في هذه الأيام المباركة تنفسنا الصعداء بعد أن رأينا بالصوت والصورة والفعل نشاطا حكوميا صادقا في محاربة الفساد، ومما لا شك فيه أن هذا التوجه يعتبر مطلبا شعبيا ومهما جدا لكل مواطن غيور على وطنه.
وقد ذكرت فيما مضى من الوقت أنني متفائل بأن الإصلاح قادم لا محالة من خلال مقال سابق لي نشرته قبل عام ونصف العام تحت عنوان «المرحلة الصفرية للكويت قادمة» وتكويت البلدية خير دليل على ذلك، ولكن ما أدهشني في الأمر أن هذه المكافحة لم تكن ناعمة ولم تكن قمعية مطلقة، بل إنها جاءت كقوة قانونية ضاربة لا ترحم أحدا، خصوصا من يعتقد خطأ أنه فوق القانون، ولا ألوم البعض من وصوله إلى مرحلة اعتقاده بأنه فوق القانون لأنه لا يرى رادعا له، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، وعندما يسوء الأدب تفسد الذمم والأخلاق والأعراف والشيم وتتفشى خيانة أمانة الوطن ولكن الله يمهل ولا يهمل.
ولو ـ لا سمح الله ـ استمر هذا الفساد مع غياب قوة الردع المفرطة له «كما هو الحال في دول الجوار» لوصلت الدولة إلى مرحلة الفوضى الخلاقة والتي تعني انهيار الدولة، إلا انه ولله الحمد لدينا أمناء أشداء يحبون الكويت، والكويت تحبهم ويتمتعون بالشهامة والشجاعة والغيرة والنخوة والحمية عليها، وهم معروفون لدى الجميع وأغنياء عن التعريف، وسيعيدون الكويت بعون الله ثم بجهودهم الجبارة إلى أفضل مما كانت عليه.
والحقيقة أن الفلسفة الفيزيائية القانونية السياسية التي تسعى إلى إعادة الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح تكاد تكون مشابهة للعمليات الحيوية في داخل جسم الإنسان.
فإما أن يكون الشخص قويا ومتعافيا ومستمتعا بحياته، وهذا لكون العمليات الكيميائية الحيوية بداخل جسمه تسير بشكل صحيح ولا يوجد عائقا أمامها. أو أن يكون هناك خلل بيولوجي داخل جسمه فيمرض ويكثر أنينه بسبب المريض وأحيانا لا ينام الليل، وقد تنهار روحه المعنوية فتجده يأخذ أدوية أو مسكنات أو أن حالته تتطلب تدخلا جراحيا لاستئصال الورم الخبيث الذي قد يكون بداخله، ومن ثم يتعافى المريض وتدب الحياه به من جديد، وباختصار هذه هي العلاقة بين الإصلاح والفساد.
وحكومة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف أثبتت للشعب منذ بدايتها أنها خبيرة في جراحة واستئصال الأورام السرطانية الخبيثة في جسد الكويت والمتمثلة في الفساد بكل أنواعه.
ولو تتبعنا جذور الفساد في الكويت لوجدنا أنه ولد فعليا عندما ولي الأمر لغير أهله الكويتيين، وأقسم بالله أنني واجهت الكثير من أبناء الوطن العباقرة المهملين والمقهورين على حال الكويت أكثر من قهر الأم على ضياع ابنها.
فلماذا لا يوكل الأمر إلى أبناء الكويت الشرفاء ويستبعد الخبير الأفريقي، علما أن أفريقيا غارقة في الفساد، وهذا الخبير الأفريقي غالبا لا يكون خبيرا في تخصصه الذي يزعم أنه سيفيد الكويت به، والحقيقة أنه خبير في علوم الفساد التي درسها في بلده وحملها معه في عقله وسلوكه وذمته الواسعة، وهذا الخبير يعتمد على مبدأ «أنا وليهلك الجميع» أو «أنا.. ولتهلك الكويت» إن جاز التعبير.
والدليل على ذلك تراكم الفساد وتراكم أبناء جلدته في الكويت. واختفاء جميع الجاليات العربية الأخرى أمام فصيلته، وهذا دليل سيطرته على القرار الكويتي، وأنا أجزم بأنه لو تم الاستغناء عن هؤلاء الخبراء المزعومين والذين يصورون لنا أنهم جميعا حاصلون على جائزة نوبل في تخصصاتهم لتحولت الكويت إلى اليابان الثانية.