ودعت اسطنبول امس ضحايا «التفجير الارهابي» الذي ضرب شارع الاستقلال في منطقة تقسيم واسفر عن مقتل 6 مدنيين من ثلاث عائلات، فيما اعلنت السلطات الامنية القبض على المتهمة بتنفيذ التفجير خلال أقل من 12 ساعة.
فقد وقع التفجير الساعة الرابعة و20 دقيقة من عصر يوم الاحد، وتم القبض على المشتبه بضلوعها في الساعة الثانية و50 دقيقة فجر الإثنين، بحسب ما اعلنت السلطات التركية.
ووجهت الاتهامات للمسلحين الأكراد الذين يسيطرون على شمال شرق سورية بالوقوف خلفه. وقالت الشرطة التركية ان الشابة المتهمة بوضع القنبلة في الشارع المزدحم تحمل الجنسية السورية، وانها اعترفت بأنها تصرفت «بأمر من حزب العمال الكردستاني» المعروف اختصارا بـ «بي كي كي».
واتهم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الحزب بالمسؤولية عن الاعتـــداء، قائـــلا «وفقـــا لاستنتاجاتنا، فإن منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية هي المسؤولة» وهو ما نفاه الحزب في بيان.
وأوضح أن التقديرات الأولية تشير إلى أن التعليمات بتنفيذ التفجير صدرت من مدينة عين العرب (كوباني) التي يسيطر عليها الأكراد شمال سورية، وأن المنفذة عبرت إلى تركيا تهريبا من منطقة عفرين.
وأشار صويلو إلى أن تفجير اسطنبول امس الأول يعد الأول الذي تشهده إسطنبول منذ 6 أعوام، مبينا أن قوى الأمن تمكنت من إحباط نحو 200 عمل إرهابي خلال العام الحالي.
وقال عقب زيارته موقع التفجير أمس إن قوات الامن «ألقت القبض أيضا على الشخص الذي أمره التنظيم بقتل منفذة التفجير» لإخفاء معالم الجريمة.
وذكرت تقارير أن الشابة تدعى أحلام البشير ودخلت بطريقة غير شرعية إلى تركيا، مرورا ببلدة عفرين التي يسيطر عليها جنود أتراك وسوريون شمال سورية.
وأوضحت الشرطة أن المتهمة اعترفت بأنها تصرفت بناء على أوامر حزب العمال الكردستاني، وتلقت تعليمات في كوباني شمال شرقي سورية وتلقت تدريبات على يد وحدات حماية الشعب الكردية «ي بي جي» التي تعتبرها انقرة الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف ارهابيا في اوروبا واميركا. وقال صويلو إن المتهمة كانت تستعد «للفرار إلى اليونان». وأعلن أنه تم توقيف 46 شخصا على خلفية الاعتداء.
وكانت العبوة مكونة من مادة «تي إن تي شديدة القوة»، وفق الشرطة التي أكدت أنها عثرت في الشقة التي تم القاء القبض على المشتبه بها داخلها في احد احياء اسطنبول القديمة، على مبلغ كبير من المال باليورو وعملات ذهبية في كيس، بالإضافة إلى مسدس وخرطوش.
ومن بين الضحايا، وجميعهم من الأتراك، فتاة تبلغ من العمر تسعة أعوام قتلت مع والدها، وفتاة تبلغ من العمر 15 عاما توفيت مع والدتها، وقد أعلن الممثل التركي نور الدين اوتشار ان الشابة التي قتلت في التفجير هي ابنته يغمور إضافة الى والدتها (طليقته).
وتحدث وزير العدل بكر بوزداغ عن «حقيبة» وضعت على مقعد، وقال «جلست امرأة على مقعد لأربعين الى 45 دقيقة ثم وقع انفجار».
وقد تمت إعادة فتح شارع الاستقلال بالكامل أمس، غداة إغلاقه جزئيا بعد الانفجار، لكن أزيلت جميع المقاعد منه.
وتغطي سجادة حمراء مكان الانفجار حيث يضع المارة أزهارا.
وغادر خمسون شخصا المستشفى بعد هجوم الأحد الذي أثار مخاوف من أن تستهدف تركيا بمزيد من التفجيرات والهجمات المماثلة لسلسلة الهجمات التي تعرضت لها بين منتصف 2015 و2017.
وقال مكتب محافظ إسطنبول إن من بين خمسة مصابين يجري علاجهم في الرعاية المركزة إثر هجوم الأحد هناك اثنان في حالة حرجة. وهؤلاء الجرحى من بين 31 مصابا مازالوا في المستشفى.
ومن التداعيات السياسية للتفجير الذي جاء في خضم موسم انتخابي مستعر، توتير العلاقات بين واشنطن وأنقرة التي رفضت تقبل التعازي الأميركية، وقال صويلو في تصريحات متلفزة «لا نقبل رسالة التعزية من السفارة الأميركية. نرفضها».
وأضاف: «نعرف من يدعم الإرهاب في شمال سورية، ونعرف الرسالة التي أرادوا إيصالها لتركيا من خلال هذا الهجوم».
وشدد صويلو على أن «من يدعم المنظمات الإرهابية في شمال سورية هو من نفذ الهجوم ضدنا»، في اتهام ضمني للولايات المتحدة التي تقدم دعما ماديا وعسكريا للميليشيات الكردية منذ اطلاق المعركة ضد تنظيم «داعش».
وردت السفارة الاميركية على صويلو بالقول إن «الولايات المتحدة تدين بشكل قاطع كافة اشكال الارهاب ونتضامن مع تركيا حليفتنا في الناتو»
واشتهرت مدينة «كوباني» بالمعركة التي سمحت في العام 2015 للميليشيات الكردية بصد تنظيم داعش، بدعم أميركي.
ولاتزال تسيطر عليها حاليا قوات سوريا الديموقراطية «قسد» التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية.
وحزب العمال الكردستاني أيضا في قلب المواجهة بين السويد وتركيا التي تعرقل دخول ستوكهولم إلى حلف شمال الأطلسي منذ مايو بتهمة ايواء عناصر وقادة التنظيم الذين طالبت أنقرة بتسليمهم في مذكرة تفاهم وقعت في يونيو مع السويد وفنلندا الراغبة هي أيضا في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.