بيروت - عمر حبنجر
الحسابات الرئاسية في لبنان ما زالت مشوشة، بل وتميل أكثر نحو الاستعصاء، رغم الاهتمامات الأوروبية بأن يكون الاجتماع الخماسي المقترح في باريس خلال مارس الجاري، أكثر إسهاما في إخراج الاستحقاق الرئاسي اللبناني من عنق زجاجة الانقسامات الداخلية، المرتبطة غالبا بأوتاد خارجية. ومع ارتفاع لهجة الخطاب الطائفي، تباعدت نقاط الالتقاء بين السياسيين، خصوصا بعدما حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري سقف التفاوض بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وهو خيار رفضته قوى المعارضة التي تخوض المعركة الرئاسية بمرشح معلن هو النائب ميشال معوض، واعدة بإسقاط أي محاولة للإتيان برئيس، ينام على وسادة «حزب الله» والقوى الممانعة الحليفة.
ومن هنا الاحتدام السياسي حول نصاب جلسة الانتخاب المقبلة، والتي يفترض أن يتأمن بـ86 صوتا، وهذا يستحيل على ثنائي «أمل» و«حزب الله» وحلفائهما تأمينه، دون إحدى كتلتين نيابيتين وهما «الجمهورية القوية» برئاسة د.سمير جعجع و«لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل، وبما أن موقف «القوات» وحلفائها حاسم برفض تأمين النصاب لجلسة انتخاب «مرشح حزب الله» للرئاسة، يتعين توقع المزيد من التواصل الايجابي مع جبران باسيل، الذي يدير حربا غير معلنة مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، عبر وزير الدفاع موريس سليم لعرقلة وصول القائد إلى بعبدا.
وفي هذا السياق صدر موقف حاسم لرئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل من موضوع المشاركة في جلسات الانتخاب المتوقعة، حيث اعتبر، في حديث لقناة «أم تي في»، أن الرئيس نبيه بري لم يعد رئيسا حياديا لمجلس النواب، بل أصبح فريقا سياسيا يفتح المجلس وفق ما يناسب فريقه.
وأضاف: لو وصلوا إلى 65 صوتا، لكانوا عقدوا جلسة انتخابية، وعلينا المتابعة بدقة لعملية التصويت، وأي جلسة مدبرة لمرشح «8 آذار» لن نؤمن نصابها.
من جهتها، النائبة ستريدا جعجع، قالت، أمس، إن رئيس مجلس النواب يدير معركة سليمان فرنجية الرئاسية.
وأضافت: ما قلنا انه سبب لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، أصبح اليوم حقيقة، فللمرة الأولى، منذ ستة أشهر يخرج الرئيس بري عن صمته الرئاسي ويكشف أوراقه ليتبين ان دوره لا يقتصر فقط على إدارة جلسات الانتخاب من موقعه كرئيس لمجلس النواب، إنما يشمل أيضا، إدارة معركة انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وهو يلعب هذا الدور من موقعه السياسي كحليف لـ «حزب الله» وكراع أساسي لفرنجية.
ورأت النائبة جعجع انه في ظل عدم وجود بارقة أمل لحل الأزمة، فعلى الشعب اللبناني أن ينتفض لمصالحه!
ووسط هذا الخضم السياسي، تحدثت «النهار» البيروتية عن اتجاه لدى البطريركية المارونية إلى توجيه دعوات لجميع النواب المسيحيين للاجتماع في بكركي بعد تحضير جدول الأعمال والنقاط التي يتضمنها البيان الذي سيصدر عنه.
ويبدو أن هذا الطرح فرض نفسه بعد استكمال المطران انطوان أبو نجم جولته التشاورية على الشخصيات المارونية المؤثرة، بتكليف من البطريرك بشارة الراعي ودون التوصل الى قواسم مشتركة واضحة.
وتراهن الأوساط السياسية في بيروت، على ما يمكن ان يقوله الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، في الموضوع الرئاسي، خلال إطلالته المقررة، عصر اليوم الاثنين، مع الإشارة الى أنه لم يسبق لنصر الله أو حزبه أن تبنوا ترشيح سليمان فرنجية، رسميا وعلنا، كما فعل بري الذي كان سباقا في هذا المجال.
ويتمدد الرهان ليشمل زيارة وفد «حزب الله» برئاسة رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى موسكو، هذا الأسبوع، بناء لدعوة روسية.
وتأتي هذه الزيارة بعد سلسلة اتصالات تحضيرية اجراها موفد الرئيس فلاديمير بوتين إلى المنطقة، السفير مخائيل بوغدانوف، وخلص بنتيجتها إلى ان المشكلة الداخلية في لبنان محورها ثنائيان هما: الثنائي الشيعي المتحالف ممثلا بـ «حزب الله» و«حركة أمل»، والثنائي الماروني المتحارب ممثلا: «بالقوات اللبنانية» و«التيار الحر»..
وتقول المصادر المتابعة إن اجواء موسكو ترى في سليمان فرنجية، حالة وطنية.. علما ان زيارة وفد الحزب إلى موسكو تنطوي على جدول أعمال أوسع من ملف الرئاسة اللبنانية.
ويبدو أن ارتفاع منسوب التحريض الطائفي، لن يعيق الاستحقاق الرئاسي وحده، بل الاستحقاق الانتخابي البلدي والاختياري، أيضا، المرتقبين، هذا الربيع.
فرغم اصرار وزير الداخلية بسام مولوي على إجراء الانتخابات البلدية (1400 مجلس بلدي في لبنان) وأضعافهم من المختارين بدأت المحاولات السياسية لتطيير هذين الاستحقاقين، من خلال طرح قانون جديد للبلديات على بساط البحث، فيما الحكومة، حكومة تصريف أعمال، ومجلس النواب هيئة ناخبة، وأي قانون يطرح للنقاش سيكون رافضوه أكثر من مؤيديه.