حذرت واشنطن موسكو من أي تدخل في الانتخابات الاميركية المقبلة، وذلك بعدما كشف تقرير أن روسيا أرسلت سرا مبالغ كبيرة إلى أحزاب سياسية في أكثر من عشرين بلدا لمحاولة التأثير على عمليات الاقتراع فيها، لكن التقرير لم يتحدث عن التدخل الروسي المفترض في الحياة السياسية الأميركية.
وقال تقييم للاستخبارات الأميركية رفعت عنه السرية مؤخرا إن روسيا أرسلت سرا 300 مليون دولار إلى أحزاب سياسية ومرشحين في أكثر من عشرين بلدا منذ 2014 للتأثير على الانتخابات فيه.
وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة الأميركية قلقة من تدخل روسي قبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر المقبل، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن «أي محاولة للتدخل في نظامنا الديموقراطي ستقابل بعواقب وخيمة».
وقال مسؤول أميركي كبير إن الولايات المتحدة «تعتبر أن هذه تقديرات تشكل الحد الأدنى وأن روسيا حولت على الأرجح سرا مبالغ أكبر لم يتم رصدها». وصرح هذا المسؤول لصحافيين طالبا عدم كشف اسمه «نعتقد أن هذا مجرد الرأس الظاهر من جبل الجليد».
وتتحدث واحدة من أهم الحالات التي وردت في التحليل الاستخباراتي الجديد عن سفير روسي في دولة آسيوية قدم ملايين الدولارات لمرشح للرئاسة.
ولم تذكر الاستخبارات الدول المعنية. لكن مصدرا قريبا من الملف في إدارة الرئيس جو بايدن ذكر أن موسكو أنفقت حوالى 500 ألف دولار لدعم مرشح من الحزب الديموقراطي الألباني (يمين الوسط) في انتخابات 2017.
وأوضح هذا المصدر أن روسيا مولت أحزابا أو مرشحين في كل من: مونتينيغرو والبوسنة ومدغشقر.
وتابع أن موسكو تستخدم مدينة بروكسل مركزا تقوم مؤسسات ومنشآت كثيرة انطلاقا منه بدعم مرشحين من اليمين المتطرف.
وأضاف المصدر نفسه أن السفارة الروسية في الإكوادور تلقت «مبالغ كبيرة» بين 2014 و2017 بهدف التأثير على نتيجة الانتخابات على ما يبدو، لافتا الى إن وزارة الخارجية الأميركية ستطلع حكومات أكثر من مئة بلد على هذه النتائج.
وفي أوروبا استخدمت موسكو عقودا وهمية وشركات هي مجرد واجهة لتمويل أحزاب سياسية، بينما قامت الشركات الحكومية الروسية بتحويل أموال إلى أميركا الوسطى وآسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسب واشنطن.
وقالت الاستخبارات الأميركية أيضا إن روسيا أرسلت مبالغ نقدية في بعض الأحيان لكنها استخدمت أيضا عملات مشفرة «وهدايا فاخرة».
وكانت إدارة بايدن طلبت هذا التقييم في أعقاب غزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي الذي دفع الولايات المتحدة إلى بذل كل ما في وسعها لعزل موسكو وتسليح كييف.
واوضح المتحدث باسم وزارة الأميركية إن التدخل الروسي المفترض في انتخابات في الخارج «يشكل هجوما على السيادة».
وأضاف أن «هذه محاولة لتقويض قدرة الشعوب في جميع أنحاء العالم على اختيار الحكومات التي يرونها الأقدر على تمثيلهم».
اتهمت الاستخبارات الأميركية في الماضي روسيا بالتدخل في الانتخابات الأميركية التي جرت في 2016، بما في ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدعم دونالد ترامب الذي أعرب عن إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن تقييم الاستخبارات الجديد هذا لا يأتي على أي تحليل لهذه المسألة.
وأكدت وثيقة داخلية للخارجية الأميركية موجهة إلى الممثليات الديبلوماسية في الخارج أن روسيا قامت بحملة التمويل من أجل «زيادة تأثيرها على الأفراد والأحزاب» ثم التأكيد من أن هؤلاء «سيحققون نتائج جيدة في الانتخابات».
وأضافت الوثيقة أن روسيا تتبع استراتيجية من شقين، هما: تعزيز فرص المرشحين المفضلين وكسب نفوذ داخل الأحزاب السياسية.
وأكدت أن «العلاقات الخفية بين هذه الأحزاب والمتبرعين الروس تقوض سلامة المؤسسات الديموقراطية والثقة العامة بها».
ورفض المسؤول الاميركي الكبير في إدارة بايدن أي مقارنة بين جهود روسيا هذه والممارسات الأميركية مثل تمويل مراقبي الانتخابات والمنظمات غير الحكومية المؤيدة للديموقراطية.
وقال إن المساعدة الأميركية شفافة و«نحن لا ندعم حزبا معينا أو مرشحا محددا»، مشددا على أن «الأمر يتعلق بالحكم الديموقراطي ومحاولة مساعدة الديموقراطيات الأخرى على تعزيز الحكم الديموقراطي».