دخلت المواجهة الروسية - الغربية مرحلة جديدة محورها الطاقة، بعد الانتكاسات الكبيرة التي شهدتها قوات موسكو الغازية لأوكرانيا بفعل الاسلحة الغربية التي غيرت دفة الحرب.
وتصاعدت حدة التوتر على وقع تهديدات واتهامات متبادلة بين موسكو والغرب، بالوقوف وراء التسريبات الغازية التي اصابت خطي غاز «نوردستريم 1و2» في بحر البلطيق، وسط مخاوف من ازمة طاقة تواجهها اوروبا مع اقتراب الشتاء، وتحذيرات من كارثة بيئية غير مسبوقة.
ورغم أن الخطين لا يعملان حاليا، لكنهما يحتويان على الغاز ما تسبب بظهور فقاعات في التسرب الذي رصد على سطح مياه البحر في المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين للسويد والدنمارك، وفقا لـ «فرانس برس».
وبحسب وكالة «بلومبيرغ» تشير بركة المياه الفوارة التي يبلغ عرضها 700 متر في بحر البلطيق والناجمة عن تمزق خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم إلى «كارثة مناخية».
وتؤكد «بلومبيرغ» حسبما نقل عنها موقع «الحرة» أن الأنابيب كانت تحتوي على «غاز طبيعي مضغوط، والغالبية العظمى منه عبارة عن غاز الميثان».
ويشير ديفيد مكابي، وهو كبير العلماء في منظمة Clean Air Task Force المناخية غير الربحية، إلى أن «طن واحد من الميثان يؤثر على المناخ أكثر من 80 ضعف تأثير ثاني أكسيد الكربون»، وفقا لـ«بلومبيرغ».
وقدر أندرو باكستر، وهو مدير استراتيجية الطاقة في صندوق الدفاع عن البيئة، كمية الميثان المسربة بحوالي 115 ألف طن، وهو ما يعادل حوالي 9.6 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون.
ويعادل تأثير تلك الكمية من الميثان نفس التأثير المناخي للانبعاثات من «مليوني سيارة تعمل بالبنزين على مدار عام، أو محطات طاقة تعمل بالفحم مرتين ونصف»، وفقا لـ «بلومبيرغ» التي توقعت ان يكون تسريب هذه الكمية من الميثان هو الأكبر تاريخيا على الإطلاق، حسب «بلومبيرغ».
اما في الشق السياسي من حرب الغاز، فقد هدد الاتحاد الأوروبي، بالرد على أي هجوم على منشآت الطاقة التابعة له. وأكد بيان صادر عن مسؤول السياسة الخارجية فيه جوزيف بوريل، متحدثا باسم الدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد «أي عبث متعمد بمنشآت الطاقة الأوروبية غير مقبول بتاتا وسيقابل برد قوي وموحد».
وشدد على أن «كل المعلومات المتوافرة تشير إلى أن تسرب الغاز ناجم عن عمل متعمد».
من جهته، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ عن قلقه بشأن التسرب. وقال بعد لقائه وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف إنه «عمل تخريبي»، مضيفا أنه ناقش حماية البنية التحتية الحيوية في بلدان الحلف مع الوزير الدنمركي.
في المقابل، اعتبر الكرملين انه من «الغباء والسخف» استنتاج أن روسيا كانت وراء تسرب الغاز من خطوط أنابيب نورد ستريم الذي اعتبره الاتحاد الأوروبي «عملا متعمدا».
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين «إنه أمر متوقع تماما وغبي وسخيف كما هو متوقع أيضا أن تصدر روايات على هذه الشاكلة».
وأضاف أن حالات التسرب «تطرح مشكلة» بالنسبة لموسكو.
وتابع «الخطان كانا ممتلئان بالغاز الجاهز للضخ، وهذا الغاز ثمين جدا. والآن هذا الغاز يتبخر في الهواء»، وأضاف أن موسكو شهدت زيادة حادة في أرباح الشركات الأميركية التي تورد الغاز إلى أوروبا.
واعتبر أن «الوضع يتطلب حوارا وتفاعلا عاجلا من جميع الأطراف لمعرفة ما حدث. حتى الآن نرى غيابا تاما لمثل هذا الحوار».
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، ان موسكو ستطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن التسرب، بعدما دعت الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إعلان ما إذا كانت الولايات المتحدة تقف وراء «العمل التخريبي».