بيروت ـ عمر حبنجر وداود رمال
بعدما أضاء الدولار الأميركي شمعته الثمانين، في أسواق بيروت السوداء، وأشعل بلهيبها مداخل العديد من المصارف، وصولا إلى حديقة منزل رئيس جمعية المصارف، سليم صفير، عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعا طارئا مع وزير المال يوسف خليل وحاكم البنك المركزي رياض سلامة، جرى خلاله البحث في الخطوات الضرورية للجم الدولار ومنها دفع المصارف الى تعليق اضرابها المفتوح، حتى لا تتدحرج كرة النار أكثر فأكثر.
لكن الاجتماع المالي لم يتوصل إلى حلول ملموسة، بعدما أكد الحاكم سلامة، أن المصرف المركزي، لم يعد باستطاعته منفردا، التأثير في سوق الصرف، اذا لم تواكبه إجراءات حكومية.
وأمام الفوضى النارية التي شهدتها المصارف يوم الخميس، استشعر رئيس الحكومة مخاطر أمنية مزعزعة للاستقرار فكانت دعوته مجلس الأمن المركزي للانعقاد، وللمرة الأولى في السراي الحكومي، وكأن المشكلة امنية، وليست مالية افسادية، تجاوزت قدرات السلطة على الاحتواء.
وترأس الرئيس ميقاتي الاجتماع، بمشاركة وزير الداخلية بسام مولوي وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وقادة الاجهزة الامنية، والنائب العام التمييزي غسان عويدات.
وقدم ميقاتي في مستهل الاجتماع التعازي بقتلى الجيش الثلاثة الذين سقطوا أمس الأول في عملية في البقاع.
واضاف: «لفت نظري قول البعض إن اجتماعنا جاء متأخرا، فيما الحقيقة أن مدماكين أساسيين لايزالان يشكلان سدا منيعا للدولة وهما رئاسة الحكومة والمؤسسات التي تمثلونها. نحن نبذل كل جهدنا للحفاظ على سلطة الدولة وهيبة القوانين، خصوصا في ظل الاهتراء الحاصل في كل ادارات الدولة ومؤسساتها. من أبرز ما تحقق هو الامن المضبوط».
وتابع: «أوحت الاحداث الامنية التي حصلت في اليومين الفائتين، وكأن هناك «فقسة زر» في مكان ما، ومن خلال متابعتي ما حصل من أعمال حرق أمام المصارف سألت نفسي هل فعلا هؤلاء هم من المودعين أم أن هناك ايعازا ما من مكان ما للقيام بما حصل؟».
وبعد الاجتماع قال وزير الداخلية بسام مولوي: «اقول لكل الشعب اللبناني بأن الأمن يتعامل مع النتيجة، وأن الحل ليس لدى القوى الأمنية والعسكرية، بل في مكان آخر يبدأ بالسياسة وينتقل الى الاقتصاد، وهذا الموضوع يؤسس لحل أمني مستدام. القوى الأمنية والعسكرية تتعامل مع النتيجة وتنجح في التعامل معها، وأؤكد لجميع اللبنانيين بأننا نعيش ظروفا صعبة وبأن أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية أفضل بكثير من الظروف التي يعاني منها الشعب اللبناني».
سياسيا، أعلن تكتل لبنان القوي برئاسة جبران باسيل رفضه المشاركة في الجلسة التشريعية التي قد تتم الدعوة إليها.
وكان التكتل عقد اجتماعا، امس، بحث فيه التطورات وأصدر بيانا قدم فيه التعازي في الجنود الذين سقطوا في البقاع.
واضاف: «في ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، يؤكد التكتل رفضه وإدانته لاستخدام العنف والاغتيال كوسائل للعمل السياسي وتمسكه الدائم بالحقيقة ويعتبر أن هذه المناسبة الوطنية الأليمة أظهرت الحاجة والضرورة الوطنية لجهة الحفاظ على جميع المكونات اللبنانية وتوازنها واحترام إرادتها في التعبير عن ذاتها، وعدم اشعارها بأي انتقاص او شعورها بأي احباط».
ورصد التكتل ما وصفه بـ«حملة مقصودة لتشويه موقفه من موضوع عقد جلسة تشريعية في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية»، وعليه كد التكتل بوضوح أنه لن يشارك في الجلسة التي قد تتم الدعوة إليها، إذ «ان انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الدستوري الوحيد لعمل طبيعي من الحكومة ولتشريع عادي من مجلس النواب».
ودعا التكتل «المزايدين في رفض الجلسة التشريعية الى التعبير لنفس الأهداف عن رفضهم لانعقاد مجلس الوزراء وصدور قرارات عنه بشكل عادي وغير شرعي بغياب حضور وتواقيع عدد وازن من الوزراء في ظل غياب رئيس للجمهورية ووجود حكومة ناقصة الشرعية وفاقدة للصلاحيات. ويعتبر التكتل أن انعقاد مجلس النواب في حال وجود سبب قاهر أو استثنائي وضروري وطارئ أو مصلحة وطنية عليا تستدعي التشريع أمر يصبح بديهيا وهذا لا ينطبق على طلب عقد الجلسة او على اختصار جدول أعمالها أو تكبيره».
وحمل التكتل «حكومة تصريف الأعمال المتأزمة المسؤولية عن التقاعس في القيام بواجباتها وفي ترك الناس يواجهون الأوضاع كأنها قدر محتوم، فيما تتفرج الحكومة على غليان الشارع وكأنها غير معنية، ويعقد رئيسها اجتماعات فولكلورية تحت عنوان معالجة الأوضاع المالية والنقدية بحضور حاكم مصرف لبنان المتهم الأول بالتسبب بالفوضى المالية والنقدية وعدم التزامه بقانون النقد والتسليف وهو يتفرج بدوره على إضراب المصارف وكأنه غير معني او مؤثر بها».
ودان التكتل «الإضراب المفتوح الذي أعلنته جمعية المصارف والذي يعاقب اللبنانيين».
ويعني موقف التكتل هذا سحب الميثاقية المسيحية من اي جلسة تشريعية يعقدها المجلس.
ويفترض أن تجتمع هيئة مكتب مجلس النواب الاثنين، لتحديد موعد الجلسة التشريعية التي من دونها لن يكون هناك موعد لجلسة انتخاب رئاسية، كما يبدو، ولا استقرار لسوق القطع أيضا.
وتجدر الإشارة إلى الجولة الاستطلاعية التي بدأها راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان ابو نجم على رؤساء الأحزاب المسيحية والتباحث معهم بالمبادرات المطروحة، وقد استهل جولته بلقاء جبران باسيل. وتأتي جولة المطران ابي نجم بعد تعذر جمع الزعماء المسيحيين في بكركي.