«الضمير».. هذه الكلمة عندما تطرق حروفها الأعصاب السمعية ويترجمها الدماغ البشري تحدث سكونا عميقا في الوجدان لدى أصحاب الفطرة السوية غير الملوثة بتعاملات الحياة المادية البحتة من طمع وتبادل المنافع على حساب القيم الأخلاقية، «الضمير» أو الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها هي آخر حصن نلجأ إليه لنحافظ على ما تبقى من نقاء سريرة، هذا النقاء يواجه حربا ضروسا لا هدنة فيها ولا هوادة، هي حرب مرهقة للأعصاب تكلفتها عالية وضحاياها يزيدون يوما بعد يوم تحت وطأة الحاجة أو استغلالا لضعف النفس البشرية أمام مغريات الدنيا وزينتها.
لذلك نجد أن الرسالات السماوية اهتمت بتزكية النفس البشرية وجعلتها أساس المنهج الأخلاقي وميزان الفصل بين الخير والشر، وقد أخبرنا المولى سبحانه وتعالى في محكم التنزيل عن النفس قائلا جل وعلا.. (ونفس وما سواها (7) فألهمها فجورها وتقواها (8) قد أفلح من زكاها (9) وقد خاب من دساها (10) «الشمس: 7 - 10»، وقد أخبرنا الله جل وعلا في هذه الآيات الكريمات بأن للتقوى والفجور فريقين، ولكل فريق جنود فمن غلبت تقواه فجوره فهو في معسكر الخير، ومن غلب فجوره تقواه فهو في معسكر الشر والخسران المبين.
لقد أصبح التعايش بين أتباع الأديان والملل والطوائف المختلفة ضرورة حتمية، وأصبح العبء ثقيلا على الضمير الإنساني في هذه الحرب الطاحنة بين جنود الحق وفطرتهم السوية وجنود الباطل وخبث سريرتهم، لقد أصبحت حياتنا الطبيعية وقيمنا الأخلاقية في مجرى سيل الانتهازية وأطماع ذوي الأنفس الشحيحة وأصبح قول الحق ونصرته ثقيلا إلا على فئة قليلة من فرسان الكلمة سلاحهم الوحيد هو القلم لإنارة السبيل وهداية الحيارى وردع الظالمين.
إن التعايش بين جميع الأديان هو السبيل الوحيد للأمن والسلام الدولي، وقد أحسنت منظمة الأمم المتحدة في جمعيتها المنعقدة بتاريخ 25 يوليو 2019 باختيارها يوم 5 أبريل من كل عام يوما دوليا للضمير، وهي إحدى محاولات المنظمة الدولية لإيقاظ الضمير البشري بتخصيص عدة أيام على مدار السنة للتعايش والأخوة والضمير والسلام لتذكير العالم وإفاقته من سباته ونحن ننجرف إلى حرب عالمية ثالثة لا يستمع أطرافها لصوت العقل والضمير.
لذلك لا زلت أكتب وسأكتب عن حتمية التعايش السلمي وأناشد كل المسؤولين أن نحيي هذه الأيام العالمية التي لا يكاد يسمع بها أكثر الناس، يجب على كل حكومات العالم أن تعمم على جميع وزاراتها وهيئاتها وسفاراتها ضرورة الاهتمام تحديدا بذكرى الأيام الدولية للأمم المتحدة المتعلقة بالجانب الإنساني من تعايش وأخوة وسلام وأن نتوقف عندها كثيرا وأن لا صوت يعلو على صوت الضمير الإنساني حتى ننتصر للأمن والسلام لجميع شعوب الأرض.
لقد أصبحت قضية حياتي هي السلام والنزاهة والشفافية، والقضاء على الفساد بكل صوره، أصبحت أنشد عالما خاليا من الحروب والضغائن وفساد الذمم، وكلي رجاء وأمل في الله سبحانه وتعالى أن تستيقظ الهمم والضمائر الحية لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، نسأل الله العفو والعافية والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر.