في حب الوطن يخفق القلب ويلبي القلم النداء، وتاريخ الكويت يزخر بكل معاني الفخر والعزة والمجد والبطولة، هذا الوطن العزيز العريق الذي يحوي بين جنباته سمات الكفاح ويشهد ترابه على أجيال مرت عليه رسمت ملامح هذا الوطن وحفرت اسم الكويت بأحرف من ذهب على صفحات من النور، تضيء الطريق للعزة والنزاهة والكرامة.
وكعادتي في شهر مارس من كل عام، أحيي ذكرى معركة الصريف، وألقي الضوء عليها ولكن بطريقتي الخاصة التي أستكشف بها سبل العزة والفخر والتلاحم بين أبناء هذه الأرض الطيبة قديما وحاضرا.
لقد مرّ على معركة الصريف 122 عاماً والتي كانت بقيادة حاكم إمارة الكويت سمو الشيخ مبارك الصباح وأخيه شهيد المعركة جدي سمو الشيخ حمود الصباح، رحمهما الله وطيب الله ثراهما وجعل الجنة مأواهما وسائر شهدائنا الأبرار، تلك المعركة كانت نموذجا للشجاعة والتلاحم بين جميع القبائل التي استوطنت هذه الأرض الطيبة والتي كانت من بينها العوائل اليهودية والمسيحية ورغم قلة عددهم إلا أنهم شاركوا مع إخوانهم في الوطن خلال تلك المعركة في موقف تجلت فيه الوحدة الوطنية في أبهى صورها، وذلك كان له الأثر الكبير لاحقا في سبق الكويت على أشقائها في منطقة الخليج فيما يتعلق بالتعددية والوحدة الوطنية والدستور الذي رسخ للديموقراطية والحياة البرلمانية، ما جعل الجميع يطلق على الكويت لقب «لؤلؤة الخليج».
والحقيقة الواضحة الجلية أن الله سبحانه وتعالى سخر لنا في كل جيل رجالا يحملون راية الوطن ويتحملون أعباءه ومسؤولياته متفانين في خدمة أبنائه، هؤلاء الرجال هم كالأنبياء في أقوامهم يهتدي بهم الناس لجادة الخير والصواب، ويسلمون الراية جيلا بعد جيل للحفاظ على المكتسبات التاريخية والوطنية.
لذلك أقولها وبكل وضوح، إن نسل العزة والكرامة لم ولن ينقطع، ولقد شهدت بنفسى وأنا ابنة الأسرة الحاكمة العريقة خير خلف لخير سلف، وأخص بالذكر على سبيل المثال وليس الحصر الشيخ ناصر صباح الأحمد، والشيخ خالد اليوسف الصباح، رحمهما الله وطيب الله ثراهما، وما كانا يحملانه من حب وتضحية وإخلاص وتفان لرفعة هذا الوطن، والحقيقة أنهما كانا نموذجين للنزاهة والعفة وصلة الرحم، فقد كان الشيخ ناصر صباح الأحمد، رحمه الله، قائدا بدرجة مقاتل في أرض المعركة ضد الفساد وكان حكيما مثقفا عطوفا لا يتوانى في نصرة الضعيف والمظلوم، وكان مثيله الشيخ خالد اليوسف الصباح والذي تحل ذكرى وفاته 12 من مارس الجاري قياديا رياضيا ناجحا في فترة رئاسته لنادي السالمية والذي توج معه بالعديد من البطولات في مختلف الألعاب، وكان بحسه الإنساني الرفيع داعما لأبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة في كافة المجالات، وكلاهما كانا داعمين للشباب وخاصة شباب العائلة، وكانا رحمهما الله بنهجهما الرجولي المستقيم يحافظان على وحدة صف أفراد العائلة ويمتصان حماس الشباب بالحكمة والموعظة الحسنة، فكانا خير قدوة ومثل أعلى لقوة الشخصية والحكمة والتضحية.
وعلى المستوى الشخصي، كنت أرى فيهما جينات الفرسان النبلاء، وكم أرجو وأتمنى أن يحذو شباب الوطن حذوهما ويتخذانهما قدوة في التحدي والإصرار والنجاح والبر والعمل الصالح، لأن الإخلاص والصدق في القول والعمل هما السبيل الوحيد للنجاة والنجاح.
في ذكرى معركة الصريف، نحيي كل ذكرى طيبة لأبناء الكويت الحبيبة، وأن جينات البطولة والإخلاص لا بد أن تستمر من ماض عريق إلى حاضر نرجوه خيرا برجال أوفياء وهبوا حياتهم بصدق وإخلاص لرفعة هذا الوطن العزيز.
وفي هذه الذكرى المجيدة الموافقة لشهر شعبان، ونحن على أبواب شهر رمضان المعظم، أتوجه إلى والدنا صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حفظهما الله، بأسمى آيات التهاني والتبريكات، داعين الله عز وجل أن يوفقهما لما فيه الخير لوطننا الحبيب، وكل عام وأنتم بخير.