بيروت ـ عمر حبنجر
الخيبة التي مني بها التيار الحر، نتيجة وقوف مجلس النواب مع دستورية أداء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ظهر الخميس، والتفويض المجلسي الذي حصل عليه للمضي قدما في القيام بمهامها، كحكومة تصريف أعمال وضمن الحدود الدستورية، إلى السجالات التي خاضها رئيس التيار الحر جبران باسيل مع رئيس الحكومة، ومع النائبين ستريدا جعجع وجورج عدوان، تفجرت غضبا من جانب التياريين خلال حلقة من برنامج «صار الوقت» للإعلامي مرسيل غانم، عبر محطة «إم تي ڤي» التلفزيونية مساء اليوم نفسه.
وكأن التوتر الذي بدأ نهارا في جلسة مناقشة رسالة الرئيس ميشال عون إلى مجلس النواب قبل 24 ساعة من نهاية ولايته، طاعنا بصلاحية حكومة تصريف الأعمال الميقاتية بممارسة مهام رئيس الجمهورية في مرحلة الشغور الرئاسي، انفجر في المساء عنفا ورصاصا وتحطيم معدات داخل استديوهات القناة، من جانب من يطلقون على أنفسهم مسمى «الحرس القديم» للتيار.
وكشف صاحب البرنامج مرسيل غانم، بعد إقدام العناصر التيارية على تخريب أجهزة الاستديو وإتلاف بعض الأدوات التقنية، كالميكروفونات وصولا إلى تحطيم الأملاك العامة والخاصة خارج الاستديو، وإطلاق الرصاص تحديا واستفزازا، عن رسالة من أحد مناصري التيار الحر قبل الشروع بتصوير الحلقة قائلا «راح نفرجي مرسيل غانم الليلة».
وعرض غانم شريط ڤيديو يظهر سيدة موجودة داخل الاستديو، بين حضور البرنامج، وهي تتحدث عبر الهاتف قائلة لأحدهم «يلا فوتوا بسرعة»، أي ادخلوا بسرعة، في لحظة افتعال مناصري «التيار» العراك مع مشاركين آخرين من اتجاهات سياسية مختلفة.
وبدا أن غانم أدرك من العنف الكلامي الذي مارسه مناصرو التيار، ممن دخلوا الاستديو لمواكبة النائب التياري شربل مارون، المشارك في الحلقة السياسية، مع النائب التغييري وضاح الصادق، والتشويش المتعمد على المشاركين الآخرين، فحاول غانم، كما يبدو، احتواء تصرفاتهم بالمنطق حينا وبالتجاوب حينا آخر، وإلى حد السماح لأحدهم بالاقتراب من طاولة المحاورين على غير عادة، لكن سبق السيف العزل.
وناشد غانم رئيس التيار جبران باسيل التدخل، وتوجه إلى قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي لاستدراك الوضع، بعدما تحول العراك من داخل الاستديو إلى الباحات الخارجية، مصحوبا بإطلاق الرصاص وتحطيم واجهات المحطة، وامتدت الفوضى إلى بعض الأجهزة الأمنية، كما يقول المحامي إيلي محفوظ، واستمر الحال على هذا المنوال حتى وصول الجيش وسيطر على الموقف.
وقد يكون من باب الصدفة، أو الاستشعار المسبق، إطلاق قائد الجيش العماد جوزاف عون، وخلال اجتماع عام لقادة الألوية والوحدات وكبار الضباط، تحذيرا حازما من مغبة المسّ بالأمن، أو تحويل لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي إلى ساحة مفتوحة، وقال «ان الجيش غير معني بالتجاذبات السياسية، ولا ينحاز إلى أي طرف، ولن نسمح لأحد باستغلال الأوضاع الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية، ولن نتهاون مع أحد، ونعوّل على قيام المسؤولين بمسؤولياتهم وان ينتخبوا رئيسا للجمهورية، ولن نسمح بتعريض البلد للخضات الأمنية مع وجود المشككين والمحرضين مع الأسف»، وخلص إلى التأكيد على تماسك المؤسسة العسكرية، وقال «مستمرون في القيام بمهماتنا وضميرنا مرتاح».
