قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل في حديث قدسي «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة»، وللصوم فضائل عظيمة وجليلة، فيجب على كل مسلم اغتنامها وما أحوجنا إلى التأسي برسول الإنسانية. حول فضائل هذا الشهر العظيم، يحدثنا د.عيسى الظفيري.
أهلاً رمضان
يعدد د. الظفيري فضائل رمضان المتعددة فيقول: شهر رمضان شهر اصطفاه الله عز وجل من بين الشهور واختصه بفضائل كبيرة وهي رحمات من الله عز وجل بالعباد، فهو شهر جعل الله سبحانه وتعالى فيه الخير وفيرا وكثيرا والأجر كبيرا، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه عز وجل: « كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به». إن هذا الاصطفاء والتفضيل من الله عز وجل لرمضان وللعمل الصالح فيه، رحمة من رحمات الله عز وجل الكثيرة بالعباد، فهذا الشهر بأيامه المعدودة فضلت فيه الأعمال، بل ان الله عز وجل هيأ الزمان والمكان لإقبال العبد على طاعته سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين» فالجنان تفتح أبوابها والنيران تغلق أبوابها ومردة الشياطين تصفد لتندفع النفوس وتقبل القلوب وتشمر السواعد وترص الصفوف طاعة لله عز وجل ولتتضافر الجهود تعاونا على البر والتقوى.
وأضاف د. الظفيري معددا فضائل الشهر الكريم : بل ان النبي صلى الله عليه وسلم يزيدنا اقبالا على رمضان بالعمل الصالح فيقول صلى الله عليه وسلم: «إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة» عتقاء من النار في كل يوم وليلة، ياله من فوز يالها من سعادة ان يستشعر العبد في يومه وليله، انه قد اعتق من النار بفضل الله عز وجل؛ لأنه كان عبدا طائعا لله تعالى.
ونادى الظفيري قائلا: يا أيها المسلم، أيتها المسلمة لنستبشر جميعا بهذه الفضائل ولنستعد لهذا النور، ولننهل من هذا الكرم العظيم.
وأكد د. الظفيري ان شهر رمضان هو شهر التربية الاخلاقية، موضحا ذلك بقوله: قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم» متفق عليه. ورسولنا صلى الله عليه وسلم يصحح مفهوم العبادة عند المسلمين، فالبعض يتمسك ببعض الشعائر التعبدية، ويظهر بذلك انه قد استكمل العبادة وحقق مفهوم العبودية لله عز وجل، فتجده صائما ممسكا عن الطعام والشراب، الا ان اخلاقه لا تتناسب مع الصيام فيشتم ويلعن ويتعدى ويظلم ويكذب ويغتاب ويسخر ويستهزئ ويتجرأ على شهادة الزور، مؤكدا ان رمضان مدرسة للاخلاق الفاضلة، فإمساك عن الطعام والشراب بل إمساك عن مواجهة الإساءة بالإساءة، ومقابلة الظلم الواقع على المسلم الصائم بالعفو والصفح، وهذا التحلي بالأخلاق الحسنة والصفات الكريمة هو انتصار للقيم والمبادئ واشاعة للفضائل والأخلاق وارغام للشيطان وتربية للنفس طوال السنة، والتحلي بالحلم وكظم الغيظ واستشعار للأجر والثواب عن الله عز وجل؛ لأن المسلم يستطيع ان يقابل الكلمة بكلمات والفعل بأفعال، ولكن ابتغاء وجه الله في هذه الأخلاق يلزمه الإمساك والالتزام بأخلاق المسلم الصائم الطائع لربه والمدرك لمفهوم العبادة الشاملة. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)، مشيرا الى ان هذه الاخلاق الفاضلة في رمضان تتمثل في التسامي على الجراح ونبذ الخلاف وإصلاح ذات البين وإنهاء الخلافات بين الجيران والاصحاب والارحام. قال تعالى: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُشْرِفَ لَهُ الْبُنْيَانُ ، وَتُرْفَعَ لَهُ الدَّرَجَاتُ ، فَلْيَعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَلْيُعْطِ مَنْ حَرَّمَهُ وَيَصِلْ مَنْ قَطَعَهُ ». وأكد د.الظفيري ان هذه هي الاخلاق التي تجعل المسلم يتجاوز الخلافات ويقبل على الطاعة في الاصلاح، بل يكون هو المبادر ليكون هو الأفضل، كما جاء في الحديث الشريف «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».