بيروت ـ أحمد منصور ووكالات
على ضوء الحادثة الأليمة والتي وقعت في مدينة طرابلس ليل أمس الأول، تداعى المسؤولون والنواب المتحدرون من المدينة لبحث تداعياتها السلبية على الشارع الطرابلسي، وشغلت الحادثة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي، وكلاهما من طرابلس، عما عداه من هموم، استنادا إلى خطورة ما يعنيه إشعال موقد الصراع المذهبي بين منطقة التبانة وجبل محسن في عاصمة الشمال، مجددا، والتي لطالما استخدمت من قبل القوى الحزبية والمخابراتية، كولاعة «غب الطلب».
وفي تفاصيلها، اقتحم ملثمون مسلحون محلا لبيع الهواتف الخليوية في محلة التل، إلى جانب مستشفى شاهين، يملكه محمود خضر من منطقة جبل محسن، وكان إلى جانبه الأخوان الشقيقان محمد وعمر الحصني من بلدة ببنين في عكار.
الرواية الأمنية تشير إلى ان الهدف كان السرقة، لكن لم يظهر أي سرقة حصلت، واستنفر الجيش والقوى الأمنية، التي أعادت الحواجز الثابتة والنقالة، بين التبانة وجبل محسن، تحسبا لتجدد الاشتباكات التي أزهقت العديد من الأرواح في زمن ليس ببعيد، حين استخدمت هاتان المنطقتان وأهلها كصندوق بريد إقليمي لتبادل الرسائل السياسية الساخنة.
وكشفت قيادة الجيش اللبناني تفاصيل الحادث الدموي، الذي أسفر عن سقوط 4 قتلى، مؤكدا إلقاء القبض على أحد المتهمين بارتكاب الحادث.
وقالت في بيان أن منطقة التل بطرابلس «شهدت قيام مواطن مطلوب للجهات الأمنية، لكونه من أصحاب السوابق الجرمية والإرهابية، بإطلاق النار من أسلحة حربية يرافقه 3 أشخاص مجهولين يستقلون دراجتين ناريتين في اتجاه محل لبيع الهواتف المحمولة مملوك لأحد المواطنين، ثم دخلوا المحل وأطلقوا النار فيه وفروا إلى جهة مجهولة»، وأضاف أن «الحادث نتج عنه مقتل المطلوب المذكور وصاحب المحل واثنين من المواطنين العاملين في المحل».
وقالت انه تم تفجير قنبلة يدوية عثر عليها ملقاة في المحل، وتعطيل قنبلتين أخريين كانتا بحوزة أحد المطلوبين من المتهمين، وأشارت إلى أن دورية ألقت القبض على أحد المتهمين بارتكاب الحادث بعدما تبين أنه شارك في الهجوم.
وأثار الهجوم غضب الأهالي وسكان المنطقة، حيث قام عدد منهم بإطلاق النار العشوائي في شوارع المدينة وهو ما أدى إلى توتر خاصة في منطقتي القبة وساحة النجمة، وأدى التوتر وأعمال العنف إلى فرض طوق أمني في محيط الحادث وتسيير دوريات أمنية وإقامة حواجز تفتيش ثابتة ومتحركة لضبط الأمن في محيط الموقع الذي شهد توترات.
وأجرى المولوي اتصالا بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي (الشرطة اللبنانية) اللواء عماد عثمان للتدخل الفوري لضبط الوضع حفاظا على أمن المدينة وأبنائها.
وأغلقت القوى الأمنية الطرق المؤدية لمنطقة جبل محسن المتاخمة لمدينة طرابلس نظرا لما تردد من معلومات حول انتماء المسلحين لتلك المنطقة.
كما عقد نواب طرابلس اجتماعا استثنائيا في مكتب اللواء أشرف ريفي خصص للبحث في الجريمة.
وأكد المجتمعون ان كل المعطيات التي توافرت للأجهزة الأمنية تشير إلى ان دافع الجريمة جنائي (سطو مسلح)، وشددوا على ان الأمن الاجتماعي وحماية المواطنين وأرزاقهم خط أحمر لا يمكن التساهل به، وان ما يجري من فلتان أمني وسرقة وإطلاق رصاص في الهواء لا يمكن ان يمر دون توقيف مرتكبيه وانزال أشد العقوبات بحقهم، وألا يكتفى بمعالجة النتائج ولابد من معالجة الأسباب برمتها بكل جوانبها الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والسياسية، وإلا فإن البلد سيتجه نحو فوضى أمنية عارمة تقضي على ما تبقى منه.
وشدد المجتمعون على أن هذه المدينة ستبقى رائدة في العيش المشترك بين جميع أبنائها وفئاتها ومناطقها، وأن اجتماعاتهم ستبقى مفتوحة لمتابعة كل القضايا التي تهم المدينة وأهلها.