وقال بيان لقناة «إم تي ڤي» ان من يسمون أنفسهم «الحرس القديم» في التيار الحر استعدوا عمدا للإشكال الذي حصل، وبدا واضحا انهم يغرقون في الفوضى، وسنترك التعامل معهم للقضاء، لكننا سنرفض حتى إشعار آخر استقبال هذا الجمهور الموتور، مع الترحيب بالضيوف المنتمين إلى التيار، للتعبير عن مواقفهم وموقف حزبهم.
وقرأ موقع «لبنان 24» في خطاب القائد عون، غمزا من قناة جبران باسيل، الذي حاول اتهام الجيش بـ «التفرج» على أحداث انتفاضة 17 أكتوبر، بحديثه عن المشككين بقدرات المؤسسة العسكرية وتماسكها.
وذهب البعض إلى اعتبار هذا الخطاب بمنزلة إعلان ترشح للرئاسة من جانب قائد الجيش، وهو مرحب به، كرجل تتطلبه المرحلة اللبنانية الراهنة.
وأصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية بيانا استنكرت فيه ما حصل في برنامج «صار الوقت»، معلنة تضامنها مع الزملاء والعاملين في قناة «إم تي ڤي»، ودعت القضاء اللبناني إلى وضع يده على هذا الحادث الخطير.
النائب جيمي جبور، عضو التيار الحر، ادعى في اتصال مع قناة «الجديد» أن الحرس القديم الذي جاء بعض عناصره بمواكبة نائب التيار شربل مارون اعتدي عليه من قبل حرس المحطة بعدما سمح لهم بالدخول، وقد رد عليه الإعلامي محمد بركات من داخل استديو «الجديد» مستغربا تواجد 70 شخصا داخل الاستديو وخارجه من جماعة التيار، ما يعني أن هناك من يتأبط شرا باستقرار الأوضاع في مرحلة الشغور الرئاسية.
في المقابل، أعلن النائب أشرف ريفي تضامنه مع المحطة ومع الإعلامي مارسيل غانم بوجه «البلطجية والتشبيح» الذي يمارسه من أفلسوا وطنيا، وحسنا فعل الجيش في ترجمة ما أعلنه قائده، كما أصدرت القوات اللبنانية بيانا استنكرت فيه الاعتداء على قناة «إم تي ڤي»، والذي تجاوز الإشكالات التي تكون بنت لحظتها.
إلى ذلك، تتجه الأنظار اليوم على منتدى الطائف الحواري الذي دعت إليه السفارة السعودية في بيروت، ويعقد في قصر الأونيسكو بحضور نحو 1000 شخصية لبنانية وعربية شاركت أو واكبت صدور اتفاق الطائف، بمناسبة مرور 33 عاما على إبرامه.
وقد استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين. كما تطرق البحث إلى موضوع «اتفاق الطائف» في ضوء اللقاء الذي يعقد السبت.
وتأتي هذه الندوة وسط كم من محاولات الإطاحة بهذا الاتفاق، إقليمية وداخلية، خاصة من جانب الفريق العوني، الذي خاض أكثر من حرب بوجه هذا الاتفاق إلى أن خرج من السلطة الرئاسية بـ «خفي حنين».
ويبدو أن جلسة الانتخاب الرئاسية الخامسة التي حددها رئيس المجلس نبيه بري الخميس المقبل ستتكرر كل خميس، حتى تقضي القوى الإقليمية وامتداداتها الخارجية الأمر وتخرج الرئاسة اللبنانية من دوامة الشغور.
بري الممسك بقرار الدعوة لانتخاب الرئيس كسر قاعدة اعتبار أن مجلس النواب يصبح في حالة الشغور هيئة ناخبة، ولا يحق له القيام بأي عمل آخر، بدعوة اللجان النيابية إلى الاجتماع، لدراسة بعض القوانين.