السياحة لا تقل أهمية عن الغذاء والماء والرياضة والمأوى، فهي غذاء النفس، بل هي علاج النفس لكل أفراد الأسرة، فرب الأسرة معتاد على روتينه اليومي، إذ يستيقظ في الصباح الباكر ويذهب إلى مقر عمله فيعمل وهو لا يعلم أن جهازه العصبي يعمل بداخله بكامل طاقته، وهذا الأمر يجعل أعصابه مشدودة ونفسيته متقلبة، خاصة إذا كان عمله يتطلب العمل مع الجمهور ونستطيع القول إن من يعمل مع الجمهور مثله كمثل من يدخل يده في جحر ولا يعلم ما سيخرج له.
وفي الكويت وتحت ظل الصراع المزمن بين السلطتين والنسيان التام للسياحة الداخلية تم إفراغ الكويت من جميع المراكز السياحة الداخلية مثل المدينة الترفيهية وحديقة الشعب وغيرهما من الأماكن الجميلة التي دخلت الآن في ألبوم زمن الطيبين الجميل.
أما في أيامنا هذه فقد أجبر الشعب من باب الاستغلال التجاري بالترفيه في ألعاب القطاع الخاص بالمجمعات التجارية وهي ذات تكلفة مادية عالية وغير مشجعة لأغلبية الأسر الكويتية، إلا أن الأسرة في الكويت بقيت صامدة في البحث عن البديل السياحي في ظل هذا الصراع، وكانت شواطئ البحر الشمالية ملاذا بديلا لها، أما الشواطئ الجنوبية فهي مملوكة لأفراد، والمنافذ عليها قليلة ومزدحمة من قبل رواد البحر، علما بأن الشواطئ في بلاد الكفار مملوكة للشعب وليس للأفراد، إلا أن تقلبات الطقس في بعض الأحيان تفسد الجلوس على هذه الشواطئ فاضطرت الأسرة إلى التنزه باستئجار شاليه أو جاخور، والاثنان ليس لهما معايير جودة فندقية، يعني انت وحظك، إلا أنهما أسوأ الأفضل.
ومن خلال الوضع المتردي للسياحة الوطنية في الكويت اتجهت الأسر إلى السفر خارج الكويت وهو الأكثر حظا في خيارات السياحة وقد تحمّل رب الأسرة نفقاته ومشاكله، وفي ظل هذا التذمر من إهمال السياحة الداخلية، نجد أن المواطن على يقين مطلق بأن الحكومة لديها القدرة على حل هذه المشكلة، إلا أن قرار حلها وللأسف لايزال على قائمة الانتظار.
وباختصار نجد أن أهمية السياحة الداخلية تدخل في الآتي:
أولا: غياب السياحة يخلق حالة من التوتر بين أفراد الأسرة وقد يقع الطلاق. والتوتر يعود إلى الشحنات السلبية الناتجة من العمل والتي إن لم تجد مخرجا لها سيتم تفريغها في المنزل.
ثانيا: الشباب في الأسرة يبحثون عن جوهم المناسب فيتركون الأسرة ويذهبون مع أصدقائهم والذين قد يكونون أصدقاء سوء فينزلق الأبناء في هاوية المخدرات وهذه كارثة على الأسرة والمجتمع.
ثالثا: ينفق الكويتيون مئات الملايين في مجال السياحة الخارجية ووزارة المالية يفترض أن تستثمر رواتب الموظفين في مشاريع سياحية داخل الكويت بدلا من هروب هذه الأموال إلى خارج الكويت.
رابعا: السياحة تخلق توازنا متناغما بين الأمن الغذائي والأمن النفسي لجميع أفراد الأسرة.
خامسا: السياحة تجمع أفراد الأسرة في مكان واحد ويعتادون على ذلك فتزيد المحبة بينهم ويدخل هذا التجمع السياحي الداخلي في قائمة الذكريات الجميلة للأسرة كما هو الحال في الذكريات الجميلة للمدينة الترفيهية التي دمرت وللأسف بقرار ومن دون وجود بديل لها، إلا أن ذكرياتها باقية في أذهان روادها القدامى من الأسر الكويتية.
سادسا: المعروف عن أبناء الكويت أنهم مبدعون في كل مجال ويجب على الحكومة دعمهم واستغلال إبداعاتهم وأفكارهم في مجال السياحة الداخلية.