الطائف ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: العميد عبدالوهاب المزين، والعميد يوسف مشاري، والعقيد يعقوب السجاري، والمقدم سفاح عنبر، والمقدم سعود العبدالرزاق، وهؤلاء الخمسة مازالوا مفقودين الى يومنا هذا، وهناك 3 آخرون كتب لهم الله عزوجل النجاة وهم العقيد عبدالله الجيران، والمقدم عبدالله السبت، والرائد عبدالسلام السميط.
وأضاف سالمين: هؤلاء الأشخاص كانوا من الشخصيات المنسية ولم يذكرهم التاريخ، لكن في كتابي «عندما كنت أسيرا» تطرقت الى قصة القبض عليهم والاعمال التي قاموا بها وكيف تركوا عائلاتهم في فرنسا وذهبوا في اليوم الثاني للغزو العراقي الى لندن ومنها الى السعودية حتى يدخلوا الى الكويت ويدافعوا عنها بكل ما أوتوا من قوة.
شكراً على الدعم
توجه العقيد ركن متقاعد ناصر سالمين بالشكر والتقدير الى الشيخة بيبي اليوسف السعود الصباح ، وإلى الشيخ مبارك العلي اليوسف الصباح ، على دعمهما المعنوي الكبير لإصدار كتابه الوطني «عندما كنت أسيرا».
اقرأ ايضاً
بالفيديو.. الفريق الركن متقاعد علي الشنفا لـ«الأنباء»: تعرضنا للأسر مع 767 من قادة الضباط بداية الغزو.. وأسباب عدة جعلت هروبنا مستحيلاً