ياسر العيلة
الفنان الذي له قيمة كبيرة يستطيع أن يترك بصمة بارزة في الناس دون مجاملات، لذلك لا اعتقد ان «فنان العرب» محمد عبده يتكرر مرة أخرى، لأنه سابق لعصره، طموح لدرجة كبيرة، لديه رغبة قوية في التطوير والتغيير، فهو دائما ما كان شخصا مؤثرا واستطاع أن يجعل أداءه مغايرا تماما عن الآخرين، ولا يعود الفضل في نجاح عبده لأي سبب سوى عبده نفسه، فهو من يختار كلماته وألحانه، ولديه من الذكاء أن يعرف ما الذي سيعلق في أذهان الجماهير، لذلك من الصعب أن يتكرر مرة أخرى، وبالإضافة إلى قيمته الفنية الكبيرة تمكن من التسلل إلى وجدان وإحساس وشعور وقلوب كل الجماهير، لأنه كان الأقرب الى الناس وتشعر بأنه أحد أفراد عائلتك أو صديقك.
ومن وجهة نظري، استمرارية نجومية محمد عبده حتى يومنا لأن أغانيه كانت بمنزلة محطات لذكريات معينة في حياة كل منا، فهو عندما يغني يشعرك بأنه يغني لك وحدك، ويعبر بإحساس صادق عما في دواخلنا فتعلقت به القلوب، فكل أغنية قدمها لها ذكرى وكل الذكريات تطيل العمر حتى لو كان في بعضها ألم.
المقدمة السابقة هي مجرد تفسير بسيط لما شاهدته مساء أول من امس في الحفل الفخم لـ «فنان العرب» محمد عبده والذي أقيم في قاعة «الأرينا» بمجمع 360 والتي امتلأت عن آخرها بمحبي وعشاق ابوعبدالرحمن، حيث تعدى الحضور اكثر من 5 آلاف شخص، فكانت ليلة طربية بمعنى الكلمة استمرت اكثر من اربع ساعات من دون توقف.
في بداية الحفل، صعدت المذيعة نورة الحميضان على المسرح وقدمت «فنان العرب» بكلمات منتقاة وبشكل متميز استحقت عليه إشادة الجمهور الذي استقبل عبده بعاصفة من التصفيق والهتاف تقديرا لمكانته وتعبيرا عن حبهم وعشقهم لهم، والذي بدوره بادلهم المحبة قائلا «حبايبي أنا مشتاق للكويت وأهلها».
وقدم عبده خلال الحفل، الذي صاحبته فيه الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو وليد فايد، 18 أغنية من أهم أعماله التي اشتهر بها، وكانت البداية بـ «قسوة» التي لم يتوقف الحضور عن ترديد كلماتها معه لحظة واحدة، و«ما شاء الله» ظهر «فنان العرب» وكأنه شاب في مقتبل العمر بصوت يزداد حلاوة مع مرور السنين، وجال مع محبيه المتحمسين جدا بين محطاته الغنائية، وشدا بـ «سيد الغنادير» و«الله اقوى»، كما غنى لأول مرة «الملامح» كلمات المستشار تركي آل الشيخ، وسط تفاعل كبير، ليقدم بعدها أغاني «البساط احمدي، عنود الصيد، جمرة غضى، لعتني، نوى القلب، اقرب الناس، مذهلة»، وأشعل الحماس بأغنية «على البال»، مما جعل «فنان العرب» يزيد من جرعة الطرب فقدم «لك حق تزعل» و«شاشايلة الظبي» و«كل ما نسنس» و«يا غالي الأثمان» و«يا متلف الروح».
واختتم محمد عبده الحفل بأغنية «ايوه» ليسدل الستار على ليلة استثنائية بمعنى الكلمة اكد خلالها عبده انه حالة فريدة من نوعها لم تتكرر، فبالرغم من تعاقب أجيال من المطربين عليه خلال مشواره الفني لم يستطع أحد أن يزحزحه من مكانه في قلوب الناس.
فنان العرب لـ «الأنباء»: فعلاً أنا محظوظ
في تصريح خاص لـ «الأنباء» قال المطرب الكبير محمد عبده: أنا محظوظ لأنني عشت وشاهدت الطفرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية في كل المجالات بشكل عام والمجال الفني بشكل خاص حتى نطمئن على مستقبل الفن وتطوره وليسعد به الجمهور السعودي في ظل صاحب الرؤية اليوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يقدم للأبناء والأحفاد مستقبلا باهرا تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.