منذ الإعلان عن تفشيه، مطلع سبتمبر الماضي، لم يتوقف عداد الإصابات بمرض «الكوليرا» بالارتفاع في عموم المناطق السورية، ما دفع منظمات الأمم المتحدة مؤخرا للتحذير من «كارثة»، فيما أبدى باحثون وأطباء مخاوف من سيناريو شبيه باليمن، و«حالة استيطان».
وبعد قرابة شهرين لا تلوح في الأفق أي «بوادر جذرية» لوقف الانتشار الذي يتركز في الوقت الحالي في مناطق شمال وشرق سورية حيث يسيطر مسلحو قوات سورية الديموقراطية (قسد) الكردية، ليتسلل المرض مؤخرا إلى مخيمات النازحين في غربي البلاد، بعدما انتشر أيضا في مناطق سيطرة حكومة دمشق لاسيما حلب.
وتظهر البيانات التي تتيحها بشكل يومي «شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة» أن إجمالي عدد الحالات المشتبه بها في شمال شرقي البلاد وصل إلى 15 ألفا و949 حالة، والوفيات 29.
أما في شمال غرب سورية، فسجلت الشبكة 2676 حالة مشتبه بها و3 وفيات، فضلا عن 428 حالة في منطقة «نبع السلام» ووفيتان.
وعلى اعتبار أن مكافحة المرض ترتبط بمعالجة أسبابه وأهمها المياه والمنتجات الزراعية الملوثة، يوضح أطباء وباحثون مختصون بالأوبئة لموقع «الحرة» أن هذه النقطة تعتبر «إشكالية»، كون جهود وقف الانتشار لم تعد تقتصر على القطاع الصحي.
وتثير «الاستجابة الصحية والطبية القاصرة» مخاوف من توسع انتشار المرض وتضاعف أعداد الإصابات، ما ينذر بـ «كارثة أكبر»، بعيدة عن تلك التي تسود التحذيرات منها، وترتبط بأن يتحول المرض إلى «متوطن» في البلاد.
وتأخذ «الأوبئة»، في العادة فترة من 3 إلى 6 أشهر، حسب الكثافة السكانية، لكي تصل إلى «الذروة».
ورغم تخطي عدد الإصابات حاجز الـ 16 ألفا في سورية، إلا أنها ما تزال حتى الآن بعيدة عن المرحلة المذكورة.
ومع ذلك، يتوقع مدير برنامج اللقاح في «وحدة تنسيق الدعم»، الطبيب السوري محمد سالم «إصابات أكبر بكثير، خاصة في ظل التدبير السيئ للحالات والبنية التحتية المتهالكة وعدم مشاركة المجتمع الحقيقية لحماية نفسه».
وتقول الباحثة المختصة في الأمن الصحي والعلاقات الدولية بجامعة «أكسفورد» سلمى الداودي لموقع «الحرة» أن «الكوليرا مرض يمكن أن ينتشر بسرعة في البيئات التي تفتقر إلى مرافق مياه الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب، وذات الكثافة السكانية العالية».
وتحذر من «أن الفشل أو التأخير في الإعلان عن الحالات الوبائية، لا يسمح بتحديد مصادر تلوث المياه، مما يجعل المرض يستمر في الانتشار بمعدلات تتجاوز القدرات المحلية